نابلس 13-10-2024 وفا- الحارث الحصني
في تسجيل صوتي انتشر عند العاشرة صباحا عبر تطبيق "الواتساب"، يفيد بأن صاحبه وهو موظف حكومي منذ السادسة وخمسة دقائق وهو عالق بين طوابير طويلة لمركبات المواطنين الخارجين من مدينة نابلس عبر حاجز المربعة جنوبا، إلى باقي مدن الضفة الغربية.
هذا التسجيل يصف الحالة العامة لما يحدث على الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة في الأيام الأخيرة.
وقبل التاسعة بعشر دقائق، اصطف أحد أصحاب المهن الحرة (مندوب مبيعات) ضمن طابور طويل جدا عند حاجز المربعة العسكري جنوب نابلس، متوجها إلى مدينة رام الله.
بعد ساعتين استطاع اجتياز الحاجز، لكن، هذا ليس الوضع الملائم لطبيعة عمل الرجل الذي فضل عدم ذكر اسمه، فقد أخبر مراسل "وفا"، أن عمله في رام الله سيكون ناقصا.
"أعمل مندوب مبيعات (..)، عندما تقرر زيارة عشرين مؤسسة في الوضع الطبيعي، أنت مضطر على زيارة النصف بسبب التأخير". قال الشاب.
في الجهة القريبة، قال المواطن تامر بانا صاحب التسجيل الصوتي، "منذ أربع ساعات وأنا أنتظر اجتياز حاجز دير شرف العسكري" واصفا المنظر عند الحاجز بـ"غير طبيعي".
ومثلهما، يعاني آلاف المواطنين من تشديدات الاحتلال العسكرية على الحواجز المحيطة في مدينة نابلس.
والحواجز التي يمضي عليها المواطنون ساعات طويلة للوصول إلى الأماكن التي يقصدونها، قد سرقت "بركة" الوقت منهم.
وكون المدينة تربط مدن شمال الضفة بجنوبها ووسطها، والمرور عبر الحواجز المحيطة بها أمر محتوم، فإن أي تشديد أو إغلاق لتلك الحواجز يرمي بظلاله العكسية على حياة المواطنين.
يأخذ موضوع الحالة التي عليها الحواجز المحيطة بنابلس، مكانة كبيرة في أحاديثهم، وصار التعامل مع سفرهم مرهونا بمرونة الحركة، واجتياز تلك الحواجز.
ومنذ عام على أقل تقدير، اختلف النظام اليومي في حياة المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، بعد حدوث طفرة في التشديدات العسكرية على الحواجز التي تفصل المدن الفلسطينية بعضها عن بعض.
وبفعل تلك الحواجز صارت مدن الضفة الغربية منفصلة جغرافيا عن بعضها.
وأصبحت الصور التي تبين فظاعة الأمر عند الحواجز المحيطة في نابلس، منتشرة بشكل واسع على شبكات التواصل الاجتماعي.
يقول بانا: "وصلت رام الله عند الحادية عشر، ذهب نصف يومي هباء".
وبينما وصل بانا مكان عمله في رام الله، كان بعض الطلبة القادمين إلى جامعة النجاح الوطنية، للمحاضرات العملية، والامتحانات، ما زالوا لم يجتازوا الحواجز العسكرية المحيطة بنابلس.
وانتشرت صور لطلبة وهم محتجزين ويتعرضون لتفتيش جسدي عند تلك الحواجز.
على بعد 300 متر عن تواجد الحاجز، ينتظر مندوب المبيعات دوره لعبور الحاجز، وبعد ساعة على أقل تقدير أصبح في وضع أفضل بعدما اقترب من الحاجز نصف المسافة.
تكثر القصص الصعبة عند الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية، بعدما حولت تلك الحواجز حياة المواطنين إلى جحيم.
ومع توتر الأوضاع في الضفة الغربية، أصبحت الحواجز العسكرية محطات قاسية في حياة المتنقلين.
إدارة جامعة النجاح الوطنية، أعلنت أن الدوام لهذا اليوم سيكون إلكترونيا حسب مواعيدها على "الزاجل"، باستثناء المساقات العملية والمراسم والدوام السريري، والامتحانات النصفية.
لكن الطلبة المستثنون من الدوام الالكتروني تحدثوا عن صعوبة بالغة في الوصول إلى الجامعة.
في تقرير للأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بعنوان (التنقل والوصول في الضفة الغربية) نشر مطلع عام 2023، وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 565 عائقا أمام الحركة والتنقل في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. وشملت هذه العوائق 49 حاجزا يتمركز أفراد القوات الإسرائيلية أو الشركات الأمنية الخاصة عليه بصفة دائمة، و139 حاجزا يتمركز هؤلاء الأفراد بين الحين والآخر، و304 متاريس طرق وسواتر ترابية وبوابات طرق، و73 جدارا ترابيا وعائقا على الطرق وخندقا.
في نابلس، إحدى أشهر المدن الفلسطينية، يحيط بها ست حواجز دائمة، وعدد من الحواجز الفاعلة بين الفترة والأخرى، لكن أشد القصص صعوبة تخرج من حواجز "دير شرف، وعورتا، والمربعة".
وتظهر لقطات وثقها المواطنون عن أزمات كبيرة لمركبات الفلسطينيين تمتد أحيانا لوقت ما بعد منتصف الليل.
والشريحة الأكثر تفاؤلا بين المواطنين، لا يرون حلا جذريا لمشكلة الحواجز العسكرية التي قلبت نظام الحياة عند المواطنين رأسا على عقب.
ــــ
ح.ح/ م.ع