الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 11/01/2021 03:41 م

ضحايا "الجيش الأبيض"

رام الله 11-1-2021 وفا- معن الريماوي

يقف الأطباء والممرضون على الخطوط الأمامية في مواجهة تفشي فيروس كورونا في فلسطين كما في معظم دول العالم التي تحارب هذا الفيروس الذي حصد أرواح آلاف البشر وأصاب الملايين.

يتحمل الأطباء أو كما يطلق عليهم "الجيش الأبيض" مخاطر كبيرة في سعيهم لإنقاذ المرضى، إضافة إلى الضغوط النفسية الكبيرة التي يمرون بها وهم يتابعون أوضاع المرضى وحالتهم الذين توفي عدد منهم جراء هذا الفيروس.

والطبيب هشام زيدان من قرية بيتين شرق رام الله هو أحد ضحايا فيروس كورونا، لم يتحمل نجله زيد إكمال حديثه على الناحية الأخرى من الهاتف، عن والده هشام الذي توفي بفيروس كورونا قبل نحو شهر.

تماسك زيدان قليلا وراح يكمل حديثه وهو يصف اللحظة التي توفي فيها والده، أثناء تواجده بمجمع فلسطين الطبي، وهو طبيب أسنان، وعضو المجلس الطبي الفلسطيني.

"في اللحظات الأخيرة من وفاته، حدث معه هبوط حاد في الضغط، ومن ثم توقفت عضلة القلب والرئتان لديه، وعلى الفور حاول الأطباء انعاشه. حينها كنت أقف أمام الباب أنتظر بفارغ الصبر خبرًا يريح قلبي"، يقول زيد لـ "وفا".

شكل رحيل الطبيب زيدان الذي يعرفه الجميع، فاجعة لذويه، خاصة أنه لم يكن يعاني من أية أمراض، يقول ابنه زيد الذي يعمل ضابطًا للإسعاف في جمعية الهلال الأحمر "إننا فقدنا عمود البيت، وبتنا في ضياع وتشتت، وافتقدنا لمة العائلة".

وحول إصابة والده، يقول: "في البداية، خرج والدي من عيادة الأسنان الخاصة به في مدينة رام الله، قبل أن يشعر بوجود أعراض حرارة، وعلى الفور توجه الى المختبر لإجراء فحص كورونا، لتظهر النتيجة فيما بعد بأنه مصاب بالفيروس، ومباشرة حجر نفسه في البيت لثلاثة أيام".

ويضيف زيد زيدان، مرت الأيام الأولى من الإصابة على ما يرام، لكن بدأت تتضاعف مع الوقت، نتيجة مشاكل في التنفس وهزل عام، ما استدعى نقله إلى مجمع فلسطين الطبي، وتم وضعه في قسم الكورونا على أجهزة التنفس.

"بعد ثلاثة أيام من مكوثه في المستشفى، تعرض لجلطة في قدمه، وتم إدخاله لغرفة العمليات، وفي مساء اليوم ذاته تعرض لجلطة ثانية في نفس المكان، وصبيحة اليوم التالي تعرض لجلطة ثالثة، وحدث معه هبوط حاد في الضغط، ومباشرة توقفت عضلة القلب والرئتان عن العمل، وتوفي مباشرة"، يقول زيد.

ويتابع " أثناء عمله، كنت خائفا جدًا عليه، وكنت عندما أعود من العمل أقوم بتعقيم يدي وتغيير ملابسي قبل الدخول للبيت، حتى لا أصيب أحدا بمكروه، ولكنه في النهاية توفي وهو يقدم المساعدة للناس، وهو جندي من جنود الوطن".

ويؤكد "ترك والدي فراغا للجميع لن يملأه أحد، وكان يحل كثيرًا من مشاكل الناس، كان مسؤولا للجنة الاجتماعية في بيتين، إضافة لكونه رئيس اتحاد البورد  الفلسطيني لطب الأسنان، وله تاريخ طويل.. وشكلت وفاته ضجة اعلامية، من أصدقاء ومرضى، وكثير من المرضى يتصلون بنا ليخبرونا بأنه كان بمثابة الأب الروحي لهم".

ودعا الأطباء الذين لا يزالون يعملون في الميدان، وعلى احتكاك مباشر مع المرضى، خاصة مرضى كورونا، إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر والالتزام بكل اجراءات السلامة والصحة، لأنهم هم من يقفون في الصفوف الأولى لمساعدة الناس والحفاظ عل حياتهم رغم خطورة عملهم.

ولا تزال الكوادر الطبية، من ممرضين وأطباء، ومنذ بداية ظهور جائحة كورونا في آذار\مارس الماضي، تخوض حربًا وتبذل قصارى جهدها لمواجهة هذا الفيروس وكبح عدوى انتشاره، رغم خطورة عملهم. الا أن هذه الحرب أودت بحياة 17 كادرًا طبيًا، 11 من الضفة الغربية، و6 من قطاع غزة، وهم يؤدون رسالتهم السامية وواجبهم الانساني، والذي كان آخرهم الطبيب حسين السلوادي (67 عاما)، الإخصائي في الأمراض الجلدية، والذي توفي بتاريخ 28-12.

رئيس ديوان وزيرة الصحة علي عبد ربه قال لـ"وفا"، إن القطاع الطبي ومقدمي الخدمات الصحية بمختلف مهنهم، كانوا خط الدفاع الأول في مواجهة الفيروس وعلى احتكاك دائم مع المصابين، نتيجة طبيعة عملهم وواجبهم المهني، وهذا له تداعيات تؤثر سلبًا على صحتهم، بحيث يكونون الأكثر عرضة لأخذ العدوى رغم اتباعهم لكل اجراءات الوقاية، لذلك أصيب المئات منهم، وفقدنا آخرين في هذه المعركة. 

ولفت عبد ربه الى أن الكوادر الطبية، خاصة الطب الوقائي والمختبر، هما أكثر فئتين كانتا على عمل متواصل على مدار الساعة، وتقومان بإجراء الفحوصات، وكل الطواقم كانت تواصل الليل بالنهار وبعمل مرهق جدًا، حيث يحرمون من النوم لساعات كافية، من أجل العناية بمن أصابهم الفيروس.

وقال: إن من فقدناهم من الكوادر الطبية هم أبطال ضحوا بحياتهم من أجلنا جميعًا. كما وجه رسالة للكوادر التي تعمل في الميدان، بضرورة أخذ الحيطة والحذر، واتباع كل أسباب السلامة حتى نحمي أنفسنا ولنتمكن من القيام بواجباتنا المهنية والوطنية والأخلاقية تجاه أبناء شعبنا، وتجاه من يصابون بهذا الفيروس.

واليكم نبذة عن الكوادر الطبية التي فقدناها جراء تصديهم للفيروس:

-غسان توفيق صالح أبو رعد (67 عاما) من مدينة نابلس، ممرض متقاعد كان يعمل في مستشفى النجاح الوطني، وتوفي في 2 تشرين أول 2020.

- اياد خليل عبد السلام عبد المجيد (42) من نابلس، وهو عامل في المستشفى العربي التخصصي. توفي بتاريخ 4 تشرين أول.

- الطبيب حرب رضوان (50 عاما) من خاراس بالخليل، وهو المدير الطبي لمستشفى اليمامة في بيت لحم، وتوفي في 8 تشرين أول.

- عمر المجيد عدس (73 عاما)، من مدينة طولكرم  كان طبيبًا للصحة النفسية في مديرية صحة طولكرم. توفي بتاريخ 18 تشرين أول.

- سعدة ذياب مرجان (62 عاما)، من بديا بمحافظة سلفيت، وهي ممرضة متقاعدة كانت تعمل في مديرية صحة سلفيت، وتوفيت بـ 15 تشرين أول.

- يوسف محمد الحوراني (64 عاما) من باقة الشرقية بطولكرم، وهو رئيس قسم الأورام في المستشفى الوطني، توفي بتاريخ 8 كانون أول.

- معزوزة سليم (59 عاما) من مدينة سلفيت، وهي ممرضة في مستشفى الشهيد ياسر عرفات. توفيت بتاريخ 13 كانون أول.

- هشام عبدالقادر حسن زيدان (66 عاما)، من بيتين برام الله، عضو المجلس الطبي الفلسطيني، وتوفي بـ 14 كانون أول.

- سجود وليد الحاج (25 عاما) من فقوعة بجنين، كانت تعمل ممرضة في مستشفى الرازي، وتوفيت بـ 19 كانون أول.

- محمود عبدالرحمن زيد (61 عاما)، من رام الله، وهو طبيب، يعمل مديراً للشؤون الطبية في مديرية صحة رام الله والبيرة، ومديراً لمركز بير نبالا الطبي إلى أن تقاعد بعد 28 عاماً من خدمة أبناء شعبه وتوفي بتاريخ 27 كانون أول.

- حسين محمد حسين جاد الله (71 عاما)، من سلواد برام الله، اكان يعمل أخصائيًا في الأمراض الجلدية، وخدم في عدد من مراكز العلاج، وتوفي بتاريخ 28 كانون أول.

وفي قطاع غزة:

- الدكتور مجدي عياد (51عاماً) من مدينة غزة، أخصائي أمراض القلب والقسطرة بمجمع الشفاء الطبي، وتوفي في 17 كانون أول.

- أحمد محمد نوفل، من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وهو من العاملين في مركز شهداء تل السلطان برفح، وتوفي في 26 تشرين ثاني.

- محمد نعمان أبو هربيد (68 عاماً) من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، وهو طبيب في مستشفى غزة الأوروبي، وتوفي بتاريخ 25 تشرين أول.

- محمود بصل من مدينة غزة، أخصائي جراحة الحروق والتجميل في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وتوفي بتاريخ 13تشرين الثاني.

- محمد منير نبهان (24 عاماً) من شمال قطاع غزة وهو طالب في كلية الطب بجامعه الأزهر، وتوفي بـ 9 كانون أول.

- عادل السيد من رفح جنوب قطاع غزة، وهو طبيب يعمل في مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار برفح، توفي بـ 18 كانون أول.

ـــــــ

م.ل

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا