غزة 7-9-2025 وفا- حسين نظير السنوار
للعام الثالث على التوالي تحرم آلة الحرب الإسرائيلية طلاب قطاع غزة من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم، في إصرار منها على فرض سياسة التجهيل، وتركهم في مهب الريح.
الأوضاع مأساوية للغاية، فطلاب وطالبات المدارس والجامعات يُحرمون من حقهم الأساسي في التعليم بسبب الحرب المستعمرة المستمرة، وتداعياتها، التي لم تترك شيئا إلا وطالته، حيث أكثر من 95% من المدارس دمرت، وأصبحت 85% من مباني الجامعات غير صالحة، ما حرّم نحو 700 ألف طالب وطالبة من حقهم في التعليم.
أسباب الحرمان من الدراسة
الدمار الواسع للبنية التحتية للمدارس، والجامعات، ومراكز التدريب، إضافة لنزوح عشرات الآلاف من الطلبة مع أسرهم إلى مناطق غير مجهزة للتعليم ولعدة مرات، وعدم الاستقرار في منطقة معينة لفترة طويلة بسبب اشتداد الحرب، حال دون متابعة الطلبة لمسيرتهم التعليمية.
وكذلك لاستخدام ما تبقى من المدارس كملاجئ للنازحين، إضافة لانقطاع التيار الكهربائي، وضعف وانقطاع الإنترنت، وعدم توفر الكتب والمواد التعليمية والبيئة التعليمية المجهزة لاستقبال الطلاب وعمل المدرسين، علاوة على الخطر الأمني المستمر الذي يحول دون انتظام التعليم.
الآثار المترتبة على عدم انتظام الدراسة
جيل كامل مهدد بالجهل، وضياع سنوات دراسية مهمة للطلبة في المراحل الثانوية والجامعية، إضافة لتراجع فرص الالتحاق بالجامعات، أو إكمال التخصصات الجامعية، ما له انعكاسات نفسية خطيرة على الأطفال والشباب نتيجة الشعور بالحرمان والعجز.
الجهود المبذولة
محاولات من بعض المبادرات المحلية لتوفير التعليم عن بعد أو دروس تطوعية داخل المخيمات، لكنها محدودة بسبب غياب الإنترنت والكهرباء وعدم التحاق الطلاب بها بشكل كبير لانشغالهم مع عائلاتهم في توفير متطلبات الحياة اليومية من طعام وشراب، إضافة لدعوات من اليونسكو ومنظمات دولية للضغط من أجل حماية حق التعليم في غزة، لكن دون حلول عملية حتى الآن.
الوضع التعليمي في غزة
في فبراير 2025 أُعلن عن انطلاق العام الدراسي عبر مدارس بديلة ونقاط تعليمية مؤقتة، إضافة إلى التعليم في المخيمات وبعض الفصول الافتراضية والتي لم يلتحق بها آلاف الطلاب لعدم استقرار هم في مكان معين.
امتحانات الثانوية العامة
وزارة التربية والتعليم وضعت خطة طارئة إلكترونية لإجراء امتحانات التوجيهي التي بدأت خلال الأسبوع الجاري رغم ضعف الكهرباء، والإنترنت، وعدم امتلاك عدد كبير من الطلاب لأجهزة ذكية وهواتف وحواسيب لتقديم الامتحانات.
وآلاف الأطفال يتلقون تعليمًا مؤقتًا في أماكن بديلة ومراكز إيواء داخل مناطق النزوح.
التعليم عن بعد
لقد تم تفعيل منصات تعليمية افتراضية، بدعم من جهات دولية (مثل قطر واليونيسف)، لكن وصول الطلاب محدود بسبب غياب الإنترنت والكهرباء وعدم امتلاك الغالبية لأجهزة تمكنهم من الالتحاق بالدراسة إضافة لعدم مقدرتهم على شحن الهواتف وتجهيزها خلال الحصص الدراسية لعدم توافق وقت المدرسين مع الطلاب حسب انتظام الانترنت وشحن الهواتف وقت الحصص.
وبُذلت جهود دولية من قبل الأونروا، واليونيسف، واليونسكو التي دعت مرارًا لحماية التعليم، وأطلقت برامج دعم نفسي وتعليمي مؤقتا، محذّرة من خطر ضياع جيل كامل.
التحديات الكبرى:
تواجه الطلاب في القطاع تحديات كبيرة، منها: غياب البنية التحتية المدرسية والجامعية، وانعدام الموارد التعليمية ككتب، وأجهزة، وإنترنت، عدا عن المخاطر الأمنية المستمرة، وكذلك الضغط النفسي والاجتماعي الشديد على الطلاب والمعلمين.
محاولات إنعاش التعليم
العملية التعليمية في غزة تعيش حالة انقطاع وحرمان شبه كامل منذ 2023، ومع بداية 2025 جرت محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر التعليم البديل والإلكتروني، لكن استمرار الدمار والظروف الإنسانية يجعل التعليم في غزة أحد أكبر التحديات، مع خطر تكوين جيل ضائع ما لم تتدخل جهود دولية جادة لإعادة إعمار القطاع التعليمي.
تحذيرات دولية وأممية:
حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" من أن "الطفولة لا يمكن أن تبقى على قيد الحياة" في مدينة غزة، مع استعداد إسرائيل لاحتلال المدينة.
وقالت المتحدثة باسم اليونيسف، تيس إنغرام، في تصريح صحفي، "العالم يطلق ناقوس الخطر بشأن ما يمكن أن يجلبه الهجوم العسكري المكثف في غزة من كارثة لما يقرب من مليون شخص ما زالوا هناك".
وقالت إنغرام خلال تفصيلها للوضع الذي واجهته في قطاع غزة على مدار الأيام الماضية: "هذا الشيء الذي لا يمكن تصوره ليس وشيكا - بل هو موجود بالفعل. التصعيد جار"، وتابعت: سوء التغذية والمجاعة تضعف أجساد الأطفال، بينما يحرمهم النزوح من المأوى والرعاية، والقصف يهدد كل حركة لهم. هذا هو شكل المجاعة في منطقة حرب وكان في كل مكان نظرت إليه في مدينة غزة.
التربية:
700 ألف طالب في غزة محرومون من التعليم للعام الثالث على التوالي، وأكثر من 18 ألف طالب استشهدوا خلال حرب الإبادة، وكذلك 4500 طالب جامعي لم يستطيعوا الالتحاق بجامعاتهم بعد تدمير كافة المؤسسات التعليمية
الأونروا:
نظام التعليم في قطاع غزة على وشك الانهيار التام، بعد تضرر جميع مباني المدارس خلال الحرب.
فحسب وكالة "الأونروا"، 9 من كل 10 مدارس في قطاع غزة، بما في ذلك مدارسها هي، تحتاج إلى إعادة بناء كاملة قبل أن تصبح صالحة للاستخدام من جديد.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إن أحدث تقييم للأضرار استنادا إلى صور الأقمار الاصطناعية في يوليو، كشف عن أن 97% من المنشآت التعليمية في قطاع غزة تعرضت لأضرار بدرجات متفاوتة، وأن 91% منها تحتاج إلى إعادة تأهيل أو إعادة بناء كاملة لتصبح صالحة للعمل مرة أخرى.
وأضاف: "لا تزال القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية تحدّ من دخول المستلزمات التعليمية إلى غزة، وتؤثر سلبا على حجم المساعدات المقدَّمة وجودتها".
وفي الفترة ما بين 1 و10 يوليو 2025، قصفت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 10 مدارس حولت إلى ملاجئ، بما في ذلك بعض المدارس التي تضررت سابقا، ما أسفر عن مقتل 59 شخصًا وتشريد عشرات العائلات.
ـــــــ
ح.س/س.ك