أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 07/03/2024 03:28 م

كيف صمدت معلمات "التحدي 5" في كل الظروف؟

 بيت لحم 7-3-2024 وفا- وعد الكار

بدأت المواجهة بين مدرسة التحدي 5 في بيت تعمر شرق بيت لحم مع الاحتلال منذ العام 2017 حينما هدد الاحتلال بهدمها للمرة الأولى.

في أيار من العام 2023 نفذت قوات الاحتلال عملية الهدم الثالثة، لتبدأ بعد ذلك معاناة الهيئة التدريسية في توفير مكان لاستكمال العملية التدريسية.

يتألف البيت الصغير الذي يحمل اسم المدرسة والواقع في وسط القرية، من خمس غرف صفية تضم 60 طالبا وطالبةً وست معلمات، أصبحن قصة صمود وإصرار على البقاء، وتحملن كل الصعاب بشكل يؤكد قوة المرأة الفلسطينية ويبرز معاناتها المتواصلة في يومها العالمي ورغبتها في البقاء رغم كل التحديات.

تقول مديرة المدرسة شيرين ذويب، إن التحدي الأكبر بعد الهدم كان في البحث عن مكان للمدرسة، مضيفة أن الحل الأمثل لاستدراك الفصل الدراسي هو نصب خيم فيها بعض المقاعد، واستمرت المعلمات في واجبهن إلى أن كانت الصدمة باستيلاء الاحتلال على الخيم وباقي المستلزمات.

كانت اقتراحات المعلمات تدور حول جلب خيم متحركة، يتم تركيبها صباحا قبل بداية الدوام ومن ثم تفكيكها مع نهاية الدوام لإبعادها عن عيون الاحتلال، مشيرة إلى أن هذا الأمر مُرهق جسديا ونفسيا، فهناك شعور دائم بعدم الاستقرار، وعلى الرغم من ذلك كان المهم بالنسبة للمعلمات إنقاذ الفصل الدراسي من الضياع، والاهتمام بتعليم الطلاب على أكمل وجه.

"كان الوقت بداية الصيف والشمس حارقة مع ظهور بعض الزواحف داخل الخيم الصفية، كالعقارب والأفاعي، ما أثار الخوف والذعر في صفوف الطلاب" قالت ذويب.

وتبين أن لصمود المعلمات أثر كبير في الاستمرار في سير العملية التعليمية، فهن مثال للمرأة الفلسطينية القوية والمُضحية والمناضلة، وأبدين استعدادهن للتدريس في بيت يفتقر لكل المرافق الحيوية في أي مدرسة قي العالم، بهدف استمرار التعليم في كل الظروف.

من جانبها تقول إحدى معلمات المدرسة صفا مسلم، حينما تسلمت الإدارة إخطارا بالهدم ساد شعور بين الطلاب والهيئة التدريسية بالخوف والترقب.

وأوضحت أن المعلمات تكاتفن يدا بيد للحفاظ على نفسية الطلاب بسبب ما جرى من أحداث هدم وشعورهم بعدم الأمان، حيث تعاونت المدرسة مع بعض المؤسسات الأهلية لعمل نشاطات تفريغ نفسي للطلاب لتخليصهم من شعور الخوف من تهديدات الاحتلال واقتحاماتهم.

وتتابع، هذا البيت حوّلته الهيئة التدريسية إلى مدرسة بغرف صفية بسيطة وصغيرة، يفتقر إلى دورة مياه كافية لجميع الطلبة، ولا يوجد فيه ساحة للطابور الصباحي ولا حتى للعب خلال حصص التربية الرياضية، مما يجعل المعلمات يضطررن لاستخدام ساحات منازل الأهالي المجاورة.

وتضيف أن مدرسة التحدي لها من اسمها نصيب، فموقعها الذي يُصنف c حسب اتفاقية اوسلو ويمنع الاحتلال البناء فيه، ومبناها هدمه الاحتلال عدة مرات واستولى على مستلزماتها وطرقها محفوفة بالمخاطر خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر والحرب المستمرة على قطاع غزة، حيث تقطعت أوصال الضفة الغربية، ويتنقل الناس بصعوبة بين المدن والقرى، فهذه تحديات كبيرة بحاجة للتغلب عليها بالصبر والثبات والجلد.

وتشير إلى أن خلال هذه الفترة تعاني المعلمات كباقي المواطنين من صعوبة التنقل، بسبب إجراءات الاحتلال بنصب الحواجز العسكرية وإغلاق الطرق بالسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية والبوابات الحديدية، فهناك ثلاثة مداخل لقرية بيت تعمر مغلقة بالكامل، بينما المدخل الرابع يقام عليه باستمرار حاجز لقوات الاحتلال.

وتشير إلى أن ما جعلها متمسكة بالتعليم في هذه المدرسة على وجه الخصوص الرسالة السامية التي يحملها التعليم، فهذه رسالة الأنبياء، تحتاج المحافظة عليها والصبر على صعوباتها خاصة في ظل وجود محتل غاصب يتعمد تجهيل الأجيال الفلسطينية الصاعدة المتمسكة بثوابتها الوطنية.

من ناحيتها قالت الطالبة في الصف الرابع زهراء الوحش، إنها تتوق للعودة لمدرستها قبل الهدم، حيث كانت تحتوي على ملعب وغرف صفية جيدة ودورة مياه.

وبصوت تخنقه نبرة حزن أشارت زهراء إلى أنها ورفيقاتها يحلمن بأن يكون لهن في هذه المدرسة ملعبا، ليمارسن حقهن باللعب كباقي أطفال العالم، فالاحتلال يحاول سلب حقهن بالتعليم واللعب.

وتضيف أنه رغم الخوف مما يمارسه الاحتلال من إجراءات بحق مدرستها، إلا أن وجود المعلمات وتعاملهن اللطيف يخفف من وطأة إحساسها وزملائها بالخطر، وينمّي بداخلها حب التعلم لمجابهة كل الظروف مهما كانت.

من جانبها قالت دعاء زواهرة من أولياء أمور المدرسة، إن ابنتها وابنها من طلاب المدرسة، مستذكرة الفرحة الكبيرة التي شعرت بها مع أهالي القرية حينما تم بناء مدرسة التحدي وكأنه عرس كبير.

وتضيف أن الاحتلال يصر على التنغيص على الفلسطينيين في أبسط حقوقهم، فهدم المدرسة ثلاث مرات، ما خلق في نفوس الطلاب حالة من الحزن الشديد، مؤكدة أنها لم تسمح بأن تستمر حالة الحزن لدى أطفالها، بل شجعتهم على مواصلة الذهاب لطلب العلم حتى وإن اشتدت الظروف وزادت قساوة المكان الذي يتعلمون به.

واكدت أن ما جرى للمدرسة على الرغم من صعوبة تقبله، درس عظيم لهؤلاء الصغار بضرورة التمسك بأرضهم ومكانهم وحقهم في الحياة والتعليم.

بدوره قال مدير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم يونس عرار، إنه يوجد في محافظة بيت لحم مدرستا تحدي، مدرسة تحدي 4 منطقة العقبان جناتا هدمها الاحتلال مرة واحدة وتم إعادة بنائها، ومدرسة تحدي 5 منطقة الزواهرة بيت تعمر وهدمها الاحتلال ثلاث مرات ولم يسمح الاحتلال بإعادة بنائها حتى الآن.

وأضاف أن الاحتلال يتعمّد التضييق على المعلمين والمعلمات في نقاط التماس وخاصة في مناطق c، لدفعهم باتجاه العزوف عن التوجه لهذه المدارس.

ويؤكد أولياء الأمور وأهالي القرية أنهم مستمرون في التحدي والصمود وتعليم أبنائهم بكل الوسائل مهما كان الثمن، مؤكدين أن الثبات والصمود في وجه الاحتلال هو عنوان المرحلة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية.

ـــــــ

/ د.ذ

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا