خان يونس 23-4-2025 وفا- حاتم أبو دقة
أجبرت الظروف الاقتصادية والحصار المفروض على قطاع غزة منذ بدء العدوان في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، آلاف النسوة على بيع مصاغهن وبعض مقتنياتهن الخاصة لتوفير الطعام لأطفالهن.
ويعجز أرباب الأسر عن توفير أدنى مقومات الحياة لأطفالهم في ظل الحصار المفروض على القطاع وحرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال منذ أكثر من عام ونصف عام.
وقالت أم طارق النازحة من رفح، إن الوضع الاقتصادي الصعب وعدم وجود دخل لزوجها الذي كان يعمل في منجرة، اضطرها إلى بيع كل مصاغها لتوفير أدنى مقومات الحياة في ظل ارتفاع الأسعار، والشح في المواد الغذائية الذي تعمق منذ استئناف العدوان في الثامن عشر من الشهر الماضي.
وتابعت: أنا في حيرة من أمري بعد أن استنفذت كل ما لدي من مصاغ بعد عام ونصف عام من الحرب، وما هو متاح لدي إذا استمر الوضع، بيع بعض الأواني المنزلية والملابس.
ونوهت إلى أن الأسواق فرغت من كل المواد الأساسية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، إذ بلغ سعر كيس الطحين 600 شيقل ما يعادل 160 دولارا، وكيلو السكر 50 شيقلا ما يعادل 13 دولارا.
ولم يكن حال أم ميساء النازحة من غزة أفضل حالا من جارتها التي ذهبت لبيع بعض ملابسها التي اشترتها بداية الحرب، بعد أن أُجبرت على إخلاء منزلها تحت النار لتتمكن من توفير أدنى مقومات الحياة لأطفالها، في ظل عدم توفر المساعدات وإغلاق معظم التكايا أبوابها بسبب الحصار.
وأضافت، أنه لم يخطر في بالها أن يصل بها الحال إلى هذه الحالة من الفقر، الأمر الذي عاد بها إلى استذكار ما كانت تقوله لها والدتها إن القرش الأبيض بنفع في اليوم الأسود، ولكن الأيام السوداء طالت وفاقت كل التوقعات على حد تعبيرها.
وبين تاجر المصاغ عصام الشاعر أن أعداد النسوة اللواتي يُقبلن على البيع أكثر من الشراء بسبب ارتفاع أسعار الذهب من ناحية، والحاجة من ناحية أخرى، منوها إلى أن الظروف الصعبة والحاجة تشجعان على البيع أكثر من الشراء، الأمر الذي أدى إلى توقف بعض التجار عن الشراء.
وتابع الشاعر، أن آثار الحرب انعكست على كل مناحي الحياة، منوها إلى أن سعر الغرام الواحد ارتفع خلال الحرب إلى أكثر من 23 دينارا، إذ كان سعر الغرام قبل الحرب يتراوح ما بين 42 إلى 43، في حين ارتفع بعد الحرب إلى 67 سعر البيع، بينما سعر الشراء 57، ما يعني أن ثمن المصنوعة ارتفع إلى 10 دنانير، بفعل الحصار وارتفاع أسعار المحروقات والمواصلات، بينما في الوضع الطبيعي لا تتجاوز تكلفة المصنوعة دينارين.
وقال، إن نسبة البيع في الحرب ارتفعت إلى 80%، بينما انخفضت نسبة الشراء إلى 10% بسبب الحاجة، منوها إلى أن كمية الشراء للتاجر الواحد كانت لا تزيد على 1,5 كيلوغرام في الشهر الواحد، بينما ارتفعت بعد الحرب لتصل إلى 1 كيلو في اليوم الواحد.
وأشار الشاعر، إلى أن الأوضاع في القطاع بشكل عام وسوق غزة المغلق تحتم على التجار اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر لتفادي الخسائر بسبب تذبذب الأسعار، منوها إلى أن الأزواج الجدد يلجأون إلى شراء كميات بسيطة ليتمكنوا من توفير الاحتياجات الأكثر إلحاحا.
أما النازح محمد عثمان صاحب بسطة لبيع الملابس البالية فعبر عن استغرابه من تزايد كمية الملابس التي يتم عرضها عليه يوميا بسبب ضيق الحال والحصار المفروض على القطاع، منوها إلى أنه في بعض الأحيان يشتري بعض الملابس رأفة بأصحابها.
وتابع: "الأمر لم يقتصر على النسوة فقط لبيع مقتنياتهن، بل يأتي إليه بعض الرجال والشباب بهدف البيع لتوفير ما هو أهم في ظل هذه الأوضاع الكارثية، ولم يخطر في بالي ولو لمرة واحدة أن أشاهد رجلا أو امرأة تسير في الشارع دون حذاء".
يشار إلى أن الاحتلال أغلق المعابر وشدد حصاره على القطاع منذ مطلع مارس/ آذار الماضي، قبل أن يستأنف الحرب في الثامن عشر من الشهر ذاته.
ــ
إ.ر