الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 15/11/2025 12:22 م

غزارة الأمطار تكشف عورة الخيام وتفاقم معاناة النازحين مع بدء فصل الشتاء


خان يونس 15-11-2025 وفا- حاتم أبو دقة

كشفت الأمطار التي هطلت مع أول منخفض جوي ماطر على الأراضي الفلسطينية، عورة الخيام المهترئة، وأغرقت ساكنيها من النازحين في مواصي خان يونس غرب المحافظة، جنوب قطاع غزة.

وبات النازحون ليلتهم فيما يشبه العراء تحت تأثير البرد القارس بعد أن غرقت خيامهم وابتلت أغطيتهم وملابسهم ومقتنياتهم كافة، في مشهد يجسّد معاناتهم على مدار ثلاثة فصول منذ بدء الحرب، بعد أن أجبروا قسرا على ترك منازلهم والنزوح إلى منطقة المواصي.

وفي ساعة متأخرة من الليل، اضطرت النازحة من بلدة بني سهيلا شرق خان يونس سالي أبو خاطر إلى ترك خيمتها بعد أن غمرتها المياه وهم نيام، ولجأت هي وأطفالها إلى خيمة شقيقها التي تعتبر أفضل حالا من خيمتها.

وروت أبو خاطر لـ"وفا" مشهد المعاناة التي بدأت فصولها مع بداية فصل الشتاء ومع أول منخفض ضرب الأراضي الفلسطينية، حيث جرفت الأمطار الغزيرة الرمال وغمرت المياه خيمتهم ليجدوا أنفسهم غارقين بالمياه وابتلت أغطيتهم وأمتعتهم كافة.

وعلى مسافة قريبة من المخيم الذي تنزح فيه أبو خاطر، غمرت الأمطار الغزيرة عشرات الخيام بسبب قرب الخيام من بعضها وعدم وجود منافذ للمياه.

واحتضنت المواطنة "أم محمد" حفيدها الأول الذي ارتجف من شدة البرد، واضطرت مع أبنائها إلى اللجوء لخيمة جيرانها، بعد أن بدأت الأمطار تتهاطل عليهم من كل مكان بسبب قدم خيمتهم المهترئة التي مر عليها عامين وأصبحت غير صالحة لتحمل غزارة الأمطار.

وقالت "أم محمد" (60 عاما) والنازحة من رفح، لـ"وفا" إن العائلة لم تستلم خيمة جديدة مع بداية فصل الشتاء، في حين تباع الخيام في الأسواق بأسعار باهظة تفوق قدرة النازحين على شرائها، حيث يفوق سعر الخيمة 500 دولار، متسائلةً عن مصدر هذه الخيام التي تباع في حين تعيش آلاف الأسر في خيام مهترئة لا تقي ساكنيها حرارة الصيف ولا برد الشتاء.

وناشدت "أم محمد" الجمعيات والمؤسسات المحلية والدولية، بالعمل على توفير خيام وكرفانات للنازحين الذين يعانون ظروفا قاسية بعد أن استنزفت الحرب جيوبهم وأصبحوا غير قادرين على تحمل أعباء الحياة.

أما النازح صلاح زنون (45 عاما) الذي يعيش في خيمة عبارة عن شادر وبعض قطع القماش بجانب "المسلخ التركي" بالقرب من الحي النمساوي غرب خان يونس، فأكد أن طفليه الذي لم يتجاوز الأكبر الستة أعوام دخل المستشفى جراء إصابته بنزلة معوية حادة جراء تقلب الأجواء والبرد الشديد داخل الخيمة، منوها إلى أنه لم يستلم خيمة منذ بدء الحرب قبل أكثر من عامين.

وبين النازح زنون لـ"وفا" أنه يعاني من ظروف اقتصادية صعبة جراء عدم توفر فرص عمل ويعيش على المساعدات التي يتلقاها من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الدولية والوجبات التي تقدمها التكايا.

بدوره، أوضح النازح محمد النجار، مندوب "مخيم فلسطين" في مواصي خان يونس، أن أكثر من 100 خيمة غمرتها المياه منها المهترئة ومنها بسبب وجودها في مناطق منخفضة، منوها إلى أن المخيم الذي يحتوي على ما يقارب 600 خيمة نصفها يحتاج للاستبدال بسبب تمزقها وانتهاء عمرها الافتراضي لأنها مصنوعة من القماش.

وأشار النجار إلى أنه قبل أكثر من شهر خاطب عدة مؤسسات لتوفير خيام لأصحاب الخيام المهترئة قبل أن نصل إلى كارثة إنسانية، خاصة في ظل التحذيرات المتكررة من خبراء الأرصاد الجوية بوجود شتاء قاس هذا العام. وناشد النجار المؤسسات الدولية كافة بضرورة توفير خيام عاجلة إلى أصحاب الخيام المهترئة.

ويعاني القطاع المحاصر منذ أكثر من عامين من نقص حاد في كمية المواد الغدائية والحاجيات الضرورية والخيام والشوادر بسبب منع الاحتلال السماح لها بالدخول بما يتناسب مع حاجة القطاع رغم مرور أكثر من شهر على وقف إطلاق النار.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إن الأمطار تزيد صعوبة الأوضاع في قطاع غزة، والعائلات تلجأ إلى أي مكان متاح، بما في ذلك الخيام المؤقتة.

وأضافت الوكالة في بيان، أن "الحاجة ماسة إلى إمدادات المأوى في غزة، وهي متوفرة لدينا، وندعو إلى السماح لنا بتقديمها للسكان".

وحذرت الوكالة، من أن المنخفض الجوي الذي يتعرض له قطاع غزة حاليًا سيكون له تداعيات كارثية على النازحين في القطاع.

وقالت الأونروا، إن هناك تحركات دولية لمحاولة الضغط على إسرائيل وإجبارها على السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة.

بدوره، أعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن خشيته من أن "آلاف العائلات النازحة أصبحت الآن معرضة بالكامل لظروف الطقس القاسية، مما يزيد من المخاوف المتعلقة بالصحة والحماية".

وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الشركاء العاملين على توفير الدعم في مجال المأوى نشروا فرق استجابة سريعة، ويبذلون منذ أسابيع قصارى جهدهم للتخفيف من تأثير الأمطار المتوقعة على السكان في جميع أنحاء غزة.

وأفاد المكتب بأنه تم يوم الخميس الماضي فقط توزيع حوالي 1,000 خيمة على عائلات في دير البلح وخان يونس، وأنه بين الأحد والأربعاء، قدم الشركاء حوالي 7,000 بطانية لأكثر من 1,800 أسرة، ونحو 15,000 قطعة قماش مشمع لأكثر من 3,700 أسرة، وملابس شتوية لأكثر من 500 أسرة.

في الوقت نفسه، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن شركاء الأمم المتحدة المسؤولين عن المياه والصرف الصحي أفادوا بإحراز تقدم مؤخرا في إصلاح محطات ضخ مياه الصرف الصحي، مما يقلل من خطر فيضان مياه الصرف الصحي إلى المناطق التي يأوي إليها الناس، ومن مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه.
وأكد الشركاء العاملون في مجال المأوى أن الوقاية من الفيضانات بشكل صحيح تتطلب معدات غير متوفرة في غزة، بما في ذلك أدوات تصريف المياه بعيدا عن الخيام وإزالة النفايات الصلبة والركام.
وقال مكتب أوتشا إنه منذ بدء وقف إطلاق النار في 11 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 23 طلبا من تسعة من الشركاء لإدخال ما يقرب من 4,000 منصة نقالة من الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الخيام، وأدوات العزل والتأطير، والفراش، وأدوات المطبخ، والبطانيات.

ـــ

ع.ف

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا