نابلس 27-12-2021 وفا – زهران معالي
يرابط الطفل عمر عبد السلام صلاح (14 عاما) منذ قرابة الأسبوعين، برفقة شقيقه وأبناء عمومته على سطح منزلهم في قرية برقة شمال غرب نابلس، لرصد أي هجوم لمستوطني "حومش" المخلاة على منزلهم.
يلتف عمر حول موقد النار برفقة أصدقائه من السادسة مساء حتى السادسة صباحا، وبجانبهم كومتان من الحجارة ألقاها المستوطنون على منزلهم خلال الفترة الماضية، بعد أن تعرض لعدة هجمات خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
"قلبت حياتنا رأسا على عقب، السهر طوال ساعات الليل والنوم خلال ساعات النهار فقط.. القلق من أي اعتداء للمستوطنين يخيم على حياتنا" قال عمر.
عمر، الطفل ابن الـ(14 عاما) الذي ظهر، في لقاء خاص مع "وفا"، كصاحب دراية و"خبرة" تفوق عمره، أعرب عن خشيته من هجوم للمستوطنين من أعلى الجبل حيث تربض "حومش" المخلاة، على منزلهم الواقع أسفل الجبل.
حالة التوتر والتأهب الدائمة التي تلازم عائلة عمر كغيرها من العائلات المتاخمة لحدود موقع المستوطنة المخلاة، أثر على تحصيله العلمي في امتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول، كما حرمه من اللعب والسهر مع أصدقائه وسط القرية، بعد توليه مهمة المراقبة الليلية.
"تحملت المسؤولية صغيرا لحماية عائلتي من خطر المستوطنين، وقلق يومي يرافقني ومخاوف تلازمني في المنام من أن تطال اعتداءات المستوطنين يوما ما، أو ليلة ما، والدتي ووالدي وأشقائي" يضيف عمر.
ويعيش عمر مع والديه وأشقائه السبعة في منزل مكون من ثلاثة طوابق مبني من الطوب، يفصله طريق ترابية ومنحدر صخري عن الطريق المعبد لموقع مستوطنة "حومش" المخلاة، والتي أقيمت عام 1978 على مساحة 700 دونم من أراضي قرية برقة وسيلة الظهر.
وعام 2005 أخلت سلطات الاحتلال المستوطنة ضمن خطة الانسحاب الأحادي وأبقت على موقعها منطقة عسكرية مغلقة، لكن كعادتهم لجأ المستوطنون إلى إنشاء مدرسة دينية فيها عام 2009 بهدف شرعنتها، حيث عادت عدة أسر استيطانية متطرفة للاستيطان فيها.
ويقول صاحب المنزل عبد السلام صلاح لـ"وفا" إنه شيد المنزل قبل 13 عاما في قطعة الأرض التي ورثها عن والده، لكن المعاناة المستمرة خيمت عليه إثر الاعتداءات المتكررة للمستوطنين على منزله، والتي تسفر في كل مرة عن أضرار مادية فيه، وأن العناية الإلهية إلى جانب اليقظة الدائمة هما ما يحولان دون وقوع ضحايا في كل هجمة.
ويشير إلى أن الاعتداءات تصاعدت حدتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلا أن أخطرها كان الأسبوع الماضي عندما هاجم قرابة 50 مستوطنا المنزل أثناء تواجد زوجته وابنته فيه، حيث حطم المستوطنون زجاج المنزل وحاولوا خلع المدخل، إلا أن أهالي البلدة هبوا جميعا وتمكنوا من صد الهجوم.
"تعرضنا لهجوم في شهر أيلول، وآخر في تشرين أول، وهجوم في تشرين ثان، لكن الشهر الجاري بات الاعتداء شبه أسبوعي على منزلي والمنازل القريبة".. يضيف صلاح.
ويتّبع صلاح برفقة عائلته إجراءات عدة لحماية منزلهم، فالحذر الدائم رفيق العائلة وفق قوله، فيضطرون للسهر للمراقبة، فيما تنام باقي الأسرة في وسط المنزل بعيدا عن النوافذ خشية من الزجاجات الحارقة، قائلا "أخشى أن تتعرض عائلتي لمصير عائلة دوابشة".
ويطالب صلاح الجهات الرسمية بضرورة توفير أدوات الحماية اللازمة للأسرة، كسياج للمنزل وكاميرات مراقبة، لرصد انتهاكات المستوطنين وصدها.
ووفق مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس، فقد تعرض 25 منزلا في القرية لاعتداءات من المستوطنين خلال الأسبوعين الماضيين، فيما تعرض 20 منزلا آخر لاعتداءات جيش الاحتلال سواء بتحويلها لثكنٍ عسكرية، أو مهاجمتها بالغاز المسيل للدموع.
وأدت المواجهات التي شهدتها القرية بين الشبان وجيش الاحتلال ردا على هجمات المستوطنين ومسيراتهم الاستفزازية، إلى إصابة 11 مواطنا بالرصاص الحي وقرابة 150 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، فيما أصيب المئات بالاختناق.
ويؤكد دغلس لـ"وفا"، أن قرية برقة شكلت عنوانا للرد الجماعي على اعتداءات المستوطنين، وكانت الشرارة التي ستوقف مشروع الاحلال الاستيطاني، مشددا على استمرار الفزعة الجماعية والرد الموحد من قبل الفلسطينيين لمواجهة أي مخططات استيطانية.
ــــ
ف.ع