أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 01/04/2024 05:33 م

شح "السيولة" يعيد غزة إلى عصر "المقايضة"

 

غزة 1-4-2024 وفا- سامي أبو سالم

حمل سعيد عطا الله بطانيتين وإبريق شاي ومخدة وتوجه إلى أحد فروع بنك محلي في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، ليحجز دورا ليسحب راتبه الشهري.

يقول عطا الله (32 عاما)، إنه يحجز دورا لليوم الرابع على التوالي ليتمكن من سحب راتبه، إلا أن محاولته فشلت بسبب الزحام.

ويعيش قطاع غزة أزمة سيولة مالية بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل ومنع دخول الأموال ونقلها، وتدمير الأغلبية الساحقة من البنوك ونقاط الصراف الآلي.

وأعلنت سلطة النقد الفلسطينية في بيان لها أنه تعذر فتح فروع البنوك لعمليات السحب والإيداع في محافظات القطاع كافة، بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة، وانقطاع التيار الكهربائي، والواقع الأمني.

وقالت: إن أزمة السيولة تفاقمت "مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي عن الخدمة".

لا يستطيع الموظفون سحب رواتبهم بسبب الطابور المستمر لـ24 ساعة على مدار الأسبوع أمام الصراف والزحام الخانق والمشاكل التي تطرأ وينتابها فوضى وتدافع وإصابات أمام الصراف.

وقال محمد عبد الجواد النازح من مدينة غزة إلى رفح إنه لم يستطع سحب راتبي شباط/ فبراير، وكانون الثاني/ يناير بسبب الزحام والفوضى الناجمة عن شح السيولة.

لم يتسلم عبد الجواد راتبه، لكنه كان يعتمد قبل شهرين على تقنية التحويل من رصيده إلى رصيد شخص آخر عبر تطبيق على الهاتف النقال مقابل عمولة، لكنه الآن لا يستطيع الآن تكرار التجربة، لأن الشخص الذي اعتاد أن يستقبل الرصيد، ليس لديه سيولة.

"في المرة الأولى دفعت إلى رجل عمولة بقيمة 5%، الآن يطالبون بـ15%، وهذا مبلغ كبير"، قال عبد الجواد.

ويلجأ مواطنون إلى أسلوب آخر، بأن يتوجهوا إلى إحدى المحلات التجارية، ويسلمون بطاقاتهم البنكية ليقتطع منها صاحب المحل مبلغا، ويسلمه إلى صاحبها نقدا، مقابل "عمولة" متفق عليها.

"هذه الطريقة أيضا لم تعد ناجعة بسبب شح الأموال النقدية "الكاش". لا أعرف كيف سأعيش وكيف سأغطي مصروفاتي، لدى راتبي في البنك، ولا أستطيع أن أستلمه ولا أستطيع الحصول على أي مبلغ نقدي"، قال عبد الجواد.

في سوق مدينة رفح، نصب الموظف محمود جمعة (45 عاما) مائدة ونثر عليها معلبات ومواد غذائية للبيع، يقول: "لم أتقاضَ راتبي بسبب شح السيولة النقدية، واليوم أبيع بعض المعونات الغذائية التي تسلمتها في مركز الإيواء لأشتري مواد تنظيف بثمنها، نحن نرجع إلى زمن المقايضة".

في الطابور الطويل، كان وائل سعدات (23 عاما) يتثاءب عندما حل مكانه فريد الجمل (موظف حكومي متقاعد) ليسحب مبلغا ماليا من الصراف الآلي. وقال وائل إنه تحمل مسؤولية حجز دور أمام الصراف لصالح فريد منذ يومين مقابل 100 شيقل.

وكشف أنه يحجز الدور منذ تناول طعام الإفطار عند أذان المغرب ثم يعود بعد تناول السحور وينتظر إلى أن يفتح البنك أبوابه زهاء الساعة التاسعة صباحا.

"أحيانا أفشل ولا يكون هناك نقد "كاش"، وأحيانا يأتي رعاع كقطاع طرق يسيطرون على الصراف ولا يسمحون لأي شخص بسحب أموال إلا بعد تغريمه 50 شيقلا"، يضيف سعدات.

ويلجأ مواطنون إلى محلات الصرافة لاستلام رواتبهم ببطاقتهم البنكية مقابل "عمولة". ويستغل بعض التجار حاجة المواطنين فيرفعون نسبة الفائدة، لكن هذه العملية شبه متوقفة الآن لأنه لا توجد سيولة في القطاع.

وقال مصدر في فرع بنك فلسطيني في قطاع غزة لمراسل "وفا"، إن الأموال التي تخرج من قطاع غزة لا يدخل بدل منها، والطريق منقطع مع الفروع الرئيسة في رام الله أو الأردن أو غيرها بسبب الحرب على غزة، ويصعب نقل أموال "كاش".

وأشار إلى أنه تتم تعبئة ماكينة الصراف الآلي من الأموال التي يودعها بعض التجار والصرافين الذين يجمعون "الكاش" من البائعين أو من موظفين تلقوا حوالات أو رواتب عبر الصرافين مقابل عمولة.

وقال محمد أبو حامدة، محلل اقتصادي، إن شح السيولة يضر بالاقتصاد الوطني ويشل عجلة التداول الطبيعي، إضافة إلى تمركز "الكاش" بيد فئة محددة فقط.

"لا أموال بيد المواطنين، هذا يؤدي إلى قلة الطلب ما يعني زيادة العرض دون سيولة، وربما يرجع المواطنون إلى عصر المقايضة"، يضيف أبو حامدة.

المواطنة جمانة الأطرش، قالت: إنها تلقت حوالة مالية من أختها في دولة أوروبية ولم تستطع سحبها من البنك، فتوجهت إلى محل صرافة عملات واضطرت إلى أن تقبل بعمولة نسبتها 15%، لأنني نازحة من مدينة غزة ولا مصدر رزق لدي هنا "رفح"، وأنا بحاجة إلى الطعام".

وشددت سلطة النقد على رفضها علميات الابتزاز واستغلال المواطنين في ظروفهم القاسية، وقالت إنها تعمل على مراقبة حسابات المبتزين.

ـــــ

/ د.ذ

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا