جنين 27-7-2025 وفا- فاطمة إبراهيم
في تموز عام 2023، أصيب الشاب كمال عرعراوي من مخيم جنين برصاصة مباشرة في الرأس أطلقها قناص من جيش الاحتلال، ما أدى إلى تهشم في جمجمته، واقتلاع عينه اليمنى وفقدانه البصر، بينما كان يستعد لدخول الثانوية العامة، تلك الإصابة حرمته من التقدّم للامتحان مع زملائه من دفعة 2024.
ورغم الإصابة القاسية والنزوح، قرر عرعراوي التقدم هذا العام لامتحانات الثانوية العامة في الفرع الشرعي، وقبل نهاية الفصل الدراسي الأول، فُجع باستشهاد اثنين من أبناء عمومته في قصف الاحتلال حارة الدمج بمخيم جنين، ومع بدء عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها وجد نفسه وعائلته بين نحو 22 مواطنا نزحوا قسرا عن بيوتهم.
في منزل نزوحه بمنطقة حرش السعادة في جنين، تحدث عرعراوي عن تجربته في الدراسة، قائلاً إنه اعتمد على الترديد والاستماع، إذ قرأ أقاربه بالمواد له مرارا، حتى حفظها.
وأضاف: "الدراسة لم تكن سهلة، فمضاعفات الإصابة مستمرة، وفقدان البصر تحدٍ كبير، لكن الإرادة تحقق المستحيل. بعد الإصابة والنزوح، تابعت طريقي بفضل الله ودعم عائلتي، وأنا فخور بما أنجزت، رغم أن فرحتنا منقوصة بسبب ما يعيشه أهلنا في غزة من حرب إبادة وتجويع".
ويُعد عرعراوي واحدا من 43 طالبا وطالبة من مخيم جنين، قدّموا امتحانات الثانوية العامة في أماكن نزوحهم، وسط ظروف اقتصادية واجتماعية بالغة الصعوبة.
الطالبة رشا أبو الهيجا استقبلت خبر نجاحها بمعدل 94% في الفرع الأدبي، من منزل جدها في برقين، حيث نزحت مع والدتها وأشقائها الأربعة، بعد استشهاد والدها برصاص الاحتلال في المخيم قبل عام.
خال رشا، خلوف، قال إن ظروفها كانت استثنائية، إذ نزحت من بيتها دون أن تأخذ كتبها وملخصاتها، واضطرت إلى الانتقال إلى مدرسة جديدة، بعيدا عن زميلاتها، وانقطع تواصلها معهن. كما عانت صعوبة المواصلات وانقطاع التعليم الوجاهي كما كل طلبة جنين.
من جهتها، حصلت الطالبة غزل حمدة، من مخيم جنين النازحة إلى قرية مثلث الشهداء، على معدل 99% في الفرع الأدبي، لتحصد المرتبة السابعة مكرر على مديرية جنين. اضطرت غزل إلى ترك مدرستها في حي الزهراء نتيجة القصف المتكرر، وتضرر المدرسة وأسوارها بفعل جرافات الاحتلال.
قالت إنها نزحت وعائلتها إلى ورشة صغيرة ثم إلى بيت خال من الأثاث والإنترنت، كانت تدرس في روضة قريبة منذ الصباح حتى التاسعة مساءً، مستعينة بنظام "التيمز". التحقت لاحقا بمدرسة حطين في مدينة جنين، وواجهت صعوبة في المواصلات، إذ كانت تصل إلى البيت بعد أذان المغرب يوميا.
"وعدت جدتي الراحلة بأن أكون من المتفوقين، وكان هذا دافعي رغم كل الظروف"، قالت غزل.
كما حصل الطالب الحارث أحمد غوادرة، من مخيم جنين والنازح إلى كفر دان، على معدل 96.4% في الفرع الأدبي.
بدوره، أكد مدير تربية جنين طارق علاونة، أن المديرية حصدت ثلاثة مراكز ضمن الطلبة الأوائل على مستوى الوطن، معتبرا هذا التفوق إنجازا يعيد إلى محافظة جنين ومؤسساتها التعليمية تميزها ومكانتها.
ووفق بيانات وزارة التربية والتعليم، فإن الاحتلال حرم 67 طالبا من التقدم لامتحانات الثانوية العامة هذا العام بسبب الاعتقال، فيما استُشهد 137 طالبا في الضفة الغربية منذ بداية حرب الإبادة على غزة، إضافة إلى أكثر من 16 ألف شهيد من الطلبة في القطاع.
كما تعرضت 152 مدرسة و8 جامعات في الضفة للاقتحام والتخريب، وتضررت أسوار عدة مدارس، بينها مدارس في جنين وطولكرم وبروقين وكفر الديك. ولا يزال الاحتلال يغلق 6 مدارس تابعة لوكالة "الأونروا" في القدس وضواحيها منذ الثامن من أيار/مايو الماضي.
ـــــــ
ف.إ/ م.ع