طوباس (إبزيق) 26-4-2021 وفا- الحارث الحصني
لم يتناول أفراد عائلة عبد الكريم الحروب، هذا المساء، إفطارهم في خيامهم ومساكنهم في ليلة الرابع عشر من شهر رمضان، بعد أن أخطرهم الاحتلال بضرورة ترك مضاربهم اليوم بهدف التدريبات العسكرية.
لهذا الغرض، قرر الحروب إرسال بعض أفراد عائلته للإفطار عند أحد أقربائه في الخربة، لم تشملهم إخطارات الطرد.
١٩ مواطنا ممن يقيمون في خربة إبزيق شمال طوباس، سيعيشون التشرد باوسع ابوابه لأربعة أيام متتالية، بسبب التدريبات العسكرية التي تنوي قوات الاحتلال القيام بها.
وعائلة الحروب واحدة من ثلاث عائلات أخطرها الاحتلال قبل أيام بالطرد بدءا من مساء هذا اليوم وحتى نهاية الأسبوع الحالي، من الثامنة مساء حتى التاسعة من صباح يوم الجمعة.
لم يسبق للعائلة الحروب أن تركت خيامها في رمضان.. فبالنسبة لرب العائلة التي تضم خمسة أفراد، أصغرهم بعمر السنة والنصف، فإن التوقيت أصعب من كل مرة.
يقول عبد الكريم: "كنا نترك خيامنا في السنوات الماضية كثيرا بسبب التدريبات، لكن هذه المرة الأولى التي نخرج فيها في رمضان".
العائلة التي تعتمد بشكل كلي على تربية الماشية ستفقد اليوم طقوس الشهر الفضيل، حينما تغادر خيامها "مرغمة".
"لقد نزعوا فرحة افطارنا وجلساتنا الرمضانية بطردنا من خيامنا، نحن عائلة متوسطة، والمبيت عند الآخرين عبء كبير، فالخيام هنا كلها محدودة المساحة". قال الحروب، وأضاف "سنبيت ليلتنا على تخوم الخربة".
ويمكن مشاهدة خيام المواطنين وحظائر مواشيهم مقامة على سفوح الجبال المحيطة والمطلة على السهول الخصبة للخربة.
لا يمكن معرفة إذا ما كانت أيام الطرد والترحيل هي الأخيرة في شهر رمضان أم لا، لكن ناشطون حقوقيون عاملون في المنطقة استبعدوا ألا يعيد الاحتلال تدريباته العسكرية قريبا.
وتترك العائلات الفلسطينية خيامها غالبا مشيا على الأقدام، إلا في بعض الحالات التي يحصل فيها افرادها على فرصة التنقل من خلال المركبات أو الجرارات الزراعية.
خلال السنوات الماضية طردت قوات الاحتلال العائلات في ابزيق أكثر من مرة سنويا؛ بهدف التدريبات العسكرية في سهولها.
وبتقديرات رئيس مجلس قروي ابزيق، عبد المجيد خضيرات، فإن مساحة الأراضي السهلية لخربة ابزيق تتراوح بين 1200- 1400 دونم.
وقد لوحظ على امتداد السنوات الماضية آثار الدمار الذي كانت تخلفه الدبابات الثقيلة و"البلدوزرات" العسكرية التي كانت تشارك في تلك التدريبات، حيث ينعكس هذا الدمار سلبا على مراعي الماشية في المنطقة. قال الحروب: "هذه الليلة سنبقي مواشينا في خيامها وسنطعمها الأعلاف ونتركها تحت رحمة القدر"، ذلك أن العائلات التي شملتها إخطارات الطرد لن يكون باستطاعتها اصطحاب مواشيها معها، ما يجبرها على إبقائها في حظائرها حتى انتهاء مدة الإخطار.
يقول خضيرات: "يختار الاحتلال الأوقات الأكثر حساسية في العام للتدريبات، ويمكن ملاحظة حركة تدريبات نشطة في فصلي الربيع والصيف". معلنا عن خشيته ومخاوفه من أن ينتج من التدريبات العسكرية حرائق يمكن أن تأتي على المحاصيل البعلية التي اقترب حصادها.
يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم": "هنالك ما يقارب 2,700 شخص يسكنون في نحو عشرين تجمّع رعوي في الأغوار، في أراضٍ أو على أطراف أراضٍ أعلنها الجيش مناطقَ إطلاق نار".
وأضاف "بتسيلم": "تسعى (الإدارة المدنيّة) بوسائل مختلفة إلى منع هؤلاء الفلسطينيين من مواصلة السّكن في المنطقة ومن ضمن تلك الوسائل هدم منازلهم مرارًا وتكرارًا وإخلاؤهم المتكرّر لفترات قصير بحجّة التدريبات العسكريّة ومصادرة الصهاريج التي تزوّدهم بالمياه".
وترى المنظمة الحقوقية أنه من وراء هذه الممارسات المخالفة للقانون تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى تحقيق غاية سياسيّة صرّحت بها جهات رسميّة في مناسبات مختلفة، وهي استغلال الوقت لفرض وقائع ثابتة على الأرض والسيطرة على تلك المناطق.
وتؤكد أن "كلّ هذا بهدف خلق ظروف تسهّل ضمّ هذه الأراضي إلى حدود دولة إسرائيل قانونيًّا في إطار تسوية مستقبلية؛ وحتى ذلك الحين تعمل إسرائيل على ضمّها فعليًّا. في هذه الأثناء وطيلة عشرات السنين حتى الآن تنتهك إسرائيل مرّة تلو المرّة حقوق الإنسان الخاصة بسكّان تلك التجمّعات بشكل منهجيّ وشامل وفظّ"، وهو ما يؤكده أيضا خضيرات، ويقول: "هدفهم إرهاب السكان وطردهم بشكل نهائي من خيامهم، لكننا اعتدنا على مثل هذه الممارسات والإجراءات التعسفية، وسنواجه العمليات الممنهجة لطردنا وتشريدنا عن أراضينا وممتلكاتنا حتى لو كلفنا ذلك حياتنا".
ـــــــــــــــــ
ح.ح/ ف.ع