رام الله 27-4-2025 وفا- لم يتمكّن الطفل الغزي سمير محمود حكمت حسنين من إكمال عامه الرابع. خطفه سرطان الدم على عجل ودونما استئذان، لكنه في أيامه الأخيرة، كان عليه أن يخوض معركة أخرى أشد قسوة مع الاحتلال الإسرائيلي.
مساء اليوم الأحد، شيّع عشرات المواطنين جثمان سمير وسط أجواء من الحزن العميق، بمشاركة محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، إلى مثواه الأخير في مقبرة رام الله الجديدة.
كان الغياب قاسياً، لكنه ازداد مرارة حين احتجز الاحتلال جثمان الطفل، ومنع عائلته من توديعه، واعتقل والده لساعات بحجة كونه من سكان غزة، في مشهد لخص قسوة الاحتلال الذي لا يرحم حتى الموتى.
ولد سمير في قطاع غزة، حيث تعاني المنظومة الصحية من حصار خانق وظروف متدهورة وانهيار تام في ظل عدوان الاحتلال المتواصل على القطاع منذ السابع من أكتوبر/ 2023.
حين اشتد عليه المرض، اضطر ذووه إلى نقله إلى مستشفيات رام الله، علّهم يجدون له فرصة للنجاة، لكن الأمل كان يخبو يوماً بعد يوم، حتى توقف قلبه الصغير عن النبض. ورغم أن الموت كان نهاية طبيعية لمعركته مع السرطان، إلا أن معركته مع الاحتلال تواصلت حتى الأنفاس الأخيرة.
خلال مراسم التشييع، أكدت ليلى غنام أن "سمير غادر الحياة تاركاً خلفه ألماً شاهداً على قسوة المرض وبشاعة الاحتلال معاً"، مشيرة إلى أن الصمت الدولي المخزي يشجع استمرار الجرائم بحق الأطفال الفلسطينيين.
وأضافت أن "سمير واحد من عشرات المرضى من أبناء غزة العالقين في الضفة الغربية لتلقي العلاج، حيث يجدون في أبناء الضفة أهلاً وأحبة، حتى يعودوا سالمين إلى ديارهم".
وشددت غنام على أن احتجاز جثمان طفل، في انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية، يأتي ضمن سلسلة طويلة من الجرائم اليومية التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا في غزة والضفة الغربية، وسط غياب أي رادع دولي.
غاب الأهل الحقيقيون عن لحظة الوداع. فسمير، الذي كان يحتاج حضن والدته في لحظاته الأخيرة، غادر دون أن يحصل حتى على قبلة الوداع.
رحل الطفل الصغير، لكنه ترك قصة موجعة تختصر معاناة جيل بأكمله يواجه الموت والحصار والاحتلال، في زمن يدعي حماية حقوق الإنسان بينما يصمت أمام مأساة مفتوحة على اتساعها وفي أبشع صورها.
ــــــــ
ف.ع