الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 28/08/2022 06:02 م

"أحجار الحظ"

بيت لحم 28-8-2022 وفا- وعد الكار 

في كشك خشبي مساحته لا تتعدى ثلاثة أمتار مربعة، مركون على إحدى نواصي عين بتير غرب بيت لحم، تنقش العشرينية إيناس عودة على "أحجار الحظ" كما تسميها، رسومات بالنقاط فيما يعرف بفن "المندالا"، وأحيانا تكتب عليها بالحروف العربية بعض الجمل والعبارات المحببة لدى الناس.

تقول عودة، إن قصتها مع "أحجار الحظ"، وهو عنوان مشروعها الصغير حينما بدأت تتلقى تدريبات في عام 2015 مع جمعية الروزنا للتراث المعماري في بيرزيت الداعمة لمشاريع النساء، بدأت بالرسم والكتابة على الأحجار ودمجها بالمعدن لتصبح اكسسوارات، كسلسلة أو إسورة أو خاتم أو تعليقة لمفاتيح السيارات أو البيوت.

وتضيف أنه حينما تمت الموافقة على مشروعها من جمعية الروزنا، قامت الجمعية بتأمين المعدات اللازمة لها، كآلة لحفر الحجر وأقلام الكتابة والتلوين، غير أن هذا الدعم كان لمرة واحدة فقط، قبل أن تعتمد على نفسها في تطوير مشروعها. وبينت أنها أصبحت تذهب إلى "وادي الصرار" في قرية بتير المحاذية لجبال القدس، حيث تسحب الأمطار الأحجار من جبال القدس لترسو في هذا الوادي.

"تتميز حجارة (وادي الصرار) بليونتها وملمسها الناعم ولونها الناصع"، تقول إيناس عودة، "فهي أحجار من الأرض المقدسة، ومن المهم بالنسبة للزوار والسياح الذين يرتادون قرية بتير أن يحملوا ذكرى عزيزة على قلوبهم من هذا المكان المدرج على قائمة التراث العالمي".

وبعد اختيارها للأحجار المناسبة تقوم بتنظيفها وطلائها والرسم والكتابة عليها، مبينة أنه عمل يأخذ وقتا وجهدا كبيرين، لكنه يخلق في نفسها طاقة إيجابية لأنها استطاعت تحويل الحجر إلى قيمة ورسالة وذكرى جميلة.

وتوضح عودة أن أول جملة كتبتها على حجارتها هي "خليك فاكرني" وهي رسالة لكل من يقتنيها أن يبقى قرية بتير في الذاكرة وأن يعود لزيارتها مجددا.

وتشير إلى أنها في تلك الفترة كانت ما زالت طالبة جامعية تدرس اللغة الإنجليزية وآدابها، وبذلك أصبحت تذهب للمعارض في الجامعات الفلسطينية وتعرض مشغولاتها، مؤكدة أنها بعد كل معرض تكون قد باعت كل ما في حوزتها، الأمر الذي شجعها على الاستمرار في ظل الإقبال الكبير على أحجارها الصغيرة.

"في عام 2018 أصبحت أحمل طاولة وأعرض منتجاتي على عين بتير ويشتري الناس ويشجعوني على الاستمرار بالعمل" تقول عودة.

وتضيف أنه في عام 2021 جاء مسار فلسطين التراثي الذي عمل على تطوير مشاريع موجودة في القرية، وكان القائمون عليه مهتمون بالدرجة الأولى بمشاريع النساء، حيث تم مساعدتها بإنشاء كشك خشبي لعرض مشغولاتها.

ولم تخفِ عودة بعض الصعوبات التي واجهتها في إنشاء مشروعها، أبرزها الإجراءات الطويلة لاستصدار ترخيص، خاصة أن ذلك يتطلب موافقة اليونسكو كون الموقع يصنف ضمن قائمة التراث العالمي.

"شعرت بعظمة الإنجاز وقتها، وأنني استطعت إنشاء مشروعي الخاص، الذي جلب لي الحظ، من خلال تكوين صداقات جديدة، وتأمين مردود مادي جيد أستطيع من خلاله الاعتماد على نفسي"، تقول عودة.

وتبين "هذه الأحجار الصغيرة تربطني بها روابط عظيمة، فقد علمتني معنى الإرادة والثبات، وأن باستطاعة الإنسان تحويل أشياء يدوس عليها الناس بأقدامهم إلى أشياء يتم ارتداؤها كإكسسوارات تحمل ذكرى وقيمة".

وتطمح عودة إلى تطوير مشروعها ورفده بمزيد من الأيدي العاملة وأن يكون لها نقاط بيع على طول مسار فلسطين التاريخي، لينعم الزوار والمرتادون بـ"حجارة حظها" ومشغولاتها المختلفة التي تشكل وغيرها قيمة تراثية فلسطينية يجب الحفاظ عليها والاهتمام بها.

ــــــ

/ ف.ع

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا