أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 16/06/2020 01:21 م

المرأة .. واقع مؤسف وحضور مكلف

 

رام الله 16-6-2020 وفا- أسيل الأخرس

عصفت المآسي الوطنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بواقع النساء الهش، وشكل الانقسام بين شطري الوطن نقطة تحول فتكت بالمنظومة الاجتماعية والنسيج الوطني واطاحت بالنساء الحلقة الاضعف في معادلة المجتمع الذكوري.

ومنذ الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين الذي استهدف تدمير الاستقرار وفرص البناء وحطم آمال الاستقرار والأمان الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لتكون لاجئة أو شهيدة أو اسيرة أو أما لشهيد أو اسير من جهة، بفعل مجتمع يرفض الخضوع لأي تحديث، ما حد من فرص تطور النساء ونيلهن حقوقهن المكفولة بالقانون والمستندة على الاتفاقيات الدولية، وأبرزها "سيداو".

ورغم ذلك، حافظت المرأة الفلسطينية في مراحل التاريخ الوطني المتعاقبة على حضورها المكلف للبقاء وتحقيق الذات في مواجهة اشكال العنف المختلفة، وابرزها القتل.

وكان قد سجل 14 حالة قتل بحق النساء في الضفة على خلفية ما يعرف بجرائم الشرف في فترة 2004-2006-2007 في قطاع غزة والضفة الغربية، بينها 8 حالات في قطاع غزة، حسب المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات في تقريره  (القتل على خلفية الشرف(.

ورصدت مؤسسات حقوقية ونسوية والمركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، 9 حالات قتل للنساء حتى نهاية أيلول/ سبتمبر 2007.

ووفق إحصائيّات أوردتها ورقة الحقائق من مركز المرأة للإرشاد القانونيّ والاجتماعيّ فإنّه رصد في العام 2015، 15 حالة قتل وانتحار لنساء في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينيّة، 6 منها في قطاع غزّة، وعام 2016 رُصدت 23 حالة، 11 منها في قطاع غزّة، وعام 2017 ،27 حالة، 16 منها في قطاع غزّة، و10 في الضفّة الغربيّة، وعام 2018 رُصدت 21 حالة، 10 منها في قطاع غزّة، و11 في الضفّة الغربيّة.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء فإن العنف الأسري بحق النساء المتزوجات اللواتي سبق لهن الزواج ارتفع من 27.3%  في العام 2006 الى 51.0% في العام 2011، بينما ارتفعت نسبة النساء كبار السن من 65 عاما فأكثر اللواتي تعرضن لاحد انواع الاساءة من قبل افراد الأسرة من 7.9 الى 8.4%.

وقالت وزيرة شؤون المرأة آمال حمد: إن "تاريخ الانقسام اسود على الشعب الفلسطيني وعلى المرأة خاصة بضربه 3 محددات، الاول ارتفاع نسبة البطالة والتي تجاوزت 80%  بين الخريجات بسبب غياب فرص العمل وما يترتب عليه من آثار على الحالة النفسية والاجتماعية، وتزايد الفقر المدقع لحوالي 65%، بينما  80% من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر، وارتفاع عدد الاسر التي تعيلها وزارة التنمية الاجتماعية من 50 الى 80 الف اسرة.

وأضافت "ان الوضع الصحي الصعب للنساء وهن الاكثر تضررا بسبب الواقع الذي نعيشه، والمتمثل بالحصار ومنع العلاج والتحويلات للمحافظات الشمالية وعدم توفر الخدمات الصحية في القطاع بشكل مناسب"، مشيرة الى ان المحدد الثالث ما جرى من حروب تعرض لها قطاع غزة في 2008 و2012 و2014 وجميعها كانت بعد الانقسام، وما خلفته من دمار، وحرمان المواطنين من العيش في منازلهم، وباتوا يعيشون الى الان في كرفانات، وكل ذلك أدى إلى تراجع في الوضع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي للأسر.

وتشير بيانات مسح القوى العاملة الذي أعده جهاز الاحصاء عام 2019، أن 9% من الأسر في قطاع غزة ترأسها نساء، وفيما يخص معدلات البطالة فإنها ارتفعت بين النساء من 32.2 في العام 2006 الى 63.7 العام 2019.

وأوضحت حمد أن النظام القانوني والقضائي في قطاع غزة يختلف عن الضفة الغربية، حيث هناك قانون "حقوق العائلة" الاحوال الشخصية المصري المقر في 1954، وقانون العقوبات البريطاني الصادر عام 1936، مشيرة إلى أنها قوانين قديمة بالية وتنتهك حقوق النساء، ولا يوجد نظام قانوني يحمي النساء ويكفل حقوقهم، والنظام القضائي يختلف في الاجراءات والقوانين، وتم سن قوانين خاصة بهم.

واشارت الى أن حكومة غزة ألزمت الفتيات في المدارس الاعدادية والثانوية بارتداء الحجاب، وأجبرت الطالبات في جامعة الاقصى بارتداء الحجاب، داعية الى ضرورة تحقيق الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام، واقرار قانون لحماية النساء عبر مراجعة التشريعات المختلفة ومواءمتها مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها فلسطين، بما يكفل النهوض بواقع المرأة.

من جهتها، قالت المحامية والناشطة الحقوقية فاطمة عاشور: إن الانقسام شكل عنفا مركبا، سواء اجتماعيا أو سياسيا أو اقتصاديا ضد النساء.

وبينت أن الجزء المتعلق بقانون العقوبات والاحوال المدنية والنقابات الذي كان معمولا به قبل الانقسام، لم يطرأ عليه اي تغيير، وجاءت حماس التي أبقت عليه، ما يدلل على الاصرار على العقلية الذكورية والاستمرار في الظلم.

ولفتت عاشور الى أن الحريات العامة في قطاع غزة مفقودة بشكل كامل، اذ تمت ملاحقة النساء في حملة "الفضيلة" والتي استهدفت اثبات العلاقة بين اي اثنين يتواجدان مع بعضهما في الاماكن العامة بالأوراق الثبوتية، او أن يكونا عرضة للاعتقال، إضافة الى عدم قدرة النساء على ممارسة قناعاتهم، حيث إن المحاكم المختلفة والمدارس وبعض الجامعات تجبر الفتيات والنساء على ارتداء الحجاب، كما تم اقرار قانون التعليم الذي قدمته حركة حماس، والذي يهدف الى تأنيث المدارس ويمنع ان يكون في المدارس ذكور من الهيئة التدريسية، بينما هذا القانون لم يتم تطبيقه في المدارس الخاصة.

وشددت على أن واقع الانقسام ترتب عليه عدم حصول النساء على حقوقهن في النفقة او الحضانة حتى بعد حصولهن على امر قضائي، وهناك العديد من السيدات اللواتي عانين من غياب الزوج او سفره او هجره لهن، لافتة إلى أن القضاء في قطاع غزة لم يلتزم بقرار الرئيس برفع سن الزواج الى 18، ولا يزال يتم تزويج البنات على عمر 14 هجري، إضافة الى أن هناك استثناءات يتم من خلالها تزويج البنات ممن هن اصغر.  

واعتبرت عاشور أن الفقر الناجم عن الحصار والانقسام والحروب اثر على زيادة معدلات العنف ضد النساء، وزاد من الضغط النفسي الذي نتج عنه زيادة في العنف الاسري، مشيرة إلى أن هناك مؤسسة الحياة التابعة لمركز الابحاث والاستشارات القانونية للمرأة– غزة التي تقدم الاستشارات النفسية النهارية بعد أن رفضت حكومة غزة مبيت النساء فيه واشترطت وجود عناصر الامن التابعة لحكومة غزة، وهناك بيت الامان التابع لوزارة التنمية الاجتماعية الذي يوفر خدمة المبيت للمعنفات ويقدم مختلف الاستشارات النفسية والقانونية.

ولفتت الى ان النساء يتعرضن لمختلف انواع العنف من تحرش في العمل وفي وسائل النقل، وسفاح القربى، وجرائم القتل ومؤخرا الابتزاز الالكتروني، مشيرة الى أنه لا توجد تصنيفات للقتل بحق النساء، لأنه لا يوجد قرار محكمة قطعي للقضايا الخاصة بقتل النساء.

وعن ارتفاع نسبة الاعالة للأسر من قبل النساء، قالت عاشور: إن ذلك يستدعى تبني خطة لمراعاة احتياج النساء وضمان تحقيق المساواة امام القانون وفي التشريعات والاشراك الحقيقي للنساء في مختلف المجالات، وتعديل قانون الشركات وتخفيض الضريبة على النساء، ودعم المشاريع الصغيرة.  

وحول فرص التعليم للنساء، اشارت الى ان غالبية الاناث لسن مخيرات في اختيار الجامعة او مكان الدراسة او التخصص، كما يدفع الوضع الاقتصادي الكثير من الاهالي لمنح فرصة التعليم للذكور على حساب الاناث، وبعض التخصصات تشترط معدلا اعلى من الاناث للالتحاق بها على خلاف الذكور.

وبينت بيانات مسح العنف 2019، أن محافظة الخليل من أعلى محافظات الضفة الغربية انتشارا للعنف من قبل الازواج ضد النساء المتزوجات حاليا أو اللواتي سبق لهن الزواج في العمر (18-64) سنة، وبلغت هذه النسبة 37%، تليها محافظة جنين بنسبة 27%، وأقلها محافظة القدس 11%، أما على مستوى محافظات قطاع غزة فقد شكلت خان يونس وغزة أعلى نسب انتشارا لعنف الأزواج ضد النساء المتزوجات حاليا أو اللواتي سبق لهن الزواج فبلغت 41%، و40% على التوالي، وكانت أقلها محافظة دير البلح بنسبة 30%.

ــــــــ

أ.أ/م.ل

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا