الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 02/05/2022 06:35 م

عيد الأسيرات.."من رحم المعاناة يصنعن الفرح"

الأسيرة المحررة أمل طقاطقة ووالدتها سهام
الأسيرة المحررة أمل طقاطقة ووالدتها سهام

بيت لحم 2-5-2022 وفا- وعد الكار

بفرحة كبيرة استقبلت الأسيرة المحررة أمل طقاطقة من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم عيد الفطر السعيد، والذي يمر عليها لأول من منذ سبع سنوات وهي حرة خارج معتقلات الاحتلال.

تقول أمل إن فرحة العيد بين الأهل والأحباب لا تضاهيها فرحة ولا تساويها بهجة، مضيفةً أن أجواء العيد بين الأهل مفعمة بالحياة والسرور، وأن هناك رونقا خاصا لصوت التكبيرات في المساجد.

وتشير إلى أن الأسيرات داخل معتقلات الاحتلال يفتعلن الأجواء السارة رغم تضييقات الاحتلال عليهن، حيث أن التحضير لـ "معمول العيد" يتطلب إجراءات كثيرة وكتب رسمية لمخاطبة إدارة معتقلات الاحتلال بالسماح لهن بتوفير السميد قبل أشهر من يوم العيد، وفي حال الموافقة على الطلب يتم شراء السميد والذي يكون ذو جودة متدنية من "الكنتين" بأسعار عالية.

وتضيف أن قبل العيد بعشرة أيام تقريبًا، تشكّل الأسيرات لجنة تنظيمية، وكل أسيرة تدفع مبلغ معين حتى يتم تجميع النقود وتقسيمها على مستلزمات العيد من مواد خاصة بصناعة "المعمول" والقهوة والسكاكر والزينة.

وتشير أن كل واحدة من اللجنة التي يبلغ عددها أربع أسيرات يقسمن المهام على الجميع، وتتمحور المهام حول إعداد القهوة وتجهيزها وترتيب الطاولات وتزيين المكان وتنظيف القسم وغيرها. أما عملية خبز "المعمول" فتحتاج ليومين كاملين.

"لا خيار آخر أمامنا، إما أن نصنع الفرح بكل ما أوتينا من قوة، أو أن نستسلم للقهر والحزن وهذا ما يريده الاحتلال، ومن المستحيل أن نجعل الاحتلال ينال مراده، كما أن الانشغال بالتجهيزات يجعلنا لا نفكر كثيرًا ببعدنا عن الأهل واشتياقنا لهم" تتابع أمل.

وتروي أمل: صبيحة يوم العيد في المعتقلات، تبدأ "الفورة" قبل بساعة على غير العادة بحدود الخامسة صباحًا، وبعد العدد الذي تقوم به مجندات الاحتلال لتفقد الأسيرات، تسلم الأسيرة التي وُكل إليها إعداد خطبة العيد نسخة عنها لإدارة المعتقل، ويقوم السجانون بمقارنة الخطبة المكتوبة لديهم مع الخطبة التي يتم إلقاؤها، ويشترط فيها بأن لا تتضمن شيئا عن فلسطين أو النضال ضد الاحتلال، ثم تتبادل الأسيرات التهاني بالعيد وينشدن الأناشيد الدينية ويكبرن التكبيرات حتى الساعة السابعة والنصف صباحا، ثم تعود كل الأسيرات إلى غرفهن وينتظرن الفورة الثانية التي تكون في حدود الساعة الثانية ظهرا وتستمر حتى الرابعة عصرا.

وتتابع: في الفورة الثانية يتم اختيار أكبر غرفة في القسم، ويتم ترتيب المعمول والسكاكر والقهوة على الطاولات، وتتضمن هذه الفترة الألعاب والمسابقات وبعض المسرحيات التي تتدرب عليها الأسيرات تحضيرا لهذا اليوم.

أما عن ملابس العيد، فتقول أمل إن الأسيرات يخصصن خزانة خاصة للملابس الجديدة تسمى "خزانة العام"، ويكون الأهالي قد أرسلوا الملابس لبناتهن الأسيرات قبل أسبوعين، وتُبقي كل أسيرة بعضًا من تلك الملابس في الخزانة ليتسنى للأسيرات الجدد واللواتي لم يُسمح لهن بعد باستقبال الحاجيات من ذويهن الارتداء منها، وبذلك الجميع يلبسن ثيابا جديدة رغما عن كل التقييدات، مؤكدةً أن هذا النوع من التكافل بين الأسيرات يخلق أجواءً من المودة والأخوّة ما يخفف عليهن وطأة الأسر.

وبعد الساعة الرابعة عصرًا من أول أيام العيد، تغلق الغرف على ساكناتها، ويعم الهدوء الحزين وتشتعل الذكريات، وينتهي عيدهن. أما في اليوم التالي، تتجمع كل الأسيرات وقت الفورة ويقمن بإعداد غداء جماعي تتخلله أناشيد وبعض النكات والأحاديث الجانبية الفكاهية.

بدورها، عبرت والدة أمل، سهام طقاطقة، عن فرحتها بوجود ابنتها بين أحضانها، وقالت إنها منذ عشرة أعوام لم تجتمع مع كل أولادها على سفرة العيد بسبب اعتقال نجلها محمد وبعدها اعتقال ابنتها أمل، وهذا العيد تحققت أمنيتها، متمنية أن ينعم كل الأسرى والأسيرات بالحرية وأن يحتفلوا بالأعياد في أحضان الأهل والأحبة والأقارب.

وبينما تحققت أمنية سهام طقاطقة باجتماع جميع أبنائها على سفرة العيد، ما زالت والدة الأسيرة شروق البدن من بلدة تقوع جنوب شرق بيت لحم تتوق إلى الإفراج عن ابنتها من معتقلات الاحتلال.

وتعرضت الأسيرة شروق للاعتقال الإداري ثلاث مرات في السنوات الخمس الأخيرة، وجرى مؤخرًا تجديد اعتقالها أربعة أشهر قابلة للتمديد.

تقول سلوى البدن، والدة الأسيرة شروق، إن حفيدتها آية التي تبلغ من العمر خمس سنوات تسأل باستمرار عن والدتها، وهذا اليوم تحديدا لم تتوقف عن السؤال عن أمها والبكاء.

وتضيف أنه لا طعم للعيد وشروق في المعتقل، حتى أنها لم تصنع كعك العيد، وأخذت عهدا على نفسها بأنها لن تصنعه قبل أن تنال ابنتها الحرية.

وتتابع سلوى بعد أن كفكفت دموعها، أن "الاحتلال يحاول كسرنا وقهرنا، ولكنه لن يستطيع أن يكسر إرادتنا، وباب المعتقل لا يغلق أبد الدهر، وحتما ستخرج شروق وتنال حريتها".

من ناحيته، يقول مدير نادي الأسير في بيت لحم عبد الله زغاري إن 32 أسيرة يقبعن في معتقلات الاحتلال، بينهن 11 أسيرة أمهات موزعات على المحافظات، وشروق البدن هي الأم الأسيرة الوحيدة حاليًا من محافظة بيت لحم.

وأضاف أن شروق البدن وبشرى الطويل هما الأسيرتان الوحيدتان المحكومتان بالسجن الإداري حاليًا.

وبين أنه لا يوجد زيارات خاصة للأسيرات فترة العيد، فالزيارة مرة واحدة كل شهر تكون عبارة عن رحلة عذاب لأهالي الأسيرات بسبب إجراءات التفتيش المذل والمهين، حيث يخرج الأهالي من ساعات الفجر الأولى للتوجه إلى معتقل "الدامون" في رحلة تستغرق عدة ساعات من أجل اللقاء مع بناتهن لمدة 45 دقيقة فقط.

ــــــ

ع.ف

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا