2994 انتهاكا ارتكبها الاحتلال في زمن الإبادة الإعلامية
رام الله 4-5-2025 وفا- قالت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إن جيش الاحتلال قتل 210 صحفيين فلسطينيين منذ بدء العدوان على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضافت النقابة خلال مؤتمر صحفي ووقفة في مدينة رام الله، اليوم الأحد، تزامنا مع إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة، شعارنا في هذا اليوم "أوقفوا الإبادة الإعلامية"، ليس مجرد عبارة، بل هو انعكاس لحقيقة دامغة، نابعة من حجم المأساة والدماء النازفة: 210 شهداء من الصحفيين، و665 شهيدًا من أسرهم وعائلاتهم، إلى جانب عدد كبير من الجرحى، والمعاناة اليومية للأسرى الصحفيين في سجون الاحتلال".
وقال نائب نقيب الصحفيين عمر نزال: "فيما يحتفل الصحفيون حول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، فإن الصحفيين الفلسطينيين –وهم الأَولى بإحياء هذا اليوم– لا يتطلعون فقط إلى الحرية، بل إلى أبسط الحقوق: الحق في البقاء على قيد الحياة".
وأكد أن مفهوم "الإبادة" الإعلامية يتجلى في 2994 جريمة وانتهاكًا ارتُكبت بحق الجسم الصحفي الفلسطيني، وتُظهر القصدية الواضحة وتعمد قتل الصحفيين وأفراد عائلاتهم، وتدمير مقار عملهم وبيوتهم، في سياق هجمة منظمة لإسكات صوت الحقيقة.
وتابع نزال: "نُحيي هذا اليوم وعيوننا ترنو إلى زملائنا في غزة، ونؤكد وفاءنا لتضحياتهم عبر مواصلة سعينا الحثيث إلى ملاحقة قتلة الصحفيين ومرتكبي الجرائم بحقهم، وتقديمهم إلى العدالة. ونأمل من العالم الحر أن يدعم جهودنا في المحاكم الدولية والوطنية لمحاسبة المجرمين وإنصاف الضحايا، وفخرنا واعتزازنا بكل صحفي فلسطيني صمد وثابر، وواصل أداءه المهني من أجل الحقيقة، لكشف جرائم الاحتلال أمام العالم.
وأشار إلى أن هذا الصمود، بدعم حلفائنا في الاتحاد الدولي للصحفيين وعشرات النقابات والاتحادات والمؤسسات الدولية، مكّننا من كسب الرأي العام، وتعزيز شبكة الدعم الدولية لنُحقق العدالة للصحفيين الفلسطينيين، ونقتص من قاتليهم.
بدوره، أكد مدير مركز الاتصال الحكومي والناطق باسم الحكومة محمد أبو الرب، أهمية الحريات الصحفية، وأن الحكومة تولي هذا القطاع اهتماما كبيرا من خلال شراكتها الحقيقية مع نقابة الصحفيين، وتسعى إلى أن يكون هناك شراكة ما بين الحكومة ومكونات الإعلام في فلسطين، لصياغة توجهات تعزز الحريات وتمكن المؤسسات الإعلامية من أن تقوم بدورها الحقيقي.
وأشار أبو الرب إلى ضرورة تضافر الجهود والشراكة البنّاءة بين الحكومة وهذه المكونات للوصول إلى بيئة إعلامية تتسم بالحرية والتعددية.
من جهته، أكد ممثل الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان مجيد صوالحة، أن هذا اليوم يمثل رسالة لحماية الصحفيين، وتقديرا لدورهم المهني والإنساني وضرورة حماية الصحفيين وفق القوانين الدولية وتجنيبهم الاستهداف، إضافة إلى توفير الاحتياجات اللازمة كافة ليقوموا بعملهم بحرية.
وقائع مرعبة لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين
وكشف رئيس لجنة الحريات في النقابة محمد اللحام، عن وقائع مرعبة لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، مستعرضا بالأرقام حجم الجرائم التي ترتكبها منظومة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف: "منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الواسع على قطاع غزة، تشهد الساحة الفلسطينية موجة غير مسبوقة من الجرائم والانتهاكات التي تستهدف الطواقم الصحفية والإعلامية بشكل ممنهج".
وقال اللحام: "تتابع لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين هذا التصعيد الدموي باهتمام بالغ، إذ رصدت واستندت إلى بيانات ميدانية موثقة لتضع أمام المؤسسات الإعلامية والحقوقية والمجتمع الدولي صورة دامغة عن الجرائم المقترفة بحق الصحفيين الفلسطينيين، أفرادًا ومؤسسات".
وأشار إلى أن لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، عملت على رصد وتوثيق كل الجرائم والاعتداءات والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي (الجيش، والساسة، والمستعمرون، والمحاكم، الإعلام) وجميعهم متورطون في دماء الصحفيين، 90 صحفياً قُتلوا بقصف منازلهم".
وأوضح أن الهجوم كان شرساً على مباني المؤسسات الإعلامية ومقراتها في قطاع غزة من صواريخ طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي مع اليوم الأول من العدوان، وتدمير أغلبية مقرات الفضائيات ووكالات الأنباء ومكاتبها، فلم يجد الصحفي خياراً سوى إنجاز بقية العمل من البيت، حيث لاحقته الصواريخ إلى المنازل، التي ارتقى فيها نحو 90 زميلاً وزميلة، لا يزال بعضهم تحت الأنقاض حتى اللحظة، مثل الزميلة الصحفية هبة العبادلة التي استُشهدت مع طفلتها ووالدتها بتاريخ 9/12/2023 ببلدة القرارة بالقرب من خان يونس.
29 صحفياً قُتلوا في الخيام
وقال اللحام: "بعد تدمير المكاتب والمؤسسات الإعلامية وملاحقة الصحفيين إلى غرف نومهم وقتلهم بالصواريخ، ذهبوا لنصب خيام جماعية يسترون أنفسهم من البرد والحر، واختاروا وضعها في محيط المستشفيات، على اعتقاد أن المستشفيات وخيام النزوح خارج حسابات الحروب واستهداف البارود. إلا أن الاحتلال أبى إلا أن يسطر جرائمه بأبشع الطرائق والوسائل، حين استهدف الصحفيين في خيامهم الخاصة بمحيط المستشفيات، كما حدث بتاريخ 7/4/2025 باستشهاد مراسل وكالة "فلسطين اليوم" الصحفي حلمي الفقعاوي، نتيجة قصف صاروخي استهدف خيمة للصحفيين في محيط مستشفى ناصر غرب مدينة خان يونس".
وتابع: "كما تم استهدافهم بخيامهم بمراكز الإيواء داخل مدارس الأونروا، كما حدث بتاريخ 7/11/2024 باستشهاد الصحفيين الشقيقين الزهراء أبو سخيل، مراسلة شبكة "نيوز الإعلامية"، وأحمد أبو سخيل، مصور الشبكة نفسها، باستهداف صاروخي لمدرسة تؤوي نازحين (فهد الصباح) بحي التفاح بمدينة غزة، ليرتقي 29 منهم دون شفاعة الخيمة، ويصاب العشرات بإصابات دامية، بُترت أطراف بعضهم".
665 من عائلات الصحفيين تدفع ثمناً باهظاً
وقال: لم يكتفِ الاحتلال باستهداف الصحفيين بالقتل، بل طال عائلاتهم بشكل إجرامي ومرعب، دون استثناء الأطفال والنساء. لتكشف بيانات لجنة الحريات ووثائقها عن تدمير 152 منزلاً تم قصفها، راح ضحيته 665 من عائلات الصحفيين وأقاربهم، لا لسبب سوى أن أبناءهم يعملون في الصحافة والإعلام، كما حدث مع عائلة الصحفي معتز عزايزة، الذي فقد 26 من عائلته وأقربائه بقصف منزله.
الاحتلال يستبدل بالغاز المسيل للدموع الصواريخ والرصاص الحي
وبين اللحام أنه من الأدلة الدامغة على استهداف القتل، أن ترتفع إصابات الصحفيين بشظايا الصواريخ والرصاص الحي عن الإصابات بقنابل الغاز والصوت، ليصل مجموع الإصابات الدامية إلى 178، بعضهم تم بتر أطرافه، كما حدث مع المصور الصحفي سامي شحادة حين تم بتر قدمه بتاريخ 12/4/2024، بعد إصابته أثناء تغطيته الصحفية في مخيم النصيرات.
وكما حدث قبل أيام بإصابة المصور إيهاب الرديني بشظية وكسر في الجمجمة والعين، ومراسل قناة BBC الصحفي أحمد الأغا، الذي أصيب بشظايا في القدم اليسرى، مشيرا إلى أن نحو 226 من الصحفيين تعرضوا لإطلاق الرصاص المباشر في محيطهم لمنعهم من التغطية الصحفية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
اعتقالات وإخفاء قسري
وأوضح أن نحو 179 حالة اعتقال وتوقيف في مراكز أمن جيش الاحتلال، حيث العشرات ممن اعتُقلوا منذ الأيام الأولى من العدوان ما زالوا في الزنازين دون محاكم عادلة، ودون زيارة العائلة، ودون زيارة الصليب الأحمر، في ظروف غير إنسانية، يتعرضون فيها لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، والتجويع والحرمان من العلاج، ولا يزال بعض الزملاء في حالة من الإخفاء القسري، كما حال الصحفيين نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد.
تدمير وإغلاق 112 مؤسسة إعلامية
استهدف جيش الاحتلال المكاتب الصحفية والمؤسسات الإعلامية ودمرها بقصف مباشر، موقعا أضراراً بشرية ومادية بقصد الترهيب وإخلاء الميدان، وقد حدث ذلك بكثافة في الأشهر الأولى من العدوان على قطاع غزة، وفي الضفة الغربية، اتجهت قوات الاحتلال إلى الاستيلاء على المحتويات وإغلاق المؤسسات، كما حدث مع مكاتب الميادين والجزيرة وتلفزيون فلسطين بالقدس، وبعض الإذاعات المحلية.
مئات الصحفيين تم احتجازهم ومنعهم من العمل
وثقت لجنة الحريات 825 واقعة احتجاز للطواقم ومنع من العمل، في مؤشر خطير يؤكد أن العمل الصحفي محظور تقريباً في فلسطين، بفعل سياسة الاحتلال الإسرائيلي التي تحتجز الطواقم الصحفية قبل التغطية أو أثناءها، وتنكّل بهم، وتستولي على معداتهم وتحطمها، وتعتدي عليهم بالضرب والشتم والتهديد.
المستعمرون يشاركون في الجريمة
منذ العدوان على قطاع غزة، ازداد انفلات المستعمرين تجاه الصحفيين بأشكال متعددة من الجرائم، ومنها: إطلاق النار، والاعتداء بالضرب والشتم، والتحريض عبر منصات التواصل الاجتماعي.
الدعس العمد أمام العالم
ورصدت لجنة الحريات العديد من حالات محاولة المركبات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي دعس الصحفيين أثناء تغطيتهم الصحفية وأمام الكاميرات، ما أدى إلى إصابة العديد منهم نتيجة الدعس أو أثناء الهروب منه.
أشكال متعددة من الجرائم والاعتداءات والانتهاكات
وقال اللحام: إن منظومة الاحتلال تتفنن في أشكال متعددة لإيقاع الضرر بالصحفيين الفلسطينيين، مثل: إطلاق قنابل الغاز بشكل مقصود على أجسامهم، وعرضهم على محاكم عسكرية جائرة عبر تكييف تهم باطلة، وفرض غرامات مالية، والمنع من التغطية في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس، والمنع من السفر، والاستدعاء للتحقيق.
وأكدت لجنة الحريات أن هذه الانتهاكات تمثل جرائم ممنهجة ضد الصحافة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعت إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، والضغط للإفراج الفوري عن الصحفيين المعتقلين، والضغط للسماح للجرحى الصحفيين بالسفر لتلقي العلاج.
وطالبت بمحاسبة الاحتلال على جرائمه أمام المحاكم الدولية، وتوفير حماية دولية للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، ودعم جميع الجهود لرصد هذه الانتهاكات في الأوساط الدولية وتوثيقها.
ـــــــــ
م.ل