الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 05/04/2022 04:24 م

الطفل وديع .. ثمانية أشهر من المعاناة والقهر

رام الله 5-4-2022 وفا- معن الريماوي

بعد ثمانية أشهر في الاعتقال الإداري، خرج الطفل وديع حديّد (15 عاما) قبل عدة أيام يعاني من ثقل 8 أيام قضاها في زنازين العزل الانفرادي بمعتقلات الاحتلال.

لا تزال هواجس خوف وهلع شديدين ونوبات صراخ ورعب تداهم الطفل وديع في ساعات متأخرة من الليل، ولا يستطيع النوم كثيرًا، كما غابت الضحكة عنه.

في ليلة الإفراج الأولى عنه مطلع الشهر الجاري، نام في حضن والدته حتى صباح اليوم التالي.

اعُتقل حديد من طولكرم في الرابع عشر من شهر أيلول/سبتمبر الماضي، وجرى نقله لمركز تحقيق في معتقل "عوفر" لعدة أيام، ثم إلى معتقل "مجدو" ليزج في زنزانة، لا ألعاب ولا سرير دافئ ولا نوافذ ولا أمن ولا أمان، وكل ما فيها فرشة وغطاء، وضوء خافت معلق في السقف.

نام حديد كل أيامه بجانب باب الزنزانة يطرقه كل حين علَّ أحدهم يخرجه منها، لكن كل هذا الرجاء كان يبدده مداهمة وترهيب وصراخ.

ضاق المكان الضيق أكثر على وديع، وفي أحد الأيام أصيب بتشنجات وأغمي عليه، وجرى نقله إثرها لمركز طبي، ثم أعيد للزنزانة، وبعد أيام جرى نقله الى أحد أقسام معتقل "مجدو".

"مضت الأيام صعبة داخل الأسر، حيث تعرضت لتحقيق قاسٍ، ومارسوا صنوفًا من الترهيب والضغط النفسي، والضرب أحيانًا، وأنا خائف جدًا، ولا أعلم ما الذي فعلته، وبعدها تم نقلي إلى زنزانة في مجدو وهناك لم أستطع النوم أبدًا، وكانت تداهمني هواجس خوف وقلق، وكنت أطرق باب الزنزانة أطالبهم بنقلي إلى قسم فيه أسرى، والابتعاد عن هذا المكان الموحش"، يقول الطفل وديع لـ"وفا".

ويتساءل: "لا أعلم لماذا جرى اعتقالي وماذا فعلت.. علما أنني خرجت من المدرسة مبكرًا وأعمل في مغسلة للسيارات لأساعد عائلتي".

ويضيف وديع: "بعد ثمانية أيام، جرى نقلي إلى قسم آخر، وكنت سعيدًا جدًا عندما رأيت الأسرى في السجن، وجاء أحدهم مسرعا نحوي وأخذ يحدثني، ويقدم لي النصيحة والمساعدة، وكان بمثابة أب لي، ويردد دائمًا بأني سأخرج من السجن قريبًا، وأن لا أخاف أبدًا، وأن الأسرى عائلتي الثانية".

مرت الأيام ثقيلة على وديع في داخل السجون، ولطالما استيقظ فزعًا وهو يصرخ "أريد أمي"، ليأتي أحد الأسرى ويقوم بتهدئته.

صباح أحد الأيام، نُقل وديع الى محكمة الاحتلال، وتم إصدار حكم إداري بحقه لـ4 أشهر، تلتها 4 أخرى.

تقول سلام والدة وديع: "نحاول أنا ووالده الجلوس معه دائما، واللعب معه، وقضاء أوقات ممتعة وعدم تركه لوحده، لكن رغم كل ذلك فإنه ليس وديع الذي نعرفه، فقد كان ضحوكا جدًا، ويحب الحديث واللعب، وصاحب همة ونشاط عاليين، وكنا نعتمد عليه كثيرًا في كل الأمور".

وتضيف: "سجون الاحتلال، سجون ترهيب وقهر للصغير والكبير، وقد كنت خائفة كثيرًا عليه طوال فترة الأسر، ولا أدري كيف سيدبر أمره، وكان أخوته الثلاثة الصغار يسألونني متى سيخرج من السجن لنلعب معه".

وتابعت: "كنت أتواصل مع كافة الجهات المعنية بالأسرى للاطمئنان على حالته، خاصة أول شهرين من الاعتقال، حيث لم يسمح لنا بزيارته، وبعد ذلك سمح لنا مرة واحدة، وكنت فرحة جدًا فهذه أول مرة سأراه فيها بعد شهرين من الحرمان، لكن شاء القدر ومرضت شقيقته سجود (عامين)، ولم أتمكن من زيارته، فزاره أبوه وحده، وبقيت طوال اليوم انتظر عودته ليحدثني عن وضعه وحالته. وعندما عاد قال إنه بخير وهو قوي ولديه إرادة وعزيمة كبيرة، وشعرت بأنه يخفي عني شيئًا فزاد قلقي عليه".

وأردفت: "كان وديع يشارك في كل الفعاليات الوطنية، وفي السابق جرى احتجازه أكثر من مرة".

وأشارت بيانات نادي الأسير الفلسطيني إلى أن هناك 4,400 معتقل فلسطيني في سجون الاحتلال، منهم 160 طفلاً، حتى نهاية شهر شباط 2022، يعيشون ظروفا تخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية حقوق الطفل، وفي حالة حرمان من طفولتهم بما فيه مواصلة دراستهم.

ويصادف الخامس من نيسان من كل عام يوم الطفل الفلسطيني، حيث أعلن الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات في عام 1995 التزامه باتفاقية حقوق الطفل الدولية، وأعلن الخامس من نيسان يوما وطنيا لهذه المناسبة.

ــــ

/ي.ط

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا