مكة المكرمة 6-6-2025 وفا– تقرير لاتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي (يونا)
يؤدي حجاج بيت الحرام مناسكهم لحج هذا العام 1446هـ في إطار من الخدمات المتكاملة التي وفرتها حكومة المملكة العربية السعودية، والتي ترافق الحجاج في جميع تنقلاتهم منذ وصولهم إلى الأراضي المقدسة، مروراً برحلة الحج في المشاعر، وحتى مغادرتهم المملكة بعد إتمام مناسكهم.
وتعكس هذه الخدمات النوعية ما يشهده موسم الحج من تضافر التقنية والإنسان وتآزرهما في تناسق تام لخدمة ضيوف الرحمن، وإثراء تجربة الحج، بما يتناسب مع مكانة هذه الشعيرة العظيمة ومعانيها السامية.
على مستوى الخدمات الصحية، خصَّصت الحكومة جملة من المستشفيات والمرافق الصحية المتطورة، والمزودة بجميع التقنيات والتجهيزات الطبية، لضمان حصول الحجاج على أعلى درجات الرعاية، والاستجابة لأي طارئ.
وفي مشعر عرفات حيث يقف الحجاج في اليوم التاسع من ذي الحجة، تم تجهيز عدد من المستشفيات بما في ذلك مستشفى جبل الرحمة، والمستشفى الميداني للخدمات الطبية الذي يعد أحد أبرز مشاريع الخدمات الطبية لموسم حج هذا العام، إذ يتسع لـ100 سرير، ويضم تجهيزات متكاملة تشمل 20 سريرًا مخصصًا لحالات الإجهاد الحراري، وغرفة عمليات متكاملة، وغرفة عزل، وعربة طبية متنقلة تحتوي على 5 عيادات ميدانية، ومختبر طبي، وصيدلية، وأجهزة أشعة متنقلة، ما يعكس جاهزية عالية واستعدادًا شاملًا لتقديم الرعاية الصحية الفورية والميدانية لضيوف الرحمن.
ويضم مشعر منى، حيث سيمضي الحجاج أيام التشريق، أربع مستشفيات هي: الطوارئ، ومنى الجسر، ومنى الوادي، ومنى الشارع الجديد، بطاقة سريرية بلغت أكثر من 560 سريراً.
كما يضم المشعر عدداً من المراكز الصحية، و16 مركز طوارئ على منشأة جسر الجمرات.
وتساند هذه المستشفيات جملة من المنشآت الصحية في مدينة مكة، بما في ذلك مستشفى الملك عبدالعزيز، ومستشفى الملك فيصل التخصصي، ومستشفى النور التخصصي، ومدينة الملك عبدالله الطبية.
وإلى جانب المستشفيات والمراكز الصحية، هيأت الحكومة خدمات إسعافية متكاملة، حيث فعّلت هيئة الهلال الأحمر السعودي خدمة الإسعاف الجوي بـ 11 طائرة مخصصة لنقل الحالات الصحية الحرجة من الحرم المكي والمشاعر المقدسة، عبر 13 مهبطًا إستراتيجيًا موزعة بعناية لضمان سرعة الاستجابة الطبية في جميع المواقع.
ويشرف على هذه الخدمة أكثر من 120 كادرًا مؤهلًا من أطباء وفنيي طب طوارئ، يعملون على مدار الساعة لتقديم الرعاية العاجلة للحجاج.
وخلال أيام الحج، تعمل الشركة الوطنية للشراء الموحّد للأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية "نوبكو"، بالشراكة مع وزارة الصحة والجهات الصحية الأخرى، على تأمين تدفق الإمدادات الطبية لأكثر من 136 منشأة صحية وعربات متنقلة في المشاعر المقدسة، حيث تنفذ عمليات النقل عبر أكثر من 800 رحلة لوجستية، تُغطي نحو 2000 بند طبي، تشمل ما يقارب 90 مليون وحدة دوائية ومستلزمات طبية.
ولتعزيز الاستجابة الميدانية، خصّصت "نوبكو" أسطول نقل يضم 62 شاحنة تحت إشراف مباشر من فريق ميداني متخصص يتكوّن من 184 موظفًا، لتغطية احتياجات القطاعات الصحية المشاركة في موسم حج 1446هـ.
كما خصصت وزارة الصحة مركز اتصال الصحة 937 في موسم الحج خدمة ضيوف الرحمن من خلال الرد على الاستفسارات والاستشارات الصحية للحجاج، ومعالجة البلاغات والشكاوى.
كما تم إطلاق مستشفى "صحة الافتراضي" لخدمة ضيوف الرحمن من خلال حزمة متكاملة من الخدمات الصحية الرقمية، التي تعتمد على أحدث التقنيات الطبية، وتُدار بكوادر صحية مؤهلة على مدار الساعة.
وتشمل خدمات المستشفى مجموعة من الحلول الطبية الرقمية المتقدمة والتخصصات الصحية الدقيقة، من أبرزها: تطبيب السكتات الدماغية عن بُعد، والعناية الحرجة عن بُعد، إضافة إلى خدمة طب الأشعة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والطب الاتصالي للقلب، ومتابعة مرضى فشل القلب عن بُعد عبر الأجهزة الذكية.
وعلى المستوى الأمني، تعمل قوات أمن الحج طيلة أيام الموسم على تنفيذ مهامها الميدانية في حفظ أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام.
وتساند عمل القوات الأمنية على الأرض منظومة طيران متقدمة تدعم المهام الأمنية واللوجستية والإنسانية في المشاعر المقدسة، بالتنسيق مع مختلف القطاعات العسكرية والأمنية والمدنية، بما يحقق أعلى معايير السلامة والانسيابية في المشاعر المقدسة.
وتوظف الجهات المشاركة في خدمة الحجيج أحدث التقنيات لإدارة الحشود، بما في ذلك تقنيات الصور الفضائية عالية الدقة والذكاء الاصطناعي الجيومكاني (GeoAI) والبيانات اللحظية، لرصد وتحليل الحركة البشرية والمرورية خلال موسم الحج، وذلك بهدف تعزيز كفاءة إدارة الحشود.
وفي هذا الصدد، تم إطلاق مركز عمليات مكة الذكية (SMART MOC) في مدينة مكة المكرمة، لتعزيز منظومة إدارة الحشود والقدرات الأمنية في المشاعر المقدسة، بما يشمل منصة "بصير" التي تضطلع المنصة بدور محوري في رصد الحشود وإدارتها وتوزيعها بدقة داخل بيئة الحرمين الشريفين، ومنصتي "سواهر" و"سواهر قيادة" اللتين توفران تحليلات ذكية لبث كاميرات المراقبة الأمنية في المشاعر المقدسة والمنافذ المؤدية إليها، مما يتيح المتابعة اللحظية الدقيقة للحالة الميدانية، وتحليل البيانات الضخمة لدعم اتخاذ القرار، ورفع كفاءة الأداء الأمني.
كما تواصل قوات طوارئ الدفاع المدني بالحج استعداداتها في ميدان طوارئ الدفاع المدني؛ لتسخير جميع الإمكانات البشرية والآلية لخدمة وسلامة ضيوف الرحمن.
وفي حج هذا العام، أطلقت مديرية الدفاع المدني طائرة الدرون المخصصة للإطفاء (صقر) المعززة بالذكاء الاصطناعي، وذلك في حالات الإطفاء أو الإنقاذ في الأماكن المرتفعة أو صعبة الوصول.
وعلى مستوى خدمات النقل، يعمل قطار المشاعر المقدسة وفق خمس حركات تشغيلية مختلفة، تم تصميمها خصيصًا بما يتوافق مع أنماط تنقل الحجاج بين المشاعر حسب النسك الذي يؤدونه، ما يجعله منظومة نقل فريدة من نوعها على مستوى العالم، ويقوم القطار خلال موسم الحج بتنفيذ ما يزيد على الألفي رحلة، تهدف إلى نقل أكثر من مليوني راكب بكفاءة عالية وبتنظيم دقيق ضمن تلك الحركات الخمس.
ويربط قطار المشاعر بين تسع محطات موزعة على مشاعر عرفات ومزدلفة ومنى، وتصل المحطة الأخيرة في منى إلى الدور الرابع من جسر الجمرات، بما يعزز انسيابية حركة الحجاج وسلامتهم.
ويُعد قطار المشاعر المقدسة من أبرز مشاريع النقل التخصصي المستدام على مستوى المنطقة، حيث يعمل بأسطول مكون من (17) قطارًا بطاقة استيعابية تصل إلى (3,000) راكب لكل قطار، وبقدرة نقل جماعية تتجاوز (72) ألف راكب في الساعة الواحدة، مما يُسهم في تقليل الازدحام داخل المشاعر، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتقديم تجربة نقل ذكية وآمنة وصديقة للبيئة.
وعلى مستوى خدمات المياه، حرصت الجهات الحكومية على تزويد المشاعر المقدسة بجميع احتياجاتها، حيث ضخّت شركة المياه الوطنية عبر شبكات المياه في يوم التروية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، أكثر من (980.633) مترًا مكعبًا من المياه، وذلك لخدمة ضيوف الرحمن خلال موسم حج 1446هـ، مع استمرارية الضخ إلى شبكات المشاعر المقدسة ومرافق المسجد الحرام على مدار الساعة.
كما حرصت الجهات الحكومية على تحسين البنية التحتية، وتيسير حركة الحشود، ورفع مستوى الراحة والسلامة والرفاهية بما يضمن تقديم تجربة حج متميزة وآمنة، تحقق أعلى معايير الإتقان في الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.
وفي هذا الصدد، تم إطلاق مشروع "تخفيف أثر الإجهاد الحراري" في منطقة جبل الرحمة، الذي يهدف إلى توفير بيئة مريحة للحجاج، من خلال تخفيض درجات الحرارة على مساحة تبلغ (196) ألف متر مربع، لتلطيف المناخ وتقليل تأثير أشعة الشمس المباشرة في أثناء تنقّل الحجاج وأداء عباداتهم، وتضمّن المشروع تركيب مظلات بمساحة (1,200) متر مربع، مزودة بـ(129) مروحة رذاذ لتبريد الأجواء.
كما تم تطوير مسار مشعر مزدلفة عبر تنفيذ مشروع "مسار المشاعر" الممتد بمساحة (170,000م²)، وتهيئته بأرضيات مطاطية صديقة للبيئة على مساحة (103,000م²)، لتخفيف درجات الحرارة وتقليل الإجهاد البدني ومخاطر الانزلاق.
وهيأت الجهات الحكومية مناطق استراحة للحجاج على مسارات المشاة بين المشاعر المقدسة بمساحة (28,000م²)، تتضمن (60) كرسيًا، و(15) كشكًا تجاريًا، و(25) مروحة رذاذ، و(29) مظلة، وأرضيات مطاطية بمساحة (7,900م²)، ومساحات خضراء، مما يسهم في تيسير أداء مناسك الحج وضمان سلامة ضيوف الرحمن، إضافة إلى تشجير نحو (290,000م²) بأكثر من (20,000) شجرة، وإنشاء برادات مياه بمساحة (2,400م²). وشهد هذا العام استبدال السلالم الخرسانية في مشعر منى بـ(32) سلمًا كهربائيًا لتيسير تنقل الحجاج، وتُعينهم على أداء نسكهم دون عناء خاصة كبار السن والمرضى، وتطوير منظومة الطهارة ورفع طاقتها الاستيعابية من خلال إحلال (2,116) دورة مياه قديمة ذات طابق واحد، واستحداث (5,628) دورة مياه بطابقين في (61) مجمعًا.
وفي جانب الإسكان، شهد هذا العام تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الخيام ذات الطابقين بمساحة تسكين تتجاوز (20,000م²) في أكثر من (40) مبنى مجهزًا، ورفعت الطاقة الاستيعابية في مشعر عرفات بتهيئة مساحات داخل الحد الشرعي تقدر بأكثر من (27,000م²)؛ لتسهيل عملية تنظيم الحشود وتوزيع الحجاج بطريقة أكثر كفاءة ومرونة، خاصة خلال أوقات الذروة.
ولتهيئة بيئة اتصالية مثالية للحجاج، تمت ترقية وتوسعة أكثر من 35 موقعًا ضمن شبكة الجيل الخامس 5G، وتطوير أكثر من 83 موقعًا في شبكة الجيل الرابع المتقدم 4G، بالإضافة إلى تفعيل تقنية VoLTE التي تتيح إجراء المكالمات الصوتية والمرئية بجودة عالية وسرعة محسّنة في نقل البيانات.
كما تمَّ إنشاء 21 موقعًا جديدًا لتحسين جودة التغطية في مناطق المشاعر المقدسة، ونشر 78 عربة اتصالات متنقلة لتوفير تغطية إضافية في المواقع ذات الكثافة العالية أو التي تواجه تحديات في تنفيذ بنية تحتية دائمة. وشملت جهود التغطية تشغيل 421 موقعًا ثابتًا و77 برجًا متنقلًا لتعزيز جودة التغطية في الحرم والمشاعر المقدسة، مع توفير (998) نقطة نفاذ لشبكات Wi-Fi لضمان اتصال مستمر وسلس للحجاج.
ولتيسير أداء نسك الهدي والأضاحي، استكمل مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي (أضاحي) جاهزيته التشغيلية لموسم حج 1446هـ، ضمن منظومة متكاملة تجمع بين الامتثال الشرعي، والكفاءة التشغيلية، والابتكار التقني، بما يعكس التزام المملكة المستمر بتيسير أداء النسك لضيوف الرحمن، وتحقيق أبعاد الرحمة والتكافل الإنساني.
ويعمل المشروع من خلال ٧ مجمعات للأضاحي، تمتد على مساحة تتجاوز مليون متر مربع، بطاقة تشغيلية تفوق مليون رأس خلال ٨٤ ساعة، وتضم نحو ٢٥ ألف كادر بشري متخصص، جرى استقطابهم من عدة دول، من بينهم ٦٠٠ مختص شرعي، وأكثر من ٥٠٠ طبيب بيطري، بالإضافة إلى ١٦،٥٠٠ جزار ومساعد جزار، و٤٠٠ فني متخصص في التبريد والكهرباء والميكانيكا وصيانة وتشغيل الآلات.
وفيما يتعلق بالتوعية الدينية، نشرت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد عدداً من الكبائن التوعوية في مواقع إستراتيجية داخل المشاعر المقدسة لتقديم خدمات متعددة، منها: توزيع المطبوعات والكتب، والإجابة على استفسارات الحجاج، وتوفير الاتصال المرئي والصوتي مع الدعاة، مما يحقق سرعة وصول المعلومة الشرعية الصحيحة في الزمان والمكان المناسبين.
كما خصصت الوزارة خدمة الهاتف المجاني لتمكين الحجاج من التواصل مع الدعاة عن بُعد، حيث يجيب الدعاة على الاستفسارات الشرعية من مقار إقامتهم في مختلف مناطق المملكة، مما يسهم في توسيع نطاق الخدمة دون الحاجة إلى الوجود الميداني.
كما أطلقت الوزارة مبادرة نوعية بعنوان "دليل المناسك الذكي"، وهي مبادرة تقنية توعوية تهدف إلى تسهيل فهم وأداء مناسك الحج والعمرة، من خلال توزيع نسخة إلكترونية متقدمة من كتاب مناسك الحج والعمرة، عبر وسائل تقنية حديثة، متاحة في عدد من المواقع الحيوية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمواقيت والمنافذ.
وأعدت رئاسة الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي، مسارًا إثرائيًا مخصصًا للتهيئة والاستعدادات لثلاث خطب متتالية وهي خطبة "عرفة" و"عيد الأضحى" و"الجمعة"، التي تأتي متوالية في موسم حج هذا العام (1446هـ)، إلى (35) لغة عالمية واستهداف أكثر من (20) مليون مشاهد ومستفيد.
وقامت الرئاسة بإعداد برامج ودروس علمية وتوجيهية إثراءً لتجربة حجاج بيت الله، إلى جانب برامجها الأخرى التي تستهدف أكثر من 25 مليون متابع ومشاهد ومستفيد عبر المنصات الرقمية والتطبيقات الذكية والقنوات الإعلامية.