غزة 14-5-2021 وفا- سامي أبو سالم
أشرقت الشمس على عائلات شمال غزة وهي ترحل من بيوتها باحثة عن ملجأ هربا من الموت، بعضها قضى ليلته في جرارات زراعية، وأخرى داخل المركبات، أما الغالبية فسارت لمسافة 5 كيلو مترات حاملة أطفالها الرُضّع، لمناطق قد تظنها أكثر أمنا، تجنبا للقصف الاسرائيلي "العشوائي" الذي تتعرض له القرية.
وقال اسماعيل أبو شباب، من أم النصر، المتاخمة للحد الفاصل مع إسرائيل، إن قذائف الهاون تساقطت على قريته فهرب مع أمه وزوجته وعائلات أخوته جريا دون أن يحملوا معهم أي شيء.
وأضاف أن أبواب المدرسة كانت مغلقة، حيث عمل الشبان على فتح أبوابها واتخذوا من الصفوف غرفا تأويهم وأطفالهم.
"لم نأخذ معنا شيئا، أفكر في العودة لجلب بعض الملابس والحاجيات والأغطية والوثائق، لكنني خائف". قال أبو شباب الذي يمكث في احدى المدارس في مخيم جباليا شمال القطاع.
لجأ إلى المدرسة زهاء 100 عائلة بحثا عن الأمن الذي ليس من المؤكد أن يتحقق، ففي العدوان الاسرائيلي صيف 2014 قصفت الطائرات الحربية المدرسة ذاتها وهي مأهولة بالعائلات وقتلوا 15 مواطنا، وأصابوا 90 آخرين بجروح.
وتعتبر قرية أم النصر، التي يبلغ عدد سكانها 6 آلاف نسمة، من أهدأ المناطق في قطاع غزة.
داخل المدرسة التي لجأت إليها العائلات، أطفال يلهون ورجال تجمعوا في حلقات يستمعون إلى نشرات الأخبار.
وقُسمت المدرسة إلى نصفين، الرجال والأطفال في الطابق السفلي والنساء في الطابق العلوي، جلست فاطمة أبو مليح (75 عاما) بين أحفادها قلقة على ابنها أحمد الذي أصيب في القصف ليلة أمس.
وقالت إنها لم تكن ترغب في الهروب لكن استشهاد جيرانها واصابة ابنها أحمد (40 عاما) تسبب لها بانهيار ما أجبرها على الهروب.
"خرجت حافية، لا أستطيع المشي فاستخدم ابني الكرسي المتحرك، أنا قلقة على أيضا على الأغنام والدجاج الذي أربيه في بيتي هم دون طعام أو شراب،" قالت فاطمة.
وأشارت إلى أنها هربت مع أبنائها وأحفادها قبل تناول الطعام "اللحم ساخن في القدر، تركناه وهربنا، لن أعود إلا بعد الهدوء".
مئات العائلات أيضا هربت من بيت حانون شمال القطاع، وقال محمد سالم (40 عاما) إنه ترك بيته حديث البناء وهرب حفاظا على حياة عائلته.
وأضاف سالم الذي يعمل محاضرا في الجامعة، إنه خشي أن يحصل له مثل عام 2014، حيث دمر الاحتلال منزله، يقول "تشتت بي السبل واستأجرت في مناطق متفرقة وفقدت كل ما أملك، هذه المرة رحلت قُبيل القصف".
وشنت قوات الاحتلال عدوانا واسعا على غزة صيف 2014 ارتقى فيه ما يزيد عن 2000 شهيدا وتدمرت عشرات آلاف المنازل. وكانت بيت حانون من أكثر المدن التي تعرضت للدمار.
ولفت سالم إلى أن ترك المواطنين لبيوتهم يذكره بالنكبة الفلسطينية التي وقعت 1948 "النكبة لم تنته، ها هو المشهد يتكرر كل مرة،" قال سالم
وأضاف أنه اعتاد سماع جده يروي قصص نعيم حياتهم في النكبة وقساوة هجرتهم قسرا تحت القصف.
وشنت العصابات الصهيونية حديثة التسليح هجوما على المدن والقرى الفلسطينية عام 1948 ما أجبر قرابة مليون فلسطيني على الهجرة.
لم يقتصر رحيل المواطنين لمنازلهم للمناطق الشمالية، بل المناطق الشرقية لقطاع غزة أيضا. حيث رحلت مئات العائلات من بيوتها في أحياء الشجاعية والشعف والزيتون مبتعدين عن الحدود قدر المستطاع.
ـــــــــــــ
/ر.ح