الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 30/04/2022 10:42 م

"يحيى عدوان" شهيدًا في جريمة إعدام ميداني مكتملة الأركان

تشييع جثمان الشهيد يحيى عدوان (تصوير: وفا)
تشييع جثمان الشهيد يحيى عدوان (تصوير: وفا)


قلقيلية 30-4-2021 وفا– ميساء عمر

فجر التاسع والعشرين من رمضان، وبينما كان أهالي بلدة عزّون شرق قلقيلية يعدون موائد السحور ويستعدون لاستقبال عيد الفطر السعيد بإعداد "كعك العيد"، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي البلدة، ما دفع بشبابها العزّل للخروج إلى الشارع والتصدي للاقتحام بالحجارة وإشعال الإطارات المطاطية.

قوات الاحتلال، التي منحت من حكومتها وقيادتها الضوء الأخضر لإطلاق النار على ملقي الحجارة خلال وبعد القائهم للحجارة وحتى بعد انسحابهم من المكان، لم تتوانى في إطلاق الرصاص الحي تجاه شبان عزّون العزّل، لتصيب الشاب يحيي علي عدوان (27 عامًا) برصاصة في القلب، فيسقط على الأرض مضرجًا بدمائه ويرتقي على إثرها شهيدًا بعد فشل محاولات الأطباء في إنقاذ حياته.

ووثّق شريط فيديو لحظة إصابة الشاب يحيى، والذي يظهره وهو يركض للاحتماء، إلا أن قوات الاحتلال أطلقت رصاصها الحي مباشرة عليه دون أن يشكّل أي "خطر" عليهم، في جريمة إعدام مكتملة الأركان تضاف إلى سلسلة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا.

عائلة يحيى التي كانت تنتظر عودة ابنها إلى المنزل لمشاركتهم مائدة السحور كما كان يفعل منذ الأول من رمضان، تلقت نبأ استشهاده بعد اتصال تلقته والدته من أصدقائه. ولم تستطع "أم يحيى" الرد على الهاتف وكأنها شعرت بفقدان فلذة كبدها، فرد والده الذي سمع أصدقاء يحيى وهم يبكون ويقولون: "يحيى استشهد يا خالتي، قتلوه واستشهد".

وتوافد أهالي بلدة عزّون إلى منزل الشهيد لمواساة عائلته في مصابهم.

والدته قالت "إن يحيى كان يعمل في مهنة الحدادة، ويخطط لتعمير منزله للزواج وتكوين أسرة كغيره من أبناء جيله، إلا أن الاحتلال قتله وقتل أحلامه".

وأضافت أنها كانت تنتظر اتصالا من نجلها يسألهم عن احتياجاتهم لمائدة السحور، قبل أن يتلقوا نبأ استشهاده، ليغيب يحيى عن مائدة السحور للأبد.

وتشير عائلة الشهيد إلى أن نجلها أمضى أكثر من 7 سنوات من عمره متنقلا بين معتقلات الاحتلال، حيث اعتقل لأول مرة عام 2010 وكان يبلغ من العمر 15 عامًا، أمضى حينها 10 أشهر في المعتقل، وفي المرة الثانية اعتقل عام 2013 وحكم عليه 3 سنوات، ثم عام 2016 جرى اعتقاله مرة أخرى، وفي عام 2019 قضى 16 شهرًا بالمعتقل، وقبل أن يحتضنه التراب هذا العام، جرى اعتقاله مرتين في عام 2021.

وينتمي "يحيى" لعائلة مناضلة فوالده "علي" كان أسيرًا محررًا إبان الانتفاضة الأولى، وشقيقه الأسير "زيد" يقبع حاليًا بسجن النقب ومحكوم 6 سنوات، وشقيقه "محمد" أسير محرر فقد عينه اليمنى بداخل المعتقل بفعل الإهمال الطبي عام 2013.

وشيعت جماهير غفيرة من أبناء شعبنا في محافظة قلقيلية جثمان الشهيد يحيى، حيث انطلق موكب التشييع بمشاركة رسمية وشعبية، من مستشفى درويش نزال الحكومي بمدينة قلقيلية، وصولا إلى منزل عائلته، التي ألقت نظرة الوداع على جثمانه، ومنه إلى مسجد عزّون الكبير، حيث أدى المشيعون الصلاة عليه، قبل أن يوارى الثرى في مقبرة الشهداء بالبلدة. وردد المشاركون هتافات منددة بجرائم الاحتلال المتواصلة بحق شعبنا وأرضه ومقدساته، وخاصة في المسجد الأقصى المبارك.

وباستشهاد الشاب يحيى، يرتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا منذ مطلع شهر نيسان الجاري إلى 23 شهيدًا، بينهم شهيدتان وطفل (13 عامًا)، خلال اقتحامات قوات الاحتلال المتكررة للمدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية، وضمن مسلسل الإعدامات الميدانية التي ينفذها جنود الاحتلال بحق الشبان دون رادع.

وزير العدل محمد الشلالدة قال لـ "وفا" إن مسلسل الإعدامات الميدانية يعتبر انتهاكًا صارخًا لمبادئ وقواعد القانون الدولي الثاني لحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال تمارس سياسة العقاب الفردي والجماعي ضد السكان المدنيين كصورة من صور الانتقام والثأر التي تمارسها ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف أن إسرائيل ترتكب جرائم دولية ورغم ذلك لا تأبه بالعقاب، مستندًا بذلك إلى اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبروتوكول الأول لعام 1977.

وتابع: "مجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان اتخذت قرارًا بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني، وهذه اللجنة اجتمعت في الأردن ونحن ننتظر تقريرها، وبالطبع هذا التقرير مثبت بالوقائع وبالأدلة، ويحمّل إسرائيل كسلطة قائمة بالاحتلال، المسؤولية القانونية الدولية والمسؤولية الجنائية الفردية الشخصية".

وأكد أنه لا بد من المجتمع الدولي التحرك والتحقيق الفوري والعاجل مع مجرمي الحرب الإسرائيليين، وايقاف مسلسل الإعدامات الميدانية.

من جانبها، قالت وزارة الخارجية والمغتربين إن جريمة إعدام الشهيد يحيى علي عدوان برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في بلدة عزون شرق قلقيلية فجر اليوم السبت، هي نتيجة لفشل المجتمع الدولي في حماية مبادئ حقوق الإنسان"، موضحة أن صمت المجتمع الدولي على انتهاكات وجرائم الاحتلال ومستوطنيه بات يشكل غطاءً وحماية لمجرمي الحرب الإسرائيليين، ان لم يكن تواطؤا مفضوحا مع تلك الانتهاكات والجرائم.

وأشارت إلى أن هذه الجريمة هي حلقة في مسلسل جرائم الإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال بتعليمات وتوجيهات المستوى السياسي الإسرائيلي، والتي تعكس وحشية وعنصرية الاحتلال في قمعه وتنكيله بالمواطنين المدنيين الفلسطينيين العزل، واستباحة حياتهم، وأرضهم، ومستقبل أبنائهم.

وحملّت "الخارجية" الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة، واعتبرتها "إرهاب دولة منظم". كما طالبت مجددا الأمين العام للأمم المتحدة بتفعيل نظام الحماية الدولية لشعبنا، في ظل تصاعد الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال والمستوطنين. كما طالبت المحكمة الجنائية الدولية البدء الفوري بتحقيقاتها في جرائم الاحتلال ومستوطنيه.

ـــــ

ع.ف

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا