جنين 14-4-2022 وفا- زهران معالي
في الساحة أمام ثلاجة الموتى بمستشفى جنين الحكومي، بينما كانا ينتظران خروج نجليهما الشهيدين، احتضن فؤاد كممجي والد الشهيد شأس، فيصل أبو الرب والد الشهيد مصطفى، مؤازرا إياه بكلمات "ارفع راسك، شو بدك أحسن من الشهادة، إن شاء الله ربنا يطعمنا اياها"، فيما تكسو الحسرة وجهيهما.
مع ساعات صباح اليوم، بينما كان الوالد كممجي برفقة نجله شأس بمنزلهم في بلدة كفردان غرب جنين، تفاجأ باتصال يفيد باقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للبلدة، واعتقال أبنائه الثلاثة مجد وعماد ومحرم، عقب اقتحام منازلهم والعبث بمحتوياتها.
ونظرا لاعتياد عائلة كممجي على اعتقال جميع أبنائها كلما جرت عملية اقتحام واعتقال في البلدة، سارع شأس لمغادرة منزل عائلته تحسبا من اعتقاله، وذلك عقب اعتقال أشقائه الثلاثة، ليبقى بجانب والده.
بضع دقائق مضت، حتى جاء النبأ سريعا للعائلة يفيد بإصابة شأس بجروح بليغة خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط البلدة، وجرى نقله لمستشفى ابن سينا في المدينة حيث حاول الأطباء إنقاذه، وأعلن عن استشهاده، وفق ما يتحدث والد الشهيد كممجي.
"غادر المنزل، وقال لي خليني أكون معك بدل ما يعتقلونا كلنا، خلي واحد زلمة معك، والحمد لله طلع شأس زلمة". يتابع الوالد المكلوم.
وقف كممجي يشدّ من أزر والد الشهيد أبو الرب الذي ارتقى صباحا أيضا قرب حرش السعادة، بهمة وصبر وعنفوان كجبل شامخ لم يهتز، رغم النكبات التي تتعرض لها عائلته، فنجله أيهم أحد الأسرى الستة الذين انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع في أيلول الماضي، وهو يمضي حكما مدى الحياة، فيما جرى اعتقال أولاده الثلاثة، وإعدام شأس.
وبينما كان يستعد للخروج في مسيرة التشييع التي جابت شوارع جنين، تحدث كممجي "الحمد لله، قضاء وقدر، نتمنى أن يكون اختبارا من الله، شأس متزوج منذ قرابة عامين وكان يأمل أن يرزق بطفل، ولكن هي إرادة الله".
خرج موكب تشييع الشهيدين كممجي وأبو الرب من المستشفى، محمولين على أكتاف جموع المشيعين الذين سيطر الغضب على ملامحهم، وبينهم كان حسن أبو الرب شقيق الشهيد مصطفى، "الصبح تسحرت أنا وإياه" يقولها حسن بحرقة ودموع.
ويتحدث حسن لـ"وفا"، بأن شقيقه غادر منزل العائلة في قرية مسلية جنوب شرق المدينة في السادسة صباحا باتجاه مكان عمله بورشة دهان في بلدة كفردان، وتفاجأت العائلة بنبأ إصابته بجروح خطيرة واستشهاده لاحقا.
ووفق ما أوضحت مصادر أمنية وشهود عيان لـ"وفا"، أطلق جنود الاحتلال النار على الشاب أبو الرب أثناء تواجده على الشارع الرئيس قرب حرش السعادة المؤدي إلى كفردان، دون أن يشكل أي خطر عليهم، وتركوه ينزف على الأرض.
والشهيد أبو الرب (30 عاما)، الثاني بين أفراد عائلته المكونة من سبعة أفراد، ثلاثة أولاد وأربع بنات، كان يجهز شقة فوق منزل عائلته.
حلم شأس بإنجاب طفل، ومصطفى باستكمال منزله، وأحلام العشرات ممن سبقوهما من الشهداء، دائما ما أنهتها رصاصات الموت من بنادق جنود الاحتلال، الذين استسهلوا القتل لأجل القتل بعد تعليمات وزير جيش الاحتلال والتي منحتهم الضوء الأخضر لإطلاق النار على الفلسطينيين.
وتشير إحصاءات وزارة الصحة إلى أن 39 فلسطينيا استشهدوا منذ بداية العام الجاري في الضفة الغربية، بينهم 13 من محافظة جنين، إثر تصاعد اعتداءات الاحتلال والإعدامات المتكررة بحق الشبان.
وانطلقت جنازة الشهيدين باتجاه بلدتي كفردان مسقط رأس الشهيد كممجي، ومسلية مسقط رأس الشهيد أبو الرب، حيث ألقت عائلتا الشهيدين نظرة الوداع على جثمانيهما، قبل أن تقام صلاة الجنازة عليهما، ويواريا الثرى في مقابر البلدتين.
ـــــــ
/ر.ح