غزة 7-2-2025 وفا- الدمار في كل مكان، ورغم ذلك احتضن مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة أخيراً العديد من أبنائه الذين أجبروا على النزوح منه خلال حرب الإبادة الإسرائيلية التي تواصلت على مدار 15 شهرا.
الأهوال التي عادوا إليها تفوق الخيال. فبين أنقاض المنازل والعربات المحطمة والشوارع المجرفة، تكمن ذكريات سكان هذا المخيم الذين عادوا إلى أرضهم، حتى لو كان ذلك يعني أنهم سيفترشون الأرض ويلتحفون السماء.
في منطقة تل الزعتر في مخيم جباليا، عاد عبد الرحيم سلمان ليجد منزله مدمرا بالكامل. وفي حوار مع "أخبار الأمم المتحدة"، قال: "بصراحة، عندما رأيت المنزل صرخت. تذكرت والدي ووالدتي. رائحتهما في المنزل، والآن ضاعت ذكرياتهما".
وقال سلمان إن أحد أشقائه استشهد في الحرب، وأصيب آخر مع أفراد آخرين من العائلة، حيث يحتاج اثنان منهما إلى إجلاء طبي عاجل من غزة فيما ينتظران دورهما لمغادرة القطاع.
وأكد أن الوضع الإنساني في المخيم لا يزال صعبا للغاية على الرغم من الإمدادات المتزايدة التي دخلت القطاع منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير.
وأضاف: "وضع المياه صعب للغاية، وكذلك النقل. يتعين علينا السير على الأقدام بين تل الزعتر ومدينة غزة. المسافات طويلة جدا. نأمل أن تعود الأونروا أقرب إلينا كلاجئين في الشمال".
وقال سلمان إنه وعائلته يعيشون في خيمة الآن، ويبذلون قصارى جهدهم ليستروا أنفسهم من أجل أطفاله الصغار، الذين يأمل أن يعودوا إلى المدرسة قريبا لأن التعليم "ضروري للغاية".
أما طارق الحواجري فقد كان يبحث بين أنقاض منزله المدمر بالكامل عندما التقى بأخبار الأمم المتحدة، وقال: "لم أجد في منزلي أي شيء، لا فرش ولا بطانيات ولا أي شيء. ما زلنا نعاني في هذه الظروف القاسية. لا يوجد مأوى ولا مكان أعيش فيه مع أطفالي".
أما جهاد عساف، فقد وجد منزله مدمراً جزئياً، وباستخدام بعض الشوادر، تمكن من إنشاء ما يشبه المأوى لعائلته. يقول عساف إن الألم الذي أصاب عائلته عميق، حيث فقد ابنه الأول حسن في اجتياح الاحتلال الأول للشمال، ثم استشهد ابنه أيمن في الاجتياح الثاني.
وعلى الرغم من المعاناة التي تحملها وما زالت مستمرة، إلا أن عساف لا يزال ممتنا لما لديه: "الحمد لله، نتلقى المساعدة. إنها ليست كافية بالطبع، ولكن الحمد لله، إنها تستر أمورنا، نحن نمضي من خلالها".
وقال عساف إنه يتمتع بصحة جيدة، لكن زوجته تعاني من المرض وتتلقى العلاج من وكالة الأونروا. وقال: "أحيانا لا نجد الدواء لدى الأونروا، لذا نشتريه بأنفسنا. الأمور صعبة لأنني عاطل عن العمل. عليّ أن أشتري الدواء بنفسي. الوضع صعب".
وتبذل الأمم المتحدة وشركاؤها كل ما في وسعهم لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية مع بدء تدفق المساعدات إلى قطاع غزة بعد سريان وقف إطلاق النار. وقد زار وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر يوم الخميس شمال غزة، بما في ذلك مخيم جباليا للاجئين، حيث رأى الظروف البائسة التي يعيشها الناس بشكل مباشر.
وقال فليتشر: "لقد مررنا عبر الخراب والأنقاض والمنازل والمجتمعات والحياة المسحوقة. قُتل أكثر من 50 ألف شخص وأصيب أكثر من 100 ألف آخرين. أهم شيء يمكننا القيام به اليوم هو أن نشهد على مستوى الدمار. وعندما ترى الناس يبحثون بين أنقاض منازلهم وحياتهم يائسين لإعادة البناء - فهذا جرس إنذار للعالم بأننا يجب أن نقدم مساعدات منقذة للحياة لهذه المجتمعات".
وبرغم دخول 10 آلاف شاحنة إلى قطاع غزة منذ بدء وقف إطلاق النار، إلا أن فليتشر يقول "إننا بحاجة إلى بذل المزيد والمزيد من الجهود. وعلينا أن نكون هنا. وعلينا أن نرى هذا، وعلينا أن نروي القصة للعالم".
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و19 كانون الثاني/يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
ــــ
ع.ف