أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 11/05/2025 04:49 م

في ظل المجاعة.. مرضى السكري في غزة يصارعون للبقاء على قيد الحياة

 

غزة 11-5-2025 وفا- ريم سويسي

"أنا على حافة الموت"، بهذه الكلمات المختنقة بالدموع، يلخص الحاج أحمد درابية (87 عامًا) معاناته اليومية كمريض سكري يعيش وسط مجاعة تضرب قطاع غزة للشهر الثالث على التوالي، نتيجة الحصار المشدد وإغلاق المعابر منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على القطاع قبل أكثر من 18 شهرا.

منذ عشر سنوات، يتناول الحاج درابية الأنسولين بانتظام، لكن اليوم، بات هذا الروتين الطبي مخاطرة مميتة. فمع خلو الأسواق من الغذاء، بات عليه الاختيار بين تناول العلاج على معدة فارغة، أو الامتناع عنه، وكلا الخيارين قاتل. يقول: "أستيقظ ليلاً من الجوع، ولا أستطيع أخذ العلاج، لأن معدتي خاوية. أخاف أن أدخل في غيبوبة، لكن أيضاً أخاف من عدم أخذ الدواء".

الرجفان في يديه وتعبه الشديد يُكملان مشهد التدهور الصحي الذي يعيشه، خاصة أنه يعاني قدما سكرية، وهو ما يزيد حالته تعقيدًا. "أشعر أنني أمشي نحو الموت بلا حول ولا قوة"، يقولها بصوت مرتجف.

وليس درابية سوى نموذج واحد من آلاف المرضى الذين يعانون في صمت، وسط أزمة إنسانية خانقة. فالمسنة ربيعة أحمد (75 عاماً)، تعيش الوضع ذاته. تتلقى وجباتها من إحدى التكايا القريبة من منزلها، لكنها تفتقر إلى أي قيمة غذائية حقيقية. تقول: "لا أتناول دوائي لأنني لا أملك طعاماً مناسباً، والنتيجة أنني أدخل في غيبوبة سكر أكثر من مرة يومياً".

مخاطرة مزدوجة

وحذرت مصادر صحية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية، من أزمة و"كارثة" تواجهان أصحاب الأمراض المزمنة في غزة، مشيرة إلى وجود أكثر من 60 ألف مريض بالسكري.

تعلق خبيرة التغذية العلاجية الدكتورة سعاد عبيد، على هذا الوضع الكارثي بقولها: "مريض السكري يحتاج إلى توازن دقيق بين العلاج والغذاء. هذا التوازن لم يعد موجوداً في ظل المجاعة". وتضيف: "أمام المريض خياران كلاهما خطير: إما الامتناع عن تناول العلاج فيرتفع السكر إلى مستويات قاتلة، أو تناوله دون غذاء، ما يؤدي إلى انخفاض حاد قد يسبب فقدان الوعي أو حتى الوفاة".

وتشير عبيد إلى أن المرضى مضطرون إلى الاعتماد على ما توفره التكايا والمساعدات، وغالباً ما تكون عبارة عن خبز أو أرز أو نشويات، وهي أطعمة تزيد اختلال توازن السكر في الدم. "الخضراوات والفواكه والبروتينات، كلها شبه معدومة في السوق، وهذا كارثي لمرضى السكري"، تؤكد عبيد.

مجاعة تطرق الأبواب

ووفقاً لتقرير دولي حديث، فإن نحو 96% من سكان قطاع غزة يعانون انعداما حادا في الأمن الغذائي، فيما يواجه أكثر من 495 ألف شخص (22% من السكان) مستويات كارثية من هذا الانعدام. وأشار التقرير إلى أن المجاعة باتت خطرًا حقيقيًا إذا استمرت القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية.

في غزة، لم يعد السكري مرضًا مزمنًا يدار بالأدوية والنظام الغذائي فقط، بل تحول إلى معركة يومية من أجل البقاء. ومع كل وجبة مفقودة ودواء مؤجل، يقترب المرضى أكثر من حافة الخطر، إذ لا ترف في الاختيار، ولا فسحة للانتظار. فكل غيبوبة يدخلونها قد تكون الأخيرة، وكل يوم يمر، يُقربهم أكثر من النهاية.

ــــــ
/ ف.ع

 

 

 

 

 

 

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا