أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 25/10/2020 11:50 ص

"شتوة الزيتون".. الضوء الأخضر للقطاف

 

طوباس 25-10-2020 وفا- إسراء غوراني

طال انتظار المزارع أيمن براهمة، من وادي الفارعة جنوب طوباس، هذا العام أكثر من المعتاد لبدء قطاف الزيتون، فهو كغيره من المزارعين ينتظرون سقوط الأمطار أو ما يسمى محليا بـ"شتوة الزيتون" لبدء القطاف، وما زالوا يعلقون آمالهم على توقعات الأمطار القريبة هذا اليوم.

في العرف الشعبي الفلسطيني تحتل "شتوة الزيتون" أهمية كبيرة، وهي في التقويم الشعبي بمثابة الضوء الأخضر لبدء موسم الزيتون، كونها تسهّل قطافه على المزارعين.

يشير براهمة في حديثه لـ"وفا" إلى أن المناخ المختلف هذا العام وما نجم عنه من تأخر المطر وضع المزارعين في حيرة من أمرهم، فمنهم من بدأ القطاف دون انتظار المطر، ومنهم ما زالوا ينتظرون، خاصة أن المزارعين يفضلون نزول المطر قبل القطاف كونه يسهل عليهم الموسم ويخفف عنهم عناءه، فهو يغسل الأشجار من الغبار ويرطب الثمار ما يجعل قطافها أسهل.

وأكد براهمة أن المزارعين الآن بين خيارين، فمن جهة، انتظار نزول المطر يسهل عليهم القطاف، ومن جهة أخرى يخافون الانتظار أكثر، لأن ذلك يؤدي لسقوط الثمار والتخفيف من جودة الزيت.

من جهته، يوضح الباحث في التراث الشعبي الفلسطيني حمزة العقرباوي أن موسم الزيتون يعتبر من أهم المواسم لدى المزارع الفلسطيني، بل ويعتبر في العرف الفلسطيني "أبو المواسم" نظرا لأهمية الزيت والزيتون في الحياة اليومية الفلسطينية، فيقال في الأمثال: "الزيت عماد البيت"، لذلك نجد طقوسا خاصة لهذا الموسم، بل يوقته المزارعون بمواقيت وعلامات مختلفة، ومنها "شتوة الزيتون".

وأكد أن الفلاح يترقب موسم الزيتون ليس عند نضوجه فقط، بل يبدأ بالتنبؤ به وبوفرته وجودته منذ شهري كانون الأول وكانون الثاني أي قبل عشرة أشهر من موسم القطاف، فغالبا تعتمد جودة الزيت على ريه من مياه كانون، فيقال عن الزيت الجيد أنه "مسقي من مياه كانون"، ويتبع ذلك العوامل المناخية في الأشهر اللاحقة.

ويبدأ الارتقاب الحقيقي للموسم في النصف الأخير من شهر أيلول، وفقا للعقرباوي، فيقول المزارعون "في عيد الصليب لا تشيل عن زيتونك القضيب"، حيث كانت تهطل زخات أمطار في فترة عيد الصليب عند المسيحيين وفقا للتقويم الشرقي، وهذه الفترة يعتبرها المزارعون بداية التهيؤ للقطاف، علما أن المزارعين كانوا يربطون مواقيت مواسمهم بأعياد ومناسبات ثابتة.

ويرقب المزارعون قديما بعد عيد الصليب سقوط المطر مرتين وبعدها يتم القطاف، فهناك "شتوة المساطيح" في أواخر شهر أيلول، و"شتوة تشرين" التي تأتي عادة بداية شهر تشرين الأول، تليها "شتوة الزيتون" التي يبدأ الفلاح بعدها بالقطف الفعلي للزيتون، حيث تعمل على غسل الزيتون وتسهّل قطفه، كما أنها تجعل القطاف أقل مشقة فالمناخ بعدها يصبح لطيفا.

ونوه العقرباوي إلى أن "شتوة الزيتون" تكون عادة خلال النصف الأول من شهر تشرين الأول، لكن العام الحالي لم تهطل أية أمطار حتى الآن، ما جعل غالبية المزارعين يقطفون ثمارهم دون انتظار المطر، وجعل الموسم شاقا عليهم، لكن هناك نسبة كبيرة من المزارعين خاصة في مناطق شمال الضفة الغربية ما زالوا ينتظرون هذه "الشتوة" للقطاف، علما أن الموسم المطير تأخر قرابة الشهر، وكل ذلك يرجع لانقلابات المناخ العالمية بسبب ظروف الاحتباس الحراري وغيرها من التقلبات.

وأوضح أن العديد من العوامل اجتمعت على المزارع الفلسطيني هذا العام جعلت موسم الزيتون شاقا عليه، منها: الحمل القليل لشجر الزيتون الذي يقدر بنسبة 20% من المواسم المعتادة في بعض المناطق، وتأخر الأمطار، والعوامل المناخية الحارة والصعبة.

بدوره، أكد مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة رامز عبيد أنه يجب التركيز على موعد نضج الزيتون لقطافه، وليس الاعتماد على نزول المطر قبل القطاف، حيث يحسب موعد النضج وفقا لموعد الإزهار والظروف الجوية التي تمر بها الشجرة خلال فصل الصيف من حرارة ورطوبة، فهذه العوامل تحدد موعد نضج ثمر الزيتون وجاهزيته للقطاف.

وأضاف ان علامات النضج تتضح من خلال تغير لون الثمرة من الأخضر الغامق إلى الأخضر الفاتح المصفر ثم إلى اللون البنفسجي ثم الأسود، وهذه العوامل الأساسية التي يتم الاعتماد عليها للقطاف.

وفيما يتعلق بأهمية نزول المطر قبل القطاف أو ما يطلق عليه في العرف الشعبي الفلسطيني "شتوة الزيتون"، قال عبيد إن أهميتها تنبع من تسهيل القطف على المزارعين وجعله أقل مشقة، خاصة أن شجر الزيتون يكون مغبرا ومليئا بالأتربة، وفي حال نزول المطر تغسل الأشجار من الأتربة العالقة فيها.

كما أن هذا المطر اذا سقط خلال نضج الزيتون يضاعف حجم الثمرة ويرطبها ويجعل قطافها أسهل، كما يسهّل على المعاصر استخلاص أكبر كمية زيت منها، مع التأكيد على أن هذا المطر لا يزيد نسبة الزيت في الثمرة، إنما يسهّل استخراج أكبر كمية زيت منها من خلال تسهيل عصرها وتقليل الفاقد من الزيت.

وأضاف عبيد: "يحبذ قطاف الزيتون بعد نزول الأمطار عليه للاستفادة من غسل الشجر وسهولة قطافة وعصر ثماره، ولكن في حال تأخر نزول المطر في بعض الأعوام كما حدث هذا العام ننصح المزارعين بقطف الزيتون في موعده دون انتظار المطر، خاصة أننا وصلنا إلى الثلث الأخير من شهر تشرين الأول دون نزول الأمطار".

وأوضح أن الانتظار الطويل قد يؤدي إلى النضج الزائد وغير المحبذ للثمر، وفي حال تأخر الثمر على الشجر يكون عرضة أكثر للإصابة بذبابة الزيتون، التي تدمر بشكل مباشر جودة الزيت، وتقلل كميته، لأن يرقاتها تأكل كمية من الثمرة، وترفع حموضة الزيت لثمانية أضعاف، وبالتالي انتظار المطر لبدء القطاف محبذ في حال جاء المطر في بدايات الموسم، ولكن في حال تأخر المطر يفضل القطاف دون انتظار؛ لأن ذلك يؤدي لعوامل تقلل جودة الزيت.

ـــــــــ

/س.ك

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا