المهرة (اليمن) 4-10-2023 وفا- عند حلول الظلام، تخرج سلحفاة من البحر وتستغل الهدوء لتتوجّه إلى شاطئ رمليّ في جنوب اليمن وتضع بيوضها، التي يُرجّح أن يكون معظمها من الإناث بسبب الاحترار المناخي.
ويقول حفيظ كلشات وهو متطوّع لحماية السلاحف البحرية من أهالي الغيضة، عاصمة محافظة المهرة، "في السنوات الأخيرة، معظم صغار السلاحف إناث بسبب ارتفاع درجات الحرارة".
ويوضح الرجل، الذي يجلس على الرمل الأبيض، أن "تراجع الحرّ وحلول البرد مع اقتراب الخريف، يؤدي إلى مزيج بين الذكور والإناث" بين صغار السلاحف، مشيرًا إلى أن الاحترار المناخي العالمي وامتداد الحرّ الشديد لفترات أطول يفاقمان كل عام ظاهرة تناقص الذكور.
ويلفت إلى أن "الكثير من الذكور على الشواطئ تنفق في الفترة الأخيرة"، علمًا أن عددها قليل وقد "تراجع كثيرًا" مع الوقت.
وتحدّد درجات الحرارة خلال فترة حضانة البيض جنس السلاحف، إذ إن الذكور تتكوّن في مناخ أبرد من ذلك الذي تحتاجه الإناث للتكوّن.
وأظهرت دراسات عدة في السنوات الأخيرة أن الاحترار المناخي أدّى إلى نقص في ذكور السلاحف في مناطق عدة في العالم، من سواحل فلوريدا إلى الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا.
في العام 2018، كشف باحثون أميركيون أن معظم السلاحف الخضراء شمال الحاجز العظيم والبالغ عددها مئتي ألف، هي إناث، ما قد يهدد هذا النوع من الكائنات التي تُعدّ من بين الأهمّ في العالم.
"انقراض"
يقع اليمن بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، جنوب المملكة العربية السعودية، وهو موطن لثروة حيوانية ونباتية غنيّة ومتنوّعة.
يحاول المدافعون عن البيئة في اليمن رفع أصواتهم لتجنب كارثة بيئية هذه المرّة، في بلد يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة.
ويقول جمال باوزير، رئيس قسم التنوع الحيوي في مركز دراسات وعلوم البيئة بجامعة عدن، إن "دراسات أُجريت في الكثير من المناطق الساحلية أثبتت أن نسبة الإناث مقارنةً بالذكور تصل إلى أكثر من 90%".
ويحذّر من أن تراجع نسبة الذكور بشكل عام يهدد "خلال الأعوام المقبلة بانقراض الذكور من السلاحف البحرية".
ويدعو الباحث إلى التحرّك ويقترح خصوصًا تشكيل "فريق فني متخصص يعمل على مراقبة السلاحف في مواقع التعشيش... وأخذ البيوض ووضعها في حضانات رملية مناسبة" كي تتمكن من إنتاج عدد أكبر من الذكور.
ويطرح خبراء دوليون أيضًا فكرة وضع نوع من المظلّات على شواطئ تقيم فيها السلاحف أعشاشها لتأمين الحرارة المناسبة للبيض.
إلا أنّ باوزير يؤكد أن "من الصعب القيام بهده العمليات في الظروف الحالية طبعًا".