في الأيام الاولى من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة العام الماضي، التقط مصوّر وكالة "رويترز" صورة لإيناس أبو معمّر، وهي تبكي وتحتضن جثمان ابنة أخيها سالي، البالغة من العمر خمس سنوات.
هذه الصورة أصبحت واحدة من أكثر الصور التي تجسد معاناة الفلسطينيين خلال العدوان الإسرائيلي على غزة منذ عام كامل.
استشهدت الطفلة سالي مع والدتها وشقيقتها الرضيعة وجديها وعدد من أقاربها. ومنذ ذلك الحين، فقدت إيناس أبو معمر (37 عاماً) شقيقتها أيضا، التي استشهدت مع أطفالها الأربعة في غارة إسرائيلية شمال غزة.
نزحت إيناس أبو معمر ثلاث مرات، هرباً من القصف الإسرائيلي، وفي إحدى المرات قضت أربعة أشهر في خيمة. واليوم، عادت إلى منزلها في خان يونس جنوب قطاع غزة.
وقالت إيناس أبو معمر وهي تجلس وسط الأنقاض في المقبرة الصغيرة بجوار منزل العائلة "لقد فقدنا الأمل في كل شيء"، وأشارت إلى أن قبر سالي يوجد تحت الأنقاض.
وأضافت "حتى القبر لم يسلم من القصف".
قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، كانت غزة تعاني من حصار إسرائيلي واسع، وقالت أبو معمر إن العمل كان قليلاً والواردات مقيّدة بشدة، لكن أسرتها كانت تنعم بالاستقرار.
كانت إيناس تعيش مع زوجها بالقرب من عائلة شقيقها رامز، ما أتاح لها قضاء الكثير من الوقت مع أبناء أخيها، أحمد وسالي وصبا.
ومع اشتداد القصف الإسرائيلي قرب المنزل بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، لجأ رامز مع عائلته إلى منزل أصهاره على بعد نحو كيلومتر واحد. وفي اليوم التالي استهدف المنزل بغارة إسرائيلية.
وعندما سمعت إيناس بالغارة، توجهت مباشرة إلى مستشفى ناصر في خان يونس. وهناك رأت أحمد، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 4 سنوات، وأمسكت بيده. ووجدت سالي جثة هامدة.
وقالت: حاولت إيقاظها. لم أصدق أنها فارقت الحياة.
في المستشفى، التقط مصور "رويترز" محمد سالم صورة لإيناس وهي تحتضن ابنة أخيها الشهيدة، وهي مُكفّنة. وحصلت الصورة على أفضل صورة صحفية عالمية لهذا العام، وفازت بجائزة "بوليتزر".
الآن، وبعد عودتها إلى المنزل، ترى إيناس أن لا جدوى من النزوح مجدداً. وقالت وهي تحتضن ثوب سالي المطرّز، "لا ننتظر سوى وقف شلّال الدم".