رام الله 25-10-2021 وفا- معن الريماوي
قبل نحو أسبوعين، تفاجأ المواطن خليل طقطق (46 عاما) عند الوصول إلى أرضه الواقعة شمال سلفيت، بعدد من المستوطنين يسرقون ثمار زيتونه، على مرأى ومسمع من جيش الاحتلال الذي كان بجانبهم.
لم يصدق ما يجري، وعلى الفور صاح عليهم مطالبًا إياهم باستعادة ثمار الزيتون المسروق، الا أن جنود الاحتلال رفضوا ذلك، فيما قام المستوطنون بنقل أكياس الزيتون إلى مركباتهم الخاصة، وغادروا المكان.
أخذ طقطق يتفقد أرضه وثماره المسلوبة بحسرة وحرقة شديدتين، فيما افترشت أغصان الزيتون المكسرة الأرض بفعل اعتداء المستوطنين.
"سرقوا مني نحو 30 شجرة زيتون، أي ما يعادل 30 تنكة زيت، ولم يتبق لي الا القليل من الأشجار، وهذه خسارة فادحة جدًا، خاصة أن اعتمادي الأساسي والوحيد عليها لإعالة أسرتي وأولادي" يقول طقطق.
ويضيف: أنا انتظر موسم الزيتون بفارغ الصبر لأنه هو عملي الوحيد، ولكن الاحتلال قطع رزقي، ولا أدري الآن كيف سأتمكن من الإسراف عليهم.
هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها المواطن طقطق للسرقة من قبل المستوطنين، فقبل عامين تعرض لنفس الأمر، ويحينها لاذوا بالفرار، خاصة أن أرضه قريبة من مستوطنة "أرئيل".
ووفق وزارة الزراعة، فإن عدد الأشجار التي تعرضت للانتهاكات الاسرائيلية بفعل جنود الاحتلال والمستوطنين العام الحالي حوالي 13448 شجرة، منها 2950 خلال موسم الزيتون، ما بين سرقة وتكسير وحرق واقتلاع، علما أن هذا الرقم معرض للازدياد، خاصة أن الموسم الحالي لم ينته بعد.
ويعد هذا الرقم مرتفعًا مقارنة بالعام الماضي الذي بلغ فيه عدد الأشجار المنتهكة 10 آلاف شجرة، وهذا دليل على أن حكومة الاحتلال تطلق العنان للمستوطنين، من أجل القيام بأعمال التخريب والتدمير بحق أراضي المواطنين وأشجارهم، وهي تعمل بطريقة ممنهجة للقضاء على الهوية الفلسطينية، عبر الاستيلاء على الأرض أو سرقة رزقه، حسبما تقول مدير عام خدمات المزارعين في الوزارة إيمان جرار.
وقالت جرار: إن حجم الخسائر جراء اعتداءات الاحتلال على قطاع الزيتون العام الماضي بلغت قرابة 10-15 مليون دولار العام الماضي.
وأوضحت أن اعتداءات المستوطنين ممنهجة وبأشكال متعددة، من توسعة أراضٍ، واستيلاء، وإخطارات، وحرق أشجار، واقتلاع، وسرقة، وغيرها من الاجراءات، حيث يعد القطاع الزراعي مستهدفا بالدرجة الأولى من الاحتلال، كونه العمود الفقري في الاقتصاد الفلسطيني، ويمثل السلة الغذائية، والاكتفاء الذاتي، كما يمثل الصمود على الأرض، بالتالي هي مصدر للمقاومة والصمود.
وأكدت جرار أن مهمة الوزارة هي رصد الانتهاكات الاسرائيلية بحق القطاع الزراعي، من أجل فضح جرائم الاحتلال أمام العالم أجمع، ولتعزيز صمود المواطن في أرضه.
15 ألف طن كمية الانتاج المتوقعة من الزيت وقال مدير دائرة الزيتون في الوزارة رامز عبيد: إن كمية الانتاج المتوقعة هذا الموسم هي 15 ألف طن زيت، وهذا الرقم يعد أقل مقارنة بالمعدل العام والذي يبلغ 22 ألفا، بمعنى أن لدينا نقصا في الانتاج بمقدار 30%، وهذا الأمر يعود لعدة أسباب، وهي: الظروف المناخية والبرد الذي رافق فترة إزهار الزيتون، ما أدى الى فشل في الاخضرار، إضافة الى قلة الأمطار التي توقفت مبكرا الموسم الماضي.
ووفق عبيد فإن كمية الاستهلاك هي نفس كمية الانتاج (15 ألف طن)، بالتالي فإن كمية الانتاج تغطي احتياجات السوق المحلية.
وقال: إننا نصدر من 4-6 آلاف طن سنويًا، ويذهب لعدة دول مختلفة، مؤكدًا أن قطاع الزيتون يعتبر أكبر قطاع زراعي في فلسطين، حيث إن نصف الأراضي الزراعية مزروعة بأشجار الزيتون، وأكثر من 85% من أشجار البستنة في فلسطين مزروعة أيضًا بأشجار الزيتون، فيما يعيش على هذا القطاع أكثر من 100 ألف أسرة فلسطينية، ويشغل منشآت زراعية، ومصانع، وناقلي الزيتون، وشركات وخطوط تعبئة، والقطاعات التي يدخل فيها الزيت والزيتون عديدة، وله أهمية اقتصادية اجتماعية، وآثار سياسية من صمود المزارع على أرضه، وجوانب دينية من ارتباط المزارع بالشجرة وقدسيتها.
3.4 مليار دولار سنويا قيمة خسائر الاقتصاد الفلسطيني نتيجة السيطرة على المناطق "ج".
بدوره، قال مدير السياسات في وزارة الاقتصاد الوطني رشاد يوسف: إن قيمة الصادرات من زيت الزيتون بلغت 52 مليون دولار حسب آخر احصائية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2019، فيما يشكل زيت الزيتون نسبة كبيرة من القطاع الزراعي، وهذا يساهم برفع حصة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي، والتي تبلغ قيمتها بحدود 7%، وهذا يخلق فرص عمل لكثير من الشباب والنساء، ويساهم في تخفيف حدة البطالة الموجودة في السوق الفلسطيني والتي بلغت 25%، إضافة لتخفيف الفقر بين الأسر الفلسطينية، حيث تعاني ثلث الأسر من الفقر.
ولفت الى أن خسائر موسم الزيتون جراء اجراءات الاحتلال كبيرة، حيث تقدر خسائر الاقتصاد الفلسطيني نتيجة سيطرتها على المناطق "ج" بـ3.4 مليار دولار سنويًا، وهي بنسبة 30% من الناتج المحلي الاجمالي، وفق تقرير للبنك الدولي.
وأوضح يوسف أن القطاع الزراعي هو الخاسر الأكبر جراء الاجراءات الاسرائيلية، والسيطرة على مناطق "ج" والتي تعد أراضي زراعية، ويستغلها الاحتلال، ويمنع المزارعين الوصول لهذه الأراضي.
وأضاف: دور وزارة الاقتصاد هو فتح الأسواق الخارجية، ووقعت الوزارة 17 اتفاقية تجارية واقتصادية، بهدف فتح أسواق خارجية للمنتجات الفلسطينية، إضافة الى التصدير المباشر لتخفيف التبعية للاقتصاد الاسرائيلي، ونعمل ضمن حماية المستهلك على مقاطعة منتجات المستوطنات، والتي تنافس الكثير من المنتجات الزراعية، خاصة في المناطق الأغوار، وأي شيء يتم ضبطه من منتجات المستوطنات، سواء زراعية أو غير زراعية يتم اتلافها بالتشارك مع وزارة الزراعة والضابطة الجمركية.
4 قنوات تسويقية لزيت الزيتون من جانبه، نوه مدير عام مجلس الزيتون الفلسطيني فياض فياض الى وجود أربع قنوات تسويقية لزيت الزيتون، والقناة الأولى: الاستهلاك المحلي الذي يتراوح ما بين 13-16 ألف طن سنويًا حسب الأسعار والحالة الاقتصادية، والقناة الثانية لإرسال الأمانات لدول الخليج العربي بـ 4 آلاف طن، والقناة الثالثة تذهب كهدايا للأهل في الأردن بحوالي 1200 طن، والقناة الرابعة للتصدير الى دول العالم الخارجي من خلال 16 شركة مسجلة رسمية، وهؤلاء يصدرون 2000 طن من الزيت المتميز.
وبين أن القطاع الحيواني يشكل 75% من الاقتصاد الزراعي، فيما يشكل القطاع النباتي 25%، والقسم الزراعي مقسوم الى عدة أقسام، والزيتون يشكل منه 15%، وهذا يساهم في الناتج القومي الى 100-120 مليون دولار في مساهمة قطاع الزيتون.
وأوضح فياض أن الاحتلال يحاربنا على عدة جبهات، ويمنعنا استخدام سماد النترات بحجج أمنية، وهذا يعيق عملية التسميد والنمو، إضافة الى معيقات الشحن والتنقلات والحواجز، عدا عن اعتداءات المستوطنين المستمرة بحق البشر والشجر والحجر.
ـــــــــــــ
م.ر/ م.ل