أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 13/03/2025 03:36 م

الفنان باسل المقوسي ... شخصية العام الثقافية

الفنان باسل المقوسي.
الفنان باسل المقوسي.

 

غزة 13-3-2025 وفا- محمد دهمان

 

 أعلنت وزارة الثقافة، اليوم الخميس، اختيار الفنان التشكيلي باسل المقوسي شخصية العام الثقافية لعام 2025، تقديرًا لدوره البارز في المشهد الفني الفلسطيني، ومساهماته في توثيق معاناة شعبنا عبر الفن التشكيلي، لا سيما خلال الحروب التي مرت بها غزة.

 

وزير الثقافة: اختيار مستحق لفنان مقاوم

وقال وزير الثقافة عماد حمدان، إن اختيار المقوسي جاء وفق معايير شخصية العام الثقافية، نظرًا لإبداعه في تجسيد الواقع الفلسطيني، وإسهامه في إثراء الحركة التشكيلية الفلسطينية، فضلًا عن دوره في تعزيز مفهوم الفن المقاوم، وتوثيق الحياة اليومية للفلسطينيين، وخاصة في قطاع غزة الذي تعرض لعدة حروب قاسية".

وأضاف حمدان: "المقوسي ليس مجرد فنان تشكيلي، بل هو مؤرخ بصري استطاع أن يحول الألم والمعاناة إلى لوحات فنية تحمل رسالة للعالم أجمع".

 

المقوسي: الجائزة تمثل انتصارًا للفن الفلسطيني

وفي مقابلة خاصة مع مراسل "وفا"، عبر المقوسي عن امتنانه العميق لهذا التكريم، معتبرًا أنه "ليس مجرد تقدير لفنه الشخصي، بل هو اعتراف بأهمية الفن كأداة نضال وثقافة مقاومة".

وأضاف المقوسي: "طوال حياتي الفنية، كنت مؤمنًا بأن الفن هو أحد أشكال المقاومة، وأداة للحفاظ على الهوية الفلسطينية. خلال الحروب المتكررة على غزة، وجدت نفسي في مواجهة واقع قاسٍ، لكنني قررت أن أستخدم الريشة كوسيلة لنقل صوت أبناء شعبي إلى العالم".

 

"مشروع شظايا".. توثيق الألم بالفحم

وأشار المقوسي إلى مشروعه الفني الأخير، شظايا، الذي نفذه خلال حرب الإبادة على غزة، حيث رسم أكثر من 600 لوحة خلال فترة الحرب، مستخدمًا الفحم على أوراق بيضاء.

وقال: "كل لوحة كانت توثيقًا ليوم من أيام الحرب، كانت تجسد مشاعر الخوف، والألم، والفقدان، ولكن أيضًا الصمود. كنت أرسم وسط الدمار، في ظروف بالغة الصعوبة، لكنني كنت أؤمن أن الفن هو رسالة لا بد أن تصل".

وأوضح أن "هذه الأعمال الفنية ليست مجرد لوحات، بل شهادات بصرية على ما مر به الفلسطينيون في غزة، تعكس وجوه النازحين، صرخات الأطفال، وملامح الحزن التي خيمت على المدينة".

 

إقامات فنية وليست نزوح

أطلق المقوسي مشروع "إقامات فنية وليست نزوح"، الذي ارتكز على تقديم ورش رسم للأطفال النازحين في مختلف المناطق التي تنقل بينها خلال الحرب، مثل غزة، والشيخ رضوان، والشاطئ، والرمال، وخان يونس، ورفح، ودير البلح، والزوايدة وغيرها.

وقال المقوسي عن هذه التجربة: "كنت أجمع الأطفال، نلعب ونضحك معًا، ثم نرسم ونعبر عن مشاعرنا بالألوان. لم أرد أن يشعروا بأنهم نازحون، بل أردت أن أعطيهم مساحة للتعبير والإبداع، لذلك أطلقت على هذه الورش اسم إقامات فنية وليس نزوحًا. في كل مكان كنت أحمل حقيبتي وأدواتي وأرسم معهم، متحديًا الحرب والدمار".

وأوضح أن الأطفال عبروا من خلال رسوماتهم عن مشاعرهم المتضاربة، حيث رسم بعضهم بيوتًا مدمرة، وآخرون رسموا طيورًا تحلق في السماء، مما يعكس تطلعاتهم للحرية والسلام.

كما نظّم ورشًا للأمهات والفتيات لمساعدتهن على التعبير عن مشاعرهن من خلال الفن.

وقال: "الفن ليس مجرد ألوان وأوراق، بل هو وسيلة للنجاة والتشبث بالحياة. الأطفال الذين عاشوا أهوال الحرب يحتاجون إلى مساحة آمنة، والرسم كان متنفسهم الوحيد".

 

الجائزة دافع للاستمرار في الإبداع

وأكد المقوسي أن الجائزة تمثل "دافعًا قويًا للاستمرار في الإبداع، رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها الفنانون في فلسطين".

وأضاف: "الفن هو ذاكرة الشعوب، وعلينا أن نستخدمه لنروي حكايتنا، ونعكس صمودنا للعالم. هذه الجائزة تعني لي الكثير، وأتمنى أن تكون حافزًا لكل الفنانين الفلسطينيين لمواصلة العمل والإبداع".

وُلد الفنان باسل المقوسي في غزة عام 1971، ويُعد من أبرز الفنانين التشكيليين الفلسطينيين المعاصرين. وهو أحد مؤسسي مجموعة "شبابيك من غزة للفن المعاصر"، وشارك في إقامات فنية متعددة، من بينها إقامته في "دارة الفنون" في عمّان بين عامي 2000 و2003، بإشراف الفنان السوري مروان قصاب باشي.

تتميز أعمال المقوسي بتجسيدها للحياة الفلسطينية، حيث يستخدم الألوان والخطوط ليحكي قصصًا حقيقية عن الألم، الفقدان، الصمود، والأمل.

ويؤكد المقوسي أن الفن الفلسطيني ليس مجرد لوحات تُعرض في المعارض، بل هو رسالة سياسية وثقافية تهدف إلى إبراز القضية الفلسطينية، وتحدي محاولات طمس الهوية الوطنية.

وكشف المقوسي خلال اللقاء عن بعض مشاريعه المستقبلية، حيث يخطط لتنظيم معرض يجمع أبرز أعماله التي أنجزها خلال الحرب الأخيرة، تحت عنوان "شظايا من الذاكرة"، بهدف توثيق المأساة التي عاشها سكان غزة، وعرضها في محافل فنية دولية. كما أعلن عن نيته إطلاق مبادرة لدعم الفنانين الناشئين في قطاع غزة، عبر توفير مواد فنية لهم، وتنظيم ورش عمل تساعدهم على تطوير مهاراتهم، مشددًا على أن الإبداع يجب أن يستمر، رغم كل الظروف القاسية.

ـــــ

/ي.ط

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا