الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 08/02/2022 02:41 م

باسم موسى.. مرآة الحياة البرية

سلفيت 8-2-2022 وفا- عُلا موقدي تبدّو الصور الفوتوغرافية للحياة البرية التي يلتقطها المصورون المحترفون وكأنها لوحة فنية تم رسمها بطريقة عجائبية، وتذهب بالمشاهد إلى تخيل كل ما هو جميل.

المصور الهاوي باسم موسى (48 عاما) نشأ في بلدة دير بلوط، وهي واحدة من أجمل بلدات محافظة سلفيت التي تتميز بجمال طبيعتها وسهولها الخلابة.

موسى أحب التصوير الفوتوغرافي منذ أن كان طفلاً وتعلّمه بنفسه، في الثمانينات امتلك أول كاميرا، وخرج إلى الطبيعة منذ أن كان في الرابعة عشرة، حاملاً كاميرته متجولاً بين الجبال والأودية، وظلّت الطبيعة تسحره حتى بدأ سلسلة من جولاته في كل فلسطين وأسس لنفسه مساراً رائداً في مجال التصوير الفوتوغرافي.

تُعدّ أعمال موسى من النماذج الفوتوغرافيّة التي توثّق الحياة البرية الفلسطينية، وخاصة الطيور المهاجرة والمقيمة في فلسطين.

يقول موسى لـ"وفا": التصوير هواية قديمة حديثة، في طفولتي كان شقيقي يمتلك كاميرا بسيطة تعمل على الفيلم، وكنت أستعيرها منه لالتقط الصور الشخصية لي ولأصدقائي في الطبيعة، ثم أذهب إلى مدينة نابلس لتحميضها، كنا لا نهتم بجمالية الصور، ولكن الأهم بالنسبة لنا توثيق اللحظات، والطبيعة، وحياة الأشخاص.

وأضاف: التصوير والطبيعة يجعلاني أشعر بقيمة الحياة أكثر، خاصة وأن فلسطين تتميز بجغرافيا غنية بتنوعها الحيوي والمناخي اللذين يشكلان عامل مهم لالتقاط الصور المميزة.

تطّور باسم في هوايته القديمة، ومع مرور السنين امتلك كاميرا من نوع "باناسونيك"، وأصبح ينتظر مواسم هجرة الطيور إلى فلسطين لالتقاط الصور وتوثيق أنواع المقيم منها والمهاجر، إذ أن غالبية الطيور تجعل من فلسطين محطة رئيسية للهجرة من أوروبا إلى إفريقيا وبالعكس، والتي تتغير بحسب الأحوال الجوية ونوع الطير.

وعن حركة الطيور بيّن موسى: في الشتاء يمر على بيسان وبحيرة الحولة ما يقارب نصف مليار طير يصّنف بين مهاجر ومقيم، منها 30 ألف من طائر الكركي الجميل الذي يصل عادة في شهر أكتوبر ويهاجر إلى أوروبا في آذار، أي أنها تقضي الشتاء في البحيرة ثم تهاجر إلى مناطق تعشيشها في أوروبا. وفي الصيف يزور فلسطين الوروار الأوروبي، والوروار الأخضر، والوروار أزرق الخد، تبني أعشاشها في المنحدرات الطينية، إلا أن هذا النوع من الطيور يحارب من قبل الأشخاص لأنه يعتبر من آكل النحل، الأمر الذي قد يؤدي إلى أزمة انقراض في التنوع الحيوي.

وأكمل: كان يزورنا في سهل دير بلوط ما بين 40-50 طائرا من البط الخضري البري، والحسون البري، والغزال البري، وطائر الطيطوي، وأبو منجل اللامع الذي يتميز بأجنحته اللامعة الخضراء، والبط أبو مجرفة الذي يزورنا في فلسطين كل عام، إلا أننا اليوم أصبحنا نفتقد هذه الأنواع بسبب تأخر المطر، والصيد الجائر، وهنا تكمن أهمية تصوير هذه الأنواع وتوثيقها.

خلال العام 2020 وثق موسى أكثر من 18 نوعا من الطيور في أماكن مختلفة، وقال لـ"وفا" إن مناطق صانور ومرج ابن عامر، ومطلات البحر الميت، هي نقاط مهمة وحيوية لحركة الطيور وملهمة للتصوير، كذلك منطقة فصايل في الأغوار التي تتميز بوجود طائر الزوزو، والعقاب، والصقور، واللقلق.

المناطق الريفية، والمواقع التاريخية، والخرب والمقامات الإسلامية، والقرى المهجرة في أراضي عام 48 لها أيضا خصوصية في التصوير عند موسى، وغنية بالشواهد الحية التي تؤرخ لمراحل مختلفة من الحياة البشرية، وتوثيقها يعتبر ضروري لحفظ التاريخ الفلسطيني من التزوير، وجعلها معالم سياحية.

واستعرض موسى: في سلفيت يوجد الكثير من المعالم الأثرية الرومانية والبيزنطية، وتحتوي المحافظة على 31 خربة بداخلها معاصر للزيتون ولوحات فسيفساء غاية في الجمال، غالبيتها يحاول الاحتلال السيطرة عليها، منها: دير قلعة، ودير سمعان، وقرقش، وخربة حمد.

وأضاف: خلال تصويرنا لهذه المناطق نعاني من مضايقات جمة من قبل قوات الاحتلال، ففي العام 2019 احتجزوني لمدة 7 ساعات بحجة أنني أقوم بتصوير أماكن خاصة بالمستوطنات والمحميات الطبيعية، وقاموا بتفتيش الكاميرات ومحو الصور الموجودة عليها.

يخرج موسى في كل عام في نحو 30 مسارا مع مصورين محترفين يتبادلون الخبرات ويوثقون الحياة البرية الفلسطينية من خلال كاميراتهم بإمكانياتهم الشخصية البسيطة، ويأمل أن تسعفه الظروف في المستقبل لإنتاج الأفلام الوثائقية والكتب المتخصصة في الحياة البرية، بدلاً من اقتصار نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ــــــ

/ ف.ع

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا