نابلس 10-11-2023 وفا- زهران معالي
بين خلايا النحل المسحوقة وأغصان الأشجار المحطمة، يجلس المواطن أحمد شولي، من سكان "خربة طانا" التابعة لأراضي بلدة بيت فوريك شرق نابلس، يقلب ناظريه متألما على تعب 15 عاما قضاها في خدمة أرضه، ودمرها المستعمر "كوبي" بلحظات.
أمس الخميس، اقتحم المستعمر "كوبي" خربة طانا بجرافة، بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، وما أن وصلوها حتى أجبروا ثلاث عائلات تسكن فيها على مغادرتها وترك مساكنهم وأغنامهم خلفهم، قبل أن يبدأ بتغيير معالم الخربة بأنياب الجرافة، أملا بفرض واقع جديد.
لم يترك "كوبي"، وهو أحد غلاة المستعمرين الذين يقودون "الاستعمار الرعوي" بالضفة الغربية ويقيم بؤرة على مئات الدونمات من أراضي بيت فوريك وعقربا، في الخربة منزلا أو خيمة أو كهفا قائما، حتى خلايا النحل وألواح الطاقة الشمسية، "فالتدمير طال كل شيء"، وفق سكان الخربة.
ويقول شولي لـ"وفا": على مدار 15 عاما الماضية، زرعت في أرضي البالغة مساحتها خمسة دونمات، اللوز والزيتون والليمون والجوافة والسدر، أكثر من 200 شجرة، وأقمت فيها مزرعة لتربية النحل لأعتاش منها، لكن الاحتلال ومستعمريه دمروا كل شيء.
وهذه المرة الثالثة التي يدمر فيها الاحتلال ومستعمروه مصدر رزق شولي، فقد أحرق المستعمرون قرابة 100 خلية نحل في المزرعة، وحولها جنود الاحتلال خلال التدريبات العسكرية إلى هدف للرماية، ما أدى لتكبده خسائر فادحة.
ويؤكد شولي أن الاحتلال والمستعمرين لم يتركوا وسيلة ولا إجراءات إلا ومارسوها بحق سكان الخربة خلال السنوات الماضية لإجبارهم على الرحيل، عبر هدم المساكن تارة أو قطع المياه عن المزارعين وأراضيهم، عدا عن الاعتداء على المواشي وتخريب المزروعات.
"صامدون هنا ولو نموت فيها سنعود ونعمرها من جديد، لا بد من الصبر والثبات في هذه الأرض حتى رحيل المحتل"، يضيف شولي.
"لم يبق أي شيء في الخربة، كل شيء تم تدميره المنازل والخيام والكهوف والطاقة الشمسية والمركبات وحظائر الأغنام والشجر وحتى خلايا النحل، كل شيء دمرته أنياب المستعمر كوبي وجيش الاحتلال"، يؤكد منسق الحملة الشعبية للدفاع عن أراضي طانا ثائر حنني.
ويضيف حنني، أن هذه المرة الـ13 التي يدمر الاحتلال خربة طانا، لكنها الأخطر، حيث كان حجم التدمير واسعا وشاملا لكل شيء في الخربة، ويظهر أن المخطط كبير ويستهدف التهجير التام لأهالي الخربة، واستغلال ما يجري من عدوان غاشم على قطاع غزة لفرض وقائع جديدة على الأرض في الخربة وحرمان أصحاب المنازل والأراضي من الوصول إليها.
وينوه إلى أن نصف سكان الخربة اضطروا للرحيل خلال السنوات الماضية جراء اعتداءات المستعمرين، وسيطرة المستعمر كوبي على نبع مياه مغذي للخربة، حيث تراجع عدد العائلات التي تسكنها من 40 عائلة إلى 20 عائلة، وهؤلاء يغادرونها مؤقتا خلال فصل الصيف، ثم يعودون إليها في بداية شهر نوفمبر/ تشرين ثاني، نظرا لطبيعة عملهم في الزراعة وتربية المواشي.
ويشير إلى أن الاحتلال يسعى للسيطرة على 18 ألف دونم وحرمان الفلسطينيين منها، مؤكدا: "فشر الاحتلال وفشر المستعمرون ولن نترك المكان وسنبقى في أرضنا، ولن يتمكن من تنفيذ مخططاته الاستعمارية في طانا، هذه أرض الآباء والأجداد".
ووفق تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقد تم تهجير ما يقرب من ألفي فلسطيني منذ عام 2022 وسط عنف المستعمرين، 43% منهم هجروا منذ 7 تشرين الأول /أكتوبر 2023.
وأشار التقرير إلى أنه تم تهجير ما لا يقل عن 98 أسرة تضم 828 شخصا، بمن في ذلك 313 طفلا، من 15 مجتمعا رعويا في جميع أنحاء الضفة الغربية وسط عنف المستعمرين، أو زيادة القيود على الحركة، وذلك فقط منذ 7 تشرين أول/أكتوبر الماضي.
ونوه إلى أن عنف المستعمرين زاد بشكل ملحوظ، حيث بلغ المعدل اليومي سبع حالات، أي أكثر من ضعف المعدل المرتفع بالفعل لعام 2023، والذي كان يبلغ ثلاث حالات عنف يومياً
ــــــ
ز.ع/ و.أ