قلقيلية 18-4-2021 وفا – ميساء عمر
أجواء رمضانية افتقدتها عائلة الحاج بسام هزاع شريم من مدينة قلقيلية لسنوات طويلة، تعود اليها من جديد هذا العام لدى تنسم نجليها الحرية بعد 20 عاما خلف قضبان الاحتلال.
الشقيقان هزاع (42 عاما)، و إياد (44 عاما)، من ذوي المحكوميات العالية في سجون الاحتلال، فقضى "هزاع (20 عاما) بالأسر، وأُفرج عنه في الـ22 من آذار/مارس الماضي، وأما شقيقه قضى (18 عاما) بالأسر وفي الـ23 من تموز/يوليو 2020 تم الافراج عنه، وبهذا يكون هذا العام الرمضان الأول لهما بعد سنين عجاف من الفراق بفعل الاحتلال.
وبينما تلتف العائلة يوميا على سفرة الطعام قبل آذان المغرب بدقائق، لا بدَّ منهما أن يستذكرا حياتهما الأعوام الماضية خلف القضبان، واصفين إياها بأنها أشد الأيام قهرا ومرارة على النفس، في ظل حرمانهما من أهلهم وصلة رحمهم من جهة، وتضاعف إجراءات الاحتلال وانتهاكاته من جهة ثانية.
وحسب الأخوين أن أصعب ما كان يمر عليهما وقت الافطار، تذكر غياب والدتهما عن مائدة الافطار، خاصة أنهما فقداها وهما بالأسر ولم يستطيعا توديعها.
ويقول هزاع: "لا يمكن أن أصف شعوري بغياب والدتي، خاصة مع بدء وضع أطباق الطعام على الطاولة، فلطالما كانت تنادينا لمساعدتها هي شقيقاتي الثلاثة بنقل الطعام إلى المائدة، بعد عودتنا أنا وأخواني الأربعة من السوق".
ويضيف: "لم يبقى شيء على حاله، فالمنزل خالي من أصوات الأبناء وضجيجهم وقت الافطار، إخواني كبروا، وأبي أرهقه الحزن وأصبح كثير العزلة بعد غياب والدتي التي لم نعد نسمع صوتها".
سلب الاحتلال طفولة الكثير من الأسرى، وحرمهم من عائلاتهم، ولم يكتفي بذلك بل يتعمد يوميا تثبيط معنوياتهم في كل مكان وزمان، ويزداد ذلك بالمناسبات خاصة الدينية منها، كقدوم شهر رمضان المبارك، حيث يحاول تعكير صفو الأجواء الروحانية كعرقلة أوقات أداء الفرائض، وتناول الافطار.
ويروي هزاع موقفا مرَّ به: "بينما كنا نتحضر في السجن ذات يوم لبدء الافطار برمضان، سمعنا أحدهم يهتف بصوت هزّ أركان السجن (تفتيش، تفتيش، تفتيش)، وبدأت إدارة السجون باقتحام الاقسام، دون معرفة للأسباب، اعترضنا وقوبلنا بحرماننا من تناول الافطار حينها إلى ساعة متأخرة من الليل، كما لم نستطع حينها أن نقيم صلاة التراويح جماعة".
ويضيف: "في كثير من الأحيان كان الاحتلال يعمل على تقليص المواد التموينية من طعام وشراب، ويماطل بتوفير الأدوية اللازمة في وقتها للأسرى المرضى، ما يسبب لهم ارهاقا أثناء الصيام، وبعضهم لا يقدر على التحمل لعدم تناوله الأدوية والمسكنات".
ويرى شقيقه إياد أن أكثر ما كان ينغص عليهم أسرهم في رمضان، التشديد من اجراءات الزيارة، التي تسبب اطالة وقت الانتظار، وبذل جهد أكبر بغرف التفتيش في ظل الأجواء الصيفية الحارة، أو منع إدارة السجون الزيارات العائلية أساسا.
وعن كيفية قضاء يومهم بالصيام، يبين إياد أن كل أسير أو مجموعة من الأسرى كان لهم طقوسهم الخاصة، فمع بداية الصباح كانوا ينتشرون في ساحات القسم بنشاط مستمر، وحين يشتد الحر بعد صلاة الظهر يعم الهدوء المكان وتنال أجسادهم قسطا من الراحة، ومنهم من ينام حتى ساعات العصر، وآخرين يقرأون أو يتابعون التلفاز.
ويتابع: "ومع اقتراب موعد الافطار يتجمع الأسرى بحلقات الذكر والدعاء، بينما ينشط المسؤولون عن الطبخ لإعداد الطعام، وأول ما يتناوله الأسير عند افطاره التمر والماء والشوربة، ثم يؤدون صلاة المغرب جماعة، بعد ذلك تبدأ وجبة الإفطار، وما هي إلا ساعة ويكون قد اقترب موعد صلاة التراويح، حيث يحضر الأسرى الدروس والمواعظ، إضافة للمسابقات الدينية، ويجلسون يتحدثون ويتشاركون ذكريات طفولتهم مع عائلاتهم، وبعضهم يواصل قيام الليل وقراءة القرآن والكتب".
ويؤكد "سنوات لا يمكن أن تنسى، عشنا فيها معا وتذوقنا مرارة الألم سويا، ولن تكتمل فرحتنا إلا بالافراج عن جميع الأسرى بإذن الله".
ـــــــــ
م.أ