أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 09/11/2025 02:36 م

تجمع "معازي جبع" يواجه خطر التهجير القسري مع تصاعد اعتداءات المستعمرين

 

القدس 9-11-2025 وفا- نديم علاوي

بات المواطنون في تجمع معازي جبع البدوي (9 كيلومترات) شمال شرق القدس، يستشعرون خطر المستعمرين الدائم أكثر من أي وقت مضى، مع تكرار الاعتداءات التي تستهدفهم وتستهدف مساكنهم وممتلكاتهم، في إطار المحاولات المحمومة لتهجيرهم قسرا.

اليوم الأحد، وبينما كان ناجح عراعرة ورفاقه يتناوبون على حراسة التجمع، تسلل المستعمرون إلى أطرافه، قبل أن يضرموا النار في "بركس". وعندما عراعرة وعدد من سكان التجمع التصدي للهجوم بصدورهم العارية وحماية مساكنهم وممتلكاتهم، هاجمهم المستعمرون بالعصي والحجارة، ما أسفر عن إصابة عدد منهم برضوض وجروح.

ومنذ شباط/ فبراير الماضي، تعرضت عشرات الأسر الفلسطينية من العراعرة، والمعازي، والتبنة، التي تعود أصولها لعشيرتي الكعابنة والجهالين، إلى هجمات مفاجئة ومتكررة من قبل المستعمرين قرب جبع، أسفرت عن إصابة عدد من المواطنين برصاص المستعمرين أو جراء الاعتداء عليهم بالعصي والحجارة، إضافة إلى إحراق عدد من المساكن والخيام و"البركسات".

 عراعرة إلى جانب 11 آخرين، اضطروا لترك أعمالهم ومصادر رزقهم، والتفرغ للتناوب على حراسة التجمع، لحماية عائلاتهم ومساكنهم وخيامهم ومواشيهم وممتلكاتهم من اعتداءات المستعمرين.

ويقول عراعرة لـوفا"، "لم يعد السعي خلف الرزق يشكّل أولوية أمام الحفاظ على حياتنا ومواجهة أخطار المستعمرين التي تحيط بنّا في كل لحظة توطئة لتهجيرنا"، مضيفا أن أهالي التجمع لم يعودوا قادرين على التوجه إلى عملهم أو التنقل بحرية في ظل الاعتداءات المتكررة.

ويتابع أن "اعتداءات المستعمرين فرضت علينا العمل في الحراسة اليومية"، موضحا: "كانت مهنتنا الأساسية هي رعي المواشي، لكن المواشي اليوم لا تخرج من حظيرتها حيث لم نستطيع الوصول إلى المراعي، وفقط نعمل على تأمين احتياجات عائلاتنا الأساسية وحراسة مساكننا".

ومع اقتراب موسم الأمطار، يزداد قلق المواطنون من تدهور أوضاعهم أكثر، خاصة في ظل غياب مصادر الرزق، واستمرار خطر الهجمات الليلية للمستعمرين ضمن سياسة تستهدف تهجير المواطنين، خاصة في التجمعات البدوية المحيطة بمدينة القدس المحتلة، لصالح التوسع الاستعماري والمشاريع الاستعمارية.

ويقول أحمد محمود كعابنة وقد بدت على وجهه علامات التعب لـ"وفا"، إن أهالي المعازي يعيشون أياما ثقيلة، بعدما أقام عدد من المستعمرين بؤرة استعمارية جنوب التجمع في شباط/ فبراير الماضي.

ويروي كعابنة كيف أحرق المستعمرون مسكن أخيه في أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث أتى الحريق على كل شيء داخل المسكن. ويضيف: "حياتنا أصبحت كلها معاناة ليل نهار".

ويوضح أن العديد من أبناء التجمع تعطلوا عن عملهم للتناوب على الحراسة وحماية مساكنهم وممتلكاتهم ومواشيهم.

"نحاول إبعاد الأطفال والنساء وقت الهجمات، لأننا لا نستطع مواجهة سلاحهم، صار في إصابات كثيرة، أربع إصابات مباشرة، والهجمات صارت أكثر من خمس مرات، وكل مرة يهاجمونا حوالي أربعين مستعمر بحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وبعضهم يطلقون الرصاص الحي صوبنا" يتابع كعابنة.

ويردف: "لقد أحرقوا خمسة بيوت ومعالف، وكل يوم نخشى أن يأتي دورنا".

وفي السياق، يوضح الناشط ضد الاستعمار عايد غفري لـ"وفا"، أن الهدف من الهجمات المتكررة للمستعمرين على "معازي جبع" هو السيطرة على مئات الدونمات من الأراضي لتوسعة مستعمرة "آدم" المقامة على أراضي جبع، ووصلها مع مستعمرة "بنيامين" لخلق تواصل جغرافي بين المستعمرتين.

ووفق غفري، يضم التجمع نحو 200 شخص، بينهم حوالي 40 أسرة و70 طفلا دون سن الثامنة عشرة، يعيشون في ظروف صعبة تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.

ويؤكد أن الاحتلال يهدف إلى دفع التجمعات البدوية نحو أطراف القرى الفلسطينية، وتوسيع ما يعرف بـ"الاستعمار الرعوي"، إذ يبحث المستعمرون عن كل كتلة سكانية يمكن السيطرة عليها وتهجيرها.

ويشير إلى أن ما يجري هو جزء من عملية ممنهجة لخلق ما يسمى "دولة المستعمرين الثالثة"؛ وهي كتلة استعمارية مترابطة، وتشمل استهداف عشرات التجمعات البدوية وتهجيرها.

وفي شباط/ فبراير 2024، نشرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مخططا تنظيميا تفصيليا لتوسعة مستعمرة "جبع بنيامين" على أراضي بلدة جبع شمال شرق القدس. ويأتي المخطط الاستعماري على مساحة 150 دونما تقع في الطرف الشمالي للمستعمرة، على تلة مقابلة، وأراضي مراعي.

وبحسب مركز أبحاث الأراضي، يهدف المخطط الى تحويل صفة استخدام الأراضي من زراعية إلى مناطق للبناء، وإقامة مساكن ومنشآت أخرى.

ويوضح المركز أنه وبعد ترسيم المخطط يتضح بأن سلطات الاحتلال تهدف إلى تسمين مستعمرة "جبع بنيامين" حيث سيقابل الحي الجديد مستعمرة "شاعر بنيامين"، إلا أن تجمع "معازي جبع" بات الفاصل ما بين هاتين المستعمرتين، لكن الحي الاستعماري الجديد المشار إليه في المخطط يهدف إلى خلق تمدد في مقدمة لخلق تواصل بين المستعمرات في المنطقة.

وجاء في تقرير تحت عنوان "تهجير التجمعات البدوية: الوصل والفصل الجيوسياسي في الأغوار بعد 7 أكتوبر"، صدر عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن الأغوار الفلسطينية والبادية الممتدة على طول السفح الشرقي للضفة الغربية تعد الفضاء الأوسع للزراعة والرعي والتنقل الموسمي للتجمعات البدوية.

ويضيف التقرير: "منذ سنوات طويلة، اعتمدت دولة الاحتلال مقاربة القضم الهادئ لهذه المنطقة: إعلان مساحات شاسعة كأراضي دولة، أو تحويلها إلى مناطق مغلقة لأغراض التدريب العسكري أو ما يصطلح عليه بمناطق إطلاق النار وإعلانات المحميات طبيعية، وتسييجها بشبكة طرق وحواجز وبؤر رعوية وزراعية حديثة، بحيث يجري تفتيت الحيز الفلسطيني إلى جيوب محاصَرة، مقابل وصلٍ متدرج بين المستوطنات ومعسكرات الجيش والبؤر".

ويتابع: "بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تسارعت هذه العملية بصورة غير مسبوقة على مستويين متوازيين: تصعيد العنف المنهجي من قبل المستوطنين، وتوسيع منظومة القرارات والإجراءات الحكومية والإدارية التي تحول الوقائع الميدانية إلى هندسة جيوسياسية جديدة".

يذكر أن التقارير الرسمية والحقوقية والأممية تفيد بتهجير أكثر من 33 تجمعا فلسطينيا بدويا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تتوزع على 66 موقعا في الضفة، ما أدى إلى ترحيل 2373 مواطنا من هذه التجمعات، ما أتاح للمستعمرين إغلاق مئات آلاف من الدونمات كانت تتواجد عليها هذه التجمعات وإقامة 114 بؤرة استعمارية جديدة.

_

ع.ف

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا