الاحتلال يحرم آلاف الفلسطينيين من الصلاة في المسجد الأقصى
القدس 14-3-2025 وفا- نديم علاوي
منذ ساعات الصباح الباكر، غادرت المواطنة عائشة أمين نزال (52) من بلدتها قباطية جنوب جنين، لأداء صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان الفضيل في المسجد الأقصى المبارك، وذلك بعد أن استصدرت "تصريحا" للمرور عن حاجز قلنديا العسكري شمال القدس المحتلة.
وبعد رحلة طويلة مرت خلالها عن عدد من حواجز الاحتلال المنتشرة في شمال ووسط الضفة الغربية، وصلت نزال أخيرا إلى حاجز قلنديا، أحد الحواجز العسكرية التي يفصل فيها الاحتلال المدينة المقدسة عن سائر محافظات الضفة.
ووقفت نزال في طابور مع آلاف المواطنين، أغلبيتهم من المسنين والنساء والأطفال، الذين توافدوا إلى الحاجز على أمل أن يتمكنوا من الوصول إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة، إلا أن جنود الاحتلال الإسرائيلي منعوها من العبور.
وقالت نزال لمراسل "وفا": "حاولت المرور ثلاث مرات إلا أن جنود الاحتلال منعوني رغم أنني أحمل تصريحا لأداء الصلاة، وهددوني بشكل صريح: إذا رجعتي مرة أخرى بنطخك (سنطلق عليك الرصاص)".
وأضافت وهي تشير إلى التصريح الرقمي على هاتفها المحمول: "تذرع جنود الاحتلال أنني ممنوعة أمنيا من الدخول إلى القدس، رغم أنني حصلت على تصريح لأداء الصلاة!".
وتشترط سلطات الاحتلال على الفلسطينيين، المسلمين والمسيحيين، استصدار تصاريح خاصة للعبور من حواجزها العسكرية المحيطة في القدس والوصول إلى أماكن العبادة، خاصة المسجد الأقصى المبارك وكنيسة القيامة. كما تضع قيودا على استصدار التصاريح، بضرورة حيازة المواطنين "بطاقة" تصدرها بعد أن تجري ما تسميه "فحصا أمنيا" للمتقدم. وبعد ذلك، تجبر المواطنين على تحميل تطبيق خاص على هواتفهم المحمولة وتقديم طلب للحصول على التصريح، وغالبا ما يتم رفض الطلب.
وأشارت المواطنة نزال إلى أن المواطنين يتحملون مشقة السفر والإذلال والتنكيل على الحواجز والتكاليف المادية للوصول إلى المسجد الأقصى وأداء الصلاة، إلا أن الاحتلال يسلب منهم حتى حقهم في الصلاة والعبادة.
وعزز جيش الاحتلال من تواجده على حاجز قلنديا العسكري، وحاجز "300" الفاصل بين مدينتي بيت لحم والقدس، ودقّق في هويات المواطنين، ومنع المئات من العبور بذرائع مختلفة.
المواطن أنور الخطيب (55 عاما) الذي يسكن في مخيم قلنديا للاجئين، قال لـ"وفا" بعد أن منعه جنود الاحتلال من عبور الحاجز: "عقدنا النية للصلاة في المسجد الأقصى، إلا أنهم يحرموننا من ذلك".
وأضاف: "يتلاعبون بنّا، ويطلبون منّا التوجه إلى حاجز حزما العسكري (شمال شرق القدس)، علما أنهم لا يسمحون بمرورنا من ذلك الحاجز، ولكن يريدون فقط إذلالنا وتعذيبنا".
وتابع الخطيب الذي تهجّرت عائلته من قرية البريج جنوب غرب القدس بعد أن دمرت العصابات الصهيونية منازلهم عام 1948: "لم يكتفوا بتهجيرنا من أراضينا وبيوتنا، بل يحاولون منعنا حتى من الوصول إلى مقدساتنا لأداء الصلاة".
وقرب حاجز قلنديا العسكري، كان عدد من الباعة ينادون على "كعك القدس" والبرازق والمكسرات والحلوى المعروضة على بسطاتهم.
الشاب أحمد النجار من مخيم الجلزون للاجئين شمال رام الله، والذي يبيع على إحدى البسطات أمام الحاجز، قال لـ"وفا": "أعداد قليلة من المواطنين يسمح لهم الاحتلال بعبور الحاجز، ويضطر الغالبية إلى العودة أدراجهم".
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، بأن "نحو 80 ألف مصل أدوا الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك في رحاب المسجد الأقصى المبارك"، غالبيتهم من أبناء المدينة المقدسة أو من داخل أراضي عام 1948.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد فرض حزمة إجراءاتٍ عنصرية واستفزازية بحق المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، شملت تقييد عدد المصلين والسماح لـ10 آلاف مصلٍ من الضفة الغربية بأداء صلاة الجمعة، في انتهاكٍ سافر لحق المسلمين في العبادة، مع تحديد دخول المصلين من الضفة الغربية بالفئات العمرية (الرجال فوق 55 عاماً والنساء فوق 50 عاماً)، وفقا لبيان سابق لمحافظة القدس.
كما كثفت سلطات الاحتلال من وجودها العسكري عبر نشر 3 آلاف شرطي يومياً على الحواجز المُحيطة بالقدس، وإحكام قبضتها على 82 حاجزاً عسكرياً بينها إغلاقات ترابية وبوابات حديدية وجدار الفصل والتوسع العنصري، تُعزل من خلالها الأحياء الفلسطينية عن قلب المدينة وعن بعضها البعض، في محاولةٍ لخنق حركة المصلين وإرهابهم.
وتواصل سلطات الاحتلال تعزيز مراكز المراقبة والقمع داخل البلدة القديمة، حيث تنتشر 5 مراكز شرطة داخل بلدة القدس القديمة وقرب أبواب المسجد الأٌقصى، وتُنفذ اعتقالاتٍ عشوائيةً بحق المصلين، وتُمعن في إذلالهم تحت ذرائع واهية، في مشهدٍ يُجسد سياسة التطهير العرقي الممنهجة.
وأكدت محافظة القدس، أن شهر رمضان هو شهر عبادة، وأن الاتفاقيات الدولية تضمن حرية العبادة للشعوب الواقعة تحت الاحتلال ومنها اتفاقية جنيف الرابعة حيث "تكفل الاتفاقية حرية ممارسة الشعائر الدينية، وحماية دور العبادة، وضمان عدم التمييز الديني"، إذ تتناول الاتفاقية حرية الدين والمعتقد بوضوح، حيث تمنع قوات الاحتلال من التدخل في الممارسات الدينية، كما تلزمها بحماية الأماكن المقدسة.
وشددت المحافظة على أنه لا يحق بأي شكل من الأشكال لسلطات الاحتلال فرض حواجزها العسكرية أو قيودها أو تدخلها لمنع المواطنين من الوصول إلى المسجد، معتبرةً جميع إجراءات الاحتلال في القدس ومقدساتها باطلة وغير شرعية، وأنها جزء من محاولات اليمين الإسرائيلي الحاكم لتسخين ساحة الصراع، ما يساهم في تسهيل تنفيذ مخططاته الاستعمارية التوسعية.
ــــ
/ع.ف