غزة 10-11-2020 وفا- خضر الزعنون
اشتهر الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات "أبو عمار"، بارتدائه الكوفية، ولم يظهر في أية مناسبة وطنية أو سياسية، بدونها، وشكل من خلالها رمزاً وطنياً مقاوماً للاحتلال الإسرائيلي.
وللرئيس الراحل "أبو عمار" طريقة خاصة هندسية بلباس الكوفية، الذي يرمز من خلالها إلى خارطة فلسطين التاريخية، ومن خلال الفدائي الفلسطيني. وأصبحت هذه الطريقة في ارتداء الكوفية رمزاً لأبو عمار كشخص وزعيم سياسي.
وشكلت الكوفية التي اقترنت بالنضال الوطني الفلسطيني وبالنضال العربي والأممي على الصعيد السياسي والاجتماعي والكفاحي المسلح، رمزاً وطنياً ونضالياً فلسطينياً عرف في كافة بلدان العالم من خلال كوفية الرئيس أبو عمار.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، البروفيسور كمال الأسطل: "في الذكرى السادسة عشرة لرحيل القائد الرمز الخالد أبو عمار نستذكر هذا البطل الفريد من نوعه، الزعيم التاريخي، الذي كان رمزاً في كل شيء، رمزاً بكوفيته التي مثلت الدبلوماسية الفلسطينية، حتى الذي لا يعرف عن فلسطين عندما كان يرى الكوفية يرى فيها فلسطين فكانت دبلوماسية الكوفية".
وأضاف الأسطل لـ"وفا"، "أبو عمار أيضاً مارس دبلوماسية الطائرة عندما كان يطير من بلد إلى بلد مبشراً بعدالة القضية الفلسطينية ومطالباً بنصرة العالم للقضية الفلسطينية، وأيضاً كان أبو عمار رمزاً للخيمة الفلسطينية التي استظلت بظلها جميع الفصائل، وكانوا يختلفون كفصائل ولكن متفقين على الهدف والقضية الفلسطينية ولم يحدث أن اُختلف على أبو عمار من أي فصيل من الفصائل".
واعتبر الأسطل، أنه عندما رحل أبو عمار كان بمثابة الأب للهوية الفلسطينية والمؤسس في كل شيء للدولة ونواتها، وهو الريادي والسباق في الرؤية الاستراتيجية الذي نقل الثورة من خارج فلسطين إلى أرض فلسطين، ليصبح الصراع على الأرض الفلسطينية وجهاً لوجه مع الاحتلال الإسرائيلي بعد أن كانت ثورة في الخارج.
وشدد الأسطل، على أن رحيل أبو عمار يدفع أبناء شعبنا جميعاً إلى الحنين إلى هذا الرمز التاريخي الذي كان بمثابة الأب الحنون لجميع أبناء شعبنا، وكان الجميع بما فيهم الفصائل الوطنية والإسلامية محبين لهذا الرجل التاريخي فلا خلاف على أبو عمار.
أستاذ العلوم السياسية في جامعات غزة، د.جمال الفاضي، أكد أن ذكرى استشهاد الرئيس أبو عمار لم يترك بصمة وطنية فلسطينية فحسب وإنما ترك بصمة تحررية عالمية، وقد كانت كوفيته جزءا من حركة التحرر العالمية ومن الرموز التي كانت تعرف بأنها رمز تحرري، وقد شكلت هذه الكوفية خط سير نضالي لكثير من الأجيال، وكانت بمثابة خارطة لفلسطين وبوصلة فلسطين وكل من ينظر إليها كان يدرك شعوراً واحساساً بفلسطين".
وقال الفاضي لـ"وفا": "إن الكوفية لم تكن فقط كشكل وكقطعة قماش، هي كانت عبارة عن قيمة تحررية ورمز وبوصلة لحركة التحرر الفلسطيني، وبالتأكيد هي جزء من حركة التحرر العالمية، فكان الكثير من المتعاطفين مع شعبنا على المستوى الدولي والمجتمعات الدولية ينظر إلى الكوفية ويعرف فلسطين من خلال كوفية أبو عمار.
وأوضح أن الكثير في العالم كانوا لا يعرفون فلسطين إلا من خلال هذه الكوفية، التي شكلت محطة من محطات النضال الوطني، وكانت رمزاً نقتدي بها، إضافةً إلى أن أطفالنا اليوم عندما يلبسون الكوفية يستذكرون فيها الرئيس أبو عمار رحمه الله.
وقال الفاضي: "بالتأكيد هذه الكوفية شكلت دوماً قيمة نضالية نعتز فيها ونفتخر وتعد ملمحا من ملامح حركة التحرر الوطني الفلسطيني".
وارتبطت الكوفية بالثورة والنضال الوطني منذ الثورة الفلسطينية في العام 1936، التي قادها الشيخ عز الدين القسام، مروراً بالثورة الفلسطينية المعاصرة في العام 1965، وصولاً إلى أيامنا هذه وبارتباطها بالرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي شكلت كوفيته رمزاً نضالياً وطنياً عالمياً لكل من يناهض الظلم الاجتماعي ويناضل ضد قوى الاحتلال والاضطهاد.
وتعتبر الكوفية رمزاً وطنياً ومقاوماً للاحتلال، وارتداها أبناء شعبنا صغاراً وكباراً من نساء ورجال، ولكن البارز اقتران الكوفية بالرئيس أبو عمار، الذي لم تفارقه يوماً، لبسها كوفية ليحولها إلى رمز وطني فلسطيني كبير.
وأينما وجدت كوفية فإنك تجد فلسطين، وأينما تجد فلسطين أو إحدى مدلولاتها الرمزية فإنك تجد أبو عمار.
وتعد الكوفية، التي تتصدر المشهد اليومي، في التظاهرات والمواجهات، رمزاً لنضال شعبنا، منذ عا5 1935، وفقا لدراسات تاريخية فلسطينية.
وبحسب مركز المعلومات الوطني، فإن مجموعات من الثوار الفلسطينيين وعندما شددت السلطات البريطانية (كانت فلسطين تخضع للانتداب البريطاني)، من رقابتها قاموا بإخفاء ملامحهم عن طريق ارتداء "الكوفية"، إضافةً إلى أنه عقب اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936م، والتي كانت نقطة تحول كبيرة في مسيرة الحركة الوطنية، بدأ الثوار في الإقبال على ارتداء الكوفية التي يُقال إنها كانت عبارة عن قطعة من القماش الأبيض.
وأوضح المركز أن الثوار ارتدوا الكوفية على هيئة لثام؛ لتفادي اعتقالهم أو الوشاية عليهم، وعندما بدأت القوات الإنجليزية في اعتقال كل من يتوشح بها، أمر الثوار، أبناء القرى والمدن الفلسطينية بارتدائها، حيث انتشرت كرمز للكفاح ضد القوات الإنجليزية، ورافقت أبناءهم في كافة مراحل نضالهم.
واستخدم أبناء شعبنا الكوفية بلونيها الأبيض والأسود، في ستينات القرن الماضي، وباتت رمزا لثورتهم المعاصرة (1965)، والتي شهدت انطلاق حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، واشتهر الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، بارتدائه الكوفية، ولم يظهر في أية مناسبة وطنية أو سياسية، بدونها، كما يرتديها أبناء وقادة فصائل شعبه في كافة المناسبات الوطنية.
وفي الانتفاضة الأولى (1987-1993)، كان ارتداء الكوفية إلى جانب رفع العلم الفلسطيني يمثل خطراً كبيراً على من يقوم به، فقد كانت بالنسبة للاحتلال "رمزاً" لما يصفه بـالمقاومة.
وظهر إقبال الفتية والشبان على ارتداء الكوفية بشكل كبير في انتفاضة الأقصى، التي اندلعت يوم28 أيلول/سبتمبر2000، عقب اقتحام رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، أرئيل شارون، ساحات المسجد الأقصى.
وبدأت الكوفية في الظهور والانتشار بعد توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، وكان من اللافت مؤخراً، ارتداء إعلاميين فلسطينيين وعرب للكوفية، وهم يقدمون نشرات الأخبار، والبرامج التحليلية، تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويفتخر أبناء شعبنا بكوفية أبو عمار، ويقولون إنه لا حاجة لكي يقوم أي واحد منا يسافر إلى الخارج، بالتعريف عن هويته إذ يكفي ارتداؤه للكوفية، كي يقال عنه إنه فلسطيني.
ـــــــ
خ.ز/ ف.ع