الأغوار (ابزيق) 4-1-2022 وفا- الحارث الحصني
يسود منذ يومين هدوء حذر في ابزيق، وهي خربة فلسطينية شمال شرق طوباس يقيم المواطنون فيها بخيام، يتهددها خطر الهدم والاستيلاء بشكل سنوي.
لكن قبل هذا الهدوء، كانت المنطقة التي تطل سلسلة جبالها على سهل وسيع تقدر مساحته بــ45 ألف دونم، مكانا لواحدة من أكبر التدريبات العسكرية التي أجرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال الأعوام الماضية.
ففي الواقع، لوحظت الدبابات العسكرية أيام التدريبات محاطة بعشرات الجنود وهي تتقدم في السهل المفتوح الخصب، محاكاة لاجتياح مناطق مفتوحة.
الصحافة العبرية تحدثت قبل أيام عن طبيعة هذه التدريبات، التي طردت بموجبها قوات الاحتلال ست عائلات من خيامها لساعات طويلة في ظروف جوية صعبة، توطئة لتلك التدريبات.
ورغم هذا الهدوء الذي يمكن التماسه منذ يومين لا تزال آثار دمار كبير في الأراضي السهلية للخربة.
يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة: "لقد دمروا قرابة ألف دونم من الأراضي الزراعية في السهل 70% منها مزروعة بمحاصيل بعلية".
يقول هايل حروب، وهو أحد السكان في المنطقة: "حاليا لا صوت للقذائف والرصاص، لكن صوت محركات الجرافات، والدبابات العسكرية لم يهدأ".
وأضاف حروب الذي شهد على كل التدريبات العسكرية التي مرت خلال السنوات الماضية: "إنهم يعملون ليل نهار، لم يناموا الليلة أبدا، وفي الصباح حشدوا المزيد من الآليات العسكرية الثقيلة".
فعليا يُلتمس هدوء نسبي خالٍ من أصوات القذائف، لكن عن قرب يمكن سماع أصوات محركات الآليات الثقيلة التي تجوب المنطقة.
وأمكن مشاهدة حركة دؤوبة لآليات الاحتلال الثقيلة، وبعض الجرافات التي تعمل على تجريف مساحات من الأراضي.
قال دراغمة: "يعملون تحصينات عسكرية للتدريبات من خلال صنع سواتر من التراب بارتفاع أربعة أمتار، لإجراء نوع جديد من التدريب في المكان".
يقول تركي حسين تركمان: "دمروا لي عشر دونمات بصل، كانت الآليات تجوب الأرض فقط لتدميرها".
بالنسبة لدراغمة، فهذه واحدة من الطرق التي يقصد بها الاحتلال شد الخناق حول أعناق المواطنين، لإجبارهم على ترك مساكنهم.
يقول تركمان وهو جالس أمام خيمته، وقد مد يده على استقامتها نحو الشمال الشرقي: "هناك لي عشر دونمات مزروعة بالبصل دمروا اثنين منها، ولي ما يقارب 45 دونما من المحاصيل البعلية دمروها بالكامل".
لكن، هنا ( قبالة خيام تركمان) ليس الدمار هائلا كثير، فشمالا أمكن مشاهدة دمار هائل في الأراضي الزراعية.
فعلى سفح ربوة تطل على الامتداد الجغرافي لسهل ابزيق، عشرات الدونمات المحيطة بخيام محمد نصر الله قد دمرتها جنازير الدبابات بشكل كامل، عدا عن تجريف مساحات منها.
وشوهدت تنقلات لآليات ثقيلة، وجرافات عسكرية من جنوب السهل باتجاه شماله، والعكس، لكن هذا ليس كل شيء.
ففي الوقت الذي كانت فيه الحركة نشطة لجرافات عسكرية مجنزرة تابعة للاحتلال قرب خيام محمد نصر الله، كانت بعض الجرافات المدنية صفراء اللون برفقة عدد من المركبات العسكرية قد اقتحمت المنطقة وشرعت بعمليات هدم لمنشآت سكنية، وحظائر أغنام لثلاث عائلات فلسطينية تسكن المنطقة.
يقول دراغمة: "هدم الاحتلال لنصر الله ونجله خيمتي سكن وست خيام للماشية، قواطع حديد عدد 80 ومعالف ومشارب للماشية عدد 15، وتضرر أكثر من 10 أطنان علف، دون إخطار سابق.
في تلك المنطقة التي وصفها المواطنون أنها كانت تشبه ساحة حرب قائمة، كانت آثار التدريبات أكثر وحشية.
وبينما انشغلت جرافتان بهدم كافة المنشآت السكنية، وحظائر الماشية لنصر الله، كان عشرات المواطنين يعملون على تفكيك خيام تعود ملكيتها للمواطن عادل نصر الله حروب، بهدف قطع الطريق أمام الجرافات الإسرائيلية لهدمها.
وهذه طريقة يتبعها المواطنون يهدفون من خلالها إلى الخروج من عمليات الهدم بأقل الأضرار الممكنة.
لكن لم تأت تلك الطريقة بنتيجة مرجوة. فقد حضر عدد من العمال يرتدون لباسا موحدا ووضعوا كل مرفقات الخيام التي فككها المواطنون أمام جنازير الجرافات لتدميرها.
بلمح البصر سوت جرافات الاحتلال المنطقة بالأرض. قال أحد الحاضرين لمراسل "وفا".
قال دراغمة: "دمر الاحتلال خيمتي سكن، وثلاث خيام ماشية، وخزان مياه، وعددا من القواطع، وخيمة علف للمواطن عادل".
ــــ
/ر.ح