أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 28/05/2025 05:52 م

أربع رصاصات قتلت جاسم وأوقفت عجلات عربة الأحلام

 

قلقيلية 28-5-2025 وفا- ميساء عمر

غدا سيفتقد أطفال مدارس قرية جيت شرق قلقيلية البائع جاسم، الذي كان يقف بعربته الخشبية أمام منزله في انتظار ذهابهم إلى مدارسهم صباحا، ليبيعهم الترمس والحمص والذرة، ويبقى في انتظارهم حتى وقت الظهيرة حين عودتهم ليبيعهم ما تبقى.

أحب جاسم الأطفال واعتادوا وجوده أمام منزله يوميا، يقصدونه لشراء الذرة والحمص والترمس، لكن بعد اليوم ستبقى عربته مركونة، لأن صاحبها استُشهد.

في قرية جيت الواقعة شرق قلقيلية، يعيش الناس قلقا يوميا، حيث الاقتحامات والاعتداءات الإسرائيلية لا تتوقف، لكنهم اليوم استفاقوا على جريمة وحشية، بعد أن أفرغ جيش الاحتلال رصاصته في جسد الشاب جاسم إبراهيم السدة (20 عامًا)، عقب اقتحام منزله في القرية، بينما كان نائما. استُشهد جاسم.

جاسم، أصغر أشقائه السبعة، يعيش في بيت بسيط رفقة والديه، كان قلبه طيبا وحنونا، ومنشغلا بأحلامه العادية، وهي تطوير عربته الخشبية الصغيرة، لتأسيس بيت، والزواج، وإنجاب الأطفال، لكن هذه الأحلام وإن كانت عادية، فإنها في زمن الاحتلال ليست كذلك.

لم يُعرف عنه يوما انتماؤه إلى أي تنظيم سياسي، ولم يشارك في أية أنشطة، بل لم يسبق له حتى أن كتب منشورا سياسيا عبر صفحته الشخصية ولا خاض في تلك الأمور، فقد كان مشغولًا بالاهتمام بوالديه وتأسيس مستقبله.

درويش، شقيق جاسم، قال إنه فجر اليوم، وتحديدًا عند الساعة الثانية صباحًا، كان جاسم نائمًا وحيدًا في منزلهم العائلي الصغير المكون من غرفتين، فوالدته كانت قد خرجت لتساعد زوجة ابنها التي وضعت مولودا جديدا، بينما كان والده نائمًا في ساحة المنزل بعيدا عنه، وجاسم نائما في غرفته.

داهمت قوات الاحتلال الحي حيث يقطن جاسم، واقتربت من ساحة منزل العائلة، كما اقتحمت منازل أشقائه المجاورة لمنزلهم، واحتجزتهم هم ووالدهم ومنعتهم من الخروج.

يسرد درويش فصول عملية الإعدام الوحشية التي ارتكبها جيش الاحتلال، "توجه الجنود إلى المنزل الرئيسي للعائلة، المبني بطراز قديم، وطرقت بابه بعنف دون أن تتلقى ردا، فخلع الجنود الباب بالقوة، وأسلحتهم مصوبة نحو الداخل، دخلوا غرفة جاسم، وهو لا يزال على سريره.

أطلق الجنود رصاصتهم الأولى التي اخترقت قدمه، فسمع الأب والأشقاء صوت أنين جاسم وصراخه، ومن ثم انطلقت رصاصة ثانية أصابت بطنه، وثالثة في صدره، أما الرابعة فأصابته في رقبته.

يقول درويش إن شقيقه كان نائما، أعدموه وهو على سريره، لم يكن هناك أي مواجهة منه، كان إعداما بدم بارد، في غرفة نوم ضيقة.

لم تكتفِ قوات الاحتلال بإطلاق النار على جاسم، بل منعت أفراد عائلته من الاقتراب منه حتى بعد إصابته، وقفوا عاجزين مذهولين، وهم يرون ابنهم يلفظ أنفاسه الأخيرة، دون السماح لهم بتقديم الإسعاف له أو حتى نقله للعلاج، كان مضرجا بدمه، ينقل الجنود جثمانه أمام عائلته التي لا تدري ما حدث.

لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي للإسعاف بالوصول إلى القرية، ولم يُمنح جاسم حق الحياة أو حتى فرصة النجاة، احتجز الجنود جثمانه وكأنهم كانوا في انتظار أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، وبعدما تأكدوا من استشهاده سلّموا الجثمان لعائلته التي كانت في حالة هستيرية نتيجة الصدمة.

يقول رئيس المجلس القروي ناصر السدة، إن قرية جيت تعيش حالة من التوتر والقلق الدائمَين نتيجة إجراءات الاحتلال المستمرة المتمثلة في الاقتحامات اليومية، التي يتخللها تفتيش للمنازل، وتخريب للممتلكات، إلى جانب اعتداءات المستعمرين المتكررة على الأراضي الزراعية واقتلاع الأشجار، في إطار سياسة تهدف إلى تهجير المواطنين وفرض واقع استعماري جديد.

ودعا رئيس المجلس، المنظمات الدولية والحقوقية إلى التحرك الفوري لحماية المواطنين، ووضع حد لهذا الوضع الذي لا أمان فيه.

محافظ قلقيلية حسام أبو حمدة قال إن ما يجري في قرية جيت هو صورة مصغرة لما تتعرض له القرى والبلدات الفلسطينية كافة من انتهاكات مستمرة، وهو ما يحتم على الجميع التكاتف للدفاع عن الأرض.

وأضاف أن جريمة إعدام الشاب جاسم السدة بدم بارد على يد قوات الاحتلال، تجسد العقلية الإجرامية التي تحكم سلوك هذا الاحتلال، مؤكداً أن هذه الجريمة ستبقى شاهدا على وحشية الاحتلال وانتهاكه الصارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية.

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كانت قد نشرت في العاشر من شهر شباط/ فبراير الماضي، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وسع أوامر إطلاق النار بالضفة الغربية، حيث نقلت عن قادة وحدات في الجيش، أن ما تسمى "قيادة المنطقة الوسطى" لديها، قررت تطبيق آلية إطلاق النار التي كانت تتبعها في قطاع غزة، لقتل أي فلسطيني غير مسلح سواء يشتبه به أو لا في الضفة الغربية، موضحة أن "أوامر إطلاق النار الواسعة سهّلت على الجنود الضغط على الزناد".

ــــــ

م.أ/ر.ح

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا