أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 08/03/2025 02:29 م

"ارحلوا".. رسالة بدماء الأغنام

 

أريحا 8-3-2025 وفا- نديم علاوي

تكسو خصلات عشب أخضر سهول نبع العوجا شمال مدينة أريحا، إلا أن أغنام وماشية مملوكة لعائلات رشايدة، وعبيات، لم ترتع في مرعاها المعتاد اليوم، لأول مرة منذ أعوام.

صباح اليوم، استفاق سكان تجمع "عين راس العوجا" على حصيلة أولية تقارب 100 رأس من الأغنام مسجاة بالدماء على التراب، و1500 مفقودة من حظائرها.

"لا حركة بالحظائر، ولا صوت للأغنام كما كل صباح"، يقول داود زايد رشايدة (47 عاما).

رشايدة الذي كان يملك 250 رأس من الأغنام تشكل مصدر بقاءه الوحيد في الأغوار يروي لـ"وفا"، كيف هاجم 150 مستعمرا مسلحين مساكنهم بحماية الجيش، "أطلقوا النار على الشباب، لإجبارنا على الخروج من مساكننا، والهرب، وقتل وسلب أغنامنا مصدر رزقنا الوحيد."

يقول رشايدة: "عين العوجا هدفهم، عارفين إنها منطقة سياحية، ورسالتهم لنا بقتل أغنامنا أرحلوا".

ويجابه منذ بداية العام الجاري 1200 مواطنا يعتمدون على الثروة الحيوانية في العوجا حربا مع المستعمرين الذين حطوا أقدامهم ومواشيهم في 8 بؤر استعمارية رعوية.

"منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تحول الماء إلى سلاح، منعونا عن المياه وعن الرعي، كما أن التحرك أكثر من 500 متر عن البيت يعرضنا لهجوم المستعمرين" يتابع رشايدة.

ويعود رشايدة بذاكرته إلى ثمانيات القرن الماضي، حيث استقرت عائلته في العوجا نظرا لوجود نبع مياه، وسهولها الخصبة الممتدة كموطن طبيعي للأغنام.

ويضيف، أن المستعمرين رأوا في العوجا كنزا لهم، ومصدر، ولهذا يحاربوننا في أغنامنا، لكن احنا عارفين أن الأرض أرضنا، حتى لو راحت الأغنام، صامدين، حتى بدونها.

ووفق شهادات متطابقة من شهود عيان لـ"وفا"، هاجم حوالي 300 مستعمر بحماية جيش الاحتلال يستقلون شاحنات، من 8 بؤر استعمارية محيطة بالعوجا، تجمع "عين راس العوجا"، واستولوا على قطعان من الأغنام عنوة.

وعرف من أصحاب الأغنام: نايف داود زايد رشايدة، وسليمان داود زايد رشايدة، وعطا داود زايد رشايدة، وهاني عطا داود رشايدة، ومحمد حسين داود زايد، وموسى حسين العبيات.

استعمار زاحف

"يدفع المستعمرون من خلال استهداف الأغنام بالسرقة أو القتل، إلى إخلاء المنطقة من البدو الذين يعتمدون عليها كمصدر رزق، ويشكلون الخط الدفاعي الذي يعرقل توسع الاستعمار في الأغوار"، يقول المشرف العام لمنظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو في الأغوار حسن مليحات.

ويوضح أن فرض سيطرة كاملة على الموارد الطبيعية والمراعي ضمن سياسة ليست عشوائية، بل تكتيك مدروس لخنق المراعي وإجبار العائلات على مغادرة أراضيها، وتجسيد إقامة المستعمرات، وأن تجمع رأس عين العوجا يقع قرب نبع العوجا الذي يشكل أهمية استراتيجية تمتاز بمواردها المائية الوفيرة، مثل الينابيع الطبيعية، التي تجعلها مركزا للزراعة والرعي، ولهذا يهدف المستعمرين والاحتلال التضييق على سكانه لتهجيرهم.

ويؤكد أن استهداف ممتلكات المواطنين خرق للقوانين الدولية، ومنها اتفاقيات جنيف التي تحظر الاعتداء على الممتلكات والاستيلاء على الأراضي بالقوة، واتفاقية جنيف الرابعة التي تمنع نقل المستعمرين إلى الأراضي المحتلة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يضمن للفلسطينيين حقهم في مواردهم الطبيعية، كما أن الاحتلال ملزم قانونيا باحترام حقوق السكان الأصليين بموجب قانون الاحتلال العسكري.

خطة مدروسة

يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة، إنه "منذ بداية العام الحالي شدد المستعمرون من عمليات التضييق على بدو العوجا والمعرجات وغيرها من المناطق في الأغوار، لتغيير مسار مصدر المياه في راس العوجا، ومنع السكان حتى من الاستجمام هناك".

ويرى دراغمة أن هذا يندرج ضمن سياسة الاستعمار الرعوي وهي سياسة ليست عشوائية، بل تأتي في سياق مخطط أوسع للسيطرة على الأراضي الرعوية، التي تعد أحد المفاتيح الأساسية لتوسيع الاستعمار في الضفة الغربية.

ويضيف، "أن المستعمرين يعملون اليوم على تغيير مسار مصدر المياه في رأس العوجا، بل وصل الأمر إلى منع السكان حتى من الاستجمام هناك، في محاولة لفرض واقع جديد يجبر الفلسطينيين على الرحيل."

وتكشف اعتداءات المستعمرين في حربهم، عن خطة ممنهجة لتجفيف سبل عيش الفلسطينيين لإجبارهم على الرحيل، وترك المجال مفتوحا أمام التوسع الاستعماري، وخلق وقائع جديدة على الأرض والسكان.

يشار إلى أن المستعمرين والاحتلال صعدوا في الفترة الأخيرة من اعتداءاتهم بحق رعاة الأغنام في الأغوار، وتمثلت بالاعتداء عليهم بالضرب وطردهم من المراعي وسرقة أغنامهم وفرض غرامات مالية.

_

ن.ع /م.ع

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا