نابلس 31-12-2021 وفا – زهران معالي
على مدار 57 عاما، مضت حركة فتح في مسيرة الثورة المعاصرة، وخاضت خلالها أشكال النضال المختلفة، والتي بدأتها بالكفاح المسلح، مرورا إلى الاشتباك السياسي وكسب الاعتراف الدولي بعدالة قضية شعبنا، من أجل الحرية والاستقلال، وصولا لرفع العلم الفلسطيني بالجمعية العامة بعد اعتراف 140 دولة بدولة فلسطين كعضو مراقب بالأمم المتحدة.
غدا يحتفل شعبنا في الوطن والشتات بانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، الذكرى الـ57 لانطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، والتي وحدت الفلسطينيين حول الهوية والهدف، وارتقت بهم من الشتات والتشتت إلى مستويات الكفاح، من أجل تحقيق الأماني بالتحرر من الاحتلال وتقرير المصير.
في الفاتح من يناير عام 1965 كانت الطلقة الأولى للحركة، حيث تسللت المجموعة الفدائية الأولى لها إلى داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وفجرت نفق عيلبون الذي يتم من خلاله سحب مياه نهر الأردن لإيصالها إلى صحراء النقب، لبناء المستوطنات من أجل إسكان اليهود المهاجرين فيها، وعادت المجموعة الفدائية إلى قواعدها بعد أن قدمت شهيدها الأول أحمد موسى أثناء العملية لتعمّد بالدم باكورة مقارعتها للاحتلال الإسرائيلي، وكان البلاغ العسكري رقم واحد.
نضال طويل لحركة فتح لا يمكن قراءته دون الحديث عن ذاكرة الثورة وبدايات تشكيل الخلايا المسلحة في الأرض المحتلة، مرورا بالدور الذي لعبته الحركة في الانتفاضات الشعبية التي خاضها شعبنا ضد المحتل، ودورها الحالي في المقاومة الشعبية بمواقع الاشتباك مع المستوطنين وقوات الاحتلال.
في قرية برقة شمال نابلس، يستذكر شريدة رمضان كيف سمع بحركة فتح من أخيه الأكبر أحمد الذي كان أحد مقاتليها، موضحا أنه التحق بالحركة بداية عام 1968 بعد عودة شقيقه برفقة 10 مقاتلين من سوريا بعدما أحضروا السلاح من هناك.
بدأ أحمد برفقة المقاتلين تشكيل الخلايا السرية في القرية وتدريبهم على الأسلحة ومهاجمة نقاط الاحتلال الإسرائيلي وآلياته العسكرية المنتشرة بين منطقة دير شرف وسيلة الظهر، حتى استشهاده عام 1969 في جبال طوباس، وفق ما يوضح رمضان لـ"وفا".
ويتحدث رمضان (72 عاما)، أنه واصل النضال في صفوف الحركة منذ ذلك الحين وجرى اعتقاله عام 1969 أول مرة حيث خضع للتحقيق لمدة 40 يوما بتهمة مهاجمة أهداف إسرائيلية، وأفرج عنه لاحقا حيث لم يثبت عليه شيء.
ويشير إلى أنه خلال تواجده في الأسر ذلك العام، جاء خبر للأسرى بأن أبو عمار قد حضر لمدينة نابلس وبلدة بيت فوريك لتشكيل خلايا مسلحة، ولاحقا نفذت قوات الاحتلال حملة اعتقالات طالت قرابة 200 مناضل من البلدة.
عام 1972 اعتقل رمضان للمرة الثانية وكذلك في الأعوام 1978 و1983 و1985 بتهمة تنفيذ عمليات ضد أهداف عسكرية، لكن لم يتمكن الاحتلال من إثبات أي تهمة ضده بعدما صمد في التحقيق، وفق قوله.
ويشير رمضان إلى أن حركة فتح قادت انتفاضة الحجارة في الأرض المحتلة عام 1987 ضمن القيادة الموحدة، حيث واصلت المجموعات السرية التابعة للحركة مهاجمة أهداف الاحتلال، واعتقل ضمن مجموعة مكونة من أربعة مقاتلين عام 1989 وحكم عليهم بالسجن المؤبد مدى الحياة، قبل أن يتم الإفراج عنه عقب توقيع اتفاق أوسلو، برفقة 300 أسير من أصحاب أحكام المؤبدات.
ويؤكد رمضان أن فتح استخدمت المقاومة بكافة أشكالها وفق ما يناسب كل مرحلة من مراحل النضال، فاستخدمت العمل العسكري في الخارج وخلال الانتفاضتين، وصولا للاشتباك السياسي، قبل تحولها إلى المقاومة الشعبية.
"فتح حضورها موجود وشبابها موجودين وأي عملية احتكاك مع الاحتلال الإسرائيلي تجد عناصرها متواجدين بالدرجة الأولى كما الحال في برقة وغيرها من مواقع المقاومة الشعبية"، يؤكد الرجل السبعيني.
عبد السلام صلاح (58 عاما) والذي انضم لحركة فتح بعمر 13 عاما، تحدث لـ"وفا" بأنه كان يستمع لصوت الثورة من القاهرة ثم بغداد، وانضم للحركة بشكل سري عام 1980، وجرى اعتقاله لأول مرة عام 1984 حيث حكم عليه لعامين فعلي ومثلها وقف تنفيذ.
ويشير صلاح إلى أن حركة فتح واليسار شكلتا في انتفاضة الحجارة القيادة الوطنية الموحدة في برقة، وقادت الانتفاضة على أكمل وجه، حتى أعلن أهالي القرية عام 1988 في بيان في سماعة المساجد عن القرية دولة مستقلة.
وشكلت قرية برقة خلال الانتفاضة الأولى أيقونة للنضال حتى دعت القيادة الوطنية الموحدة في مؤتمرها التاسع سكان الأرض المحتلة إلى الاقتداء بنضالها، فقد حافظ أهالي القرية على استمرار العملية التعليمية في مدارسها وتنظيم المسيرات والفعاليات المنددة بالاحتلال يوميا عقب انتهاء الدوام المدرسي، وفق ما يؤكد صلاح.
ويشير صلاح إلى أن أبو عمار رفض اللقاء بوزير الخارجية الأمريكي جورج شولتز خلال الانتفاضة الأولى والذي حضر لتهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقال له "اذهب لجمهورية برقة المستقلة ذات الثلاثة آلاف مقاتل وتفاوض معهم".
ويشبه صلاح حركة فتح بشجرة الزيتون الثابتة في الأرض، ففي الذكرى الـ57 تجدها حاضرة في الميادين على مر التاريخ، فكما قادت الكفاح المسلح في الستينات والسبعينات وخلال الانتفاضات الشعبية، تجدها تتصدر المقاومة الشعبية في برقة وبقية المواقع.
ويؤكد صلاح بأن فتح في استراحة مقاتل وأن ذلك ليس طويلا، فأم الجماهير وتاريخ فتح لم تترك السلاح في السلطة والميدان ولم تهزم بنادقها، وأنها ستستمر وتخوض معركة التحرير على الأرض بجيلها الجديد.
أمين سر حركة فتح اقليم نابلس محمد حمدان تحدث بأن حركة فتح عبرت المحطات النضالية وما زالت تقدم التضحيات وتقود المشهد الوطني بامتياز، حيث تقود المقاومة الشعبية في نابلس بجبل العرمة وصبيح وبيتا وبيت دجن واللبن وسبسطية وبرقة، مؤكدا أن فتح ما زالت على نفس الوعد وتحافظ على استقلالية القرار الوطني الفلسطيني ولن ترهن القرار لأي جهة كانت.
وتابع: صدقت فتح مع الشعب الفلسطيني بكل مراحل النضال، من الكفاح المسلح إلى الاشتباك السياسي وصدقت وهي تتقدم الصفوف وتقدم الشهداء والجرحى والأسرى، وما زالت تتقدم الصفوف لتبقى فلسطين حرة ومستقلة.
ويشير حمدان إلى أن قرية برقة وحدة الميدان، خاصة بعد ازدياد اعتداءات المستوطنين، فكان قرار حركة فتح بأن المواجهة مع المستوطنين والمحتل ستكون مفتوحة، منوها إلى أن ما جرى في برقة وسبسطية واللبن وبزاريا يؤكد أن فتح ما زالت تتقدم الصفوف وذاهبة إلى توسيع دائرة الاشتباك مع المحتل على كل نقاط التماس وإشراك كافة أبناء شعبنا في هذه الانتفاضة التي يجب أن تقودنا للدولة المستقلة.
ــــــــ
ر.ح