سلفيت 29-6-2020 وفا- عُلا موقدي
تعتبر مادة الإسمنت مزعجة للنظر، لكن المهندسة المعمارية ربى سليم حولتها إلى ديكور في المنزل، واستخدمتها بطريقة عصرية وراقية من خلال تصاميم وإكسسوارات وأشكال وهدايا.
سليم تخرجت من جامعة بيرزيت عام 2001، وعملت في مجال الهندسة المعمارية منذ التخرج حتى عام 2005، ثم انضمت لمركز المعمار الشعبي الفلسطيني (رواق) في مدينة رام الله بمجال الترميم والتأهيل وإعادة إحياء القرى والبلدات.
تقول سليم حول مشروعها الفريد لـ"وفا": بدأت الفكرة في وضعي للإسمنت في الأبنية والتصميمات حتى أصبحت كبصمة مميزة لعملي، فالإسمنت يعمل على تمازج القديم مع الحديث، ويعطي رونقا خاصا، الأمر الذي شكل تحديا مع نفسي لإظهار جماليته بطريقة منظمة.
وتضيف: تركت عملي في (رواق) وبدأت مشروعي الخاص منذ عام 2017 وقررت أن أتفرغ لتشكيل الإسمنت، وكان هدفي أن أوصل رسالة أنه على الأشخاص تغيير فكرتهم اتجاه هذه المادة، وأن يستخدموها في منازلهم بطريقة محببة.
سليم متزوجة وهي أم لطفل وطفلة، وهذا شكل لها تحد آخر في إيجاد وقت كاف للأمومة والعمل.
وعن آلية العمل ذكرت: "أعمل على بلاطتين، إحداهما للساخن وأخرى للبارد، وورشتي هي شرفة المنزل وأحيانا استخدم طاولة المطبخ، بدأت بصناعة قطع صغيرة وكانت مؤشر لفحص مدى تقبل الناس للإسمنت الأبيض أو الأسود، وفي غالب الأحيان أقوم بتزيين أعمالي بالتطريز الفلاحي أحصل عليه من مصممة أزياء وما يتبقى عندها من قطع قماش أقوم بإعادة استخدامه.
وتتابع: قمت بعدة تجارب لمدة أشهر حتى حصلت على أفضل خلطة متماسكة بمواد معينة، وبالسماكة التي أريدها، وقمت بتصنيع القوالب الدائرية والمربعة الخاصة بالعمل وبأحجام مختلفة، واليوم حلمي بأن أصنع تصاميم أكبر مثل الكراسي والطاولات، والصواني وغيرها.
تصنع سليم اكسسوارات للسيدات وتعليقات مناسبة للأطفال مكونة من مجموعات أطلقت عليها اسم: "سيمنتو - cemento، ودانتيل، ومخدات إسمنتية، وأبراج إسمنتية، وقلوب الغزاوية، وثوب أمي"، وتحاول بكل طاقتها تحويل المادة الإسمنتية من مادة مزعجة إلى مادة مستخدمة في الحياة اليومية بطريقة عصرية وراقية بطرق مختلفة.
شاركت سليم في عدة معارض بمدينتي رام الله والقدس، وتعاقدت مع عدة مؤسسات مرموقة، لتسوق منتجاتها، إضافة إلى صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) و(انستغرام)، وتعمل حاليا على إنشاء موقع إلكتروني خاص بها.
وتعاني سليم من الأوساخ التي تسببها المادة الاسمنتية، فهي بحسب نظرها تحتاج إلى "دقة وحذر في التعامل"، وتقوم باستخدام الكفوف والكمامات والتعامل معها بطريقة لا تؤذي العين والأيدي.
وتشير إلى أن الحصول على الشكل المناسب ليس بتلك السهولة، فهناك دائما عنصر المفاجأة، فالمادة الإسمنتية تشكل نفسها لذلك يجب أن أضعها بطريقة صحيحة 100% وانتظرها لليوم التالي ثم استخدم ورق الزجاج وادهن القطعة لحمايتها وحتى تحافظ على لونها وتبقى متماسكة.
تقوم سليم بعملها بشكل يدوي دون استخدام ماكينات صناعية نهائيا، فهي تحتاج دائما إلى الوقت والصحة النفسية وأجواء مريحة حتى تتمكن من إتمام عملها.
ومع دخول فلسطين في حالة الطوارئ إثر جائحة "كورونا المستجد"، أثر ذلك على نفسية سليم في العمل، قائلة: "هذا عمل فني وحرفة يدوية أحتاج لإنجازه إلى نفسية مرتاحة بعيدة عن الضغوطات والتوتر، وفيروس كورونا جعلني مع عائلتي وعملي بنفس المكان، فأصبح الزمان والمكان غير مناسبين للعمل، إضافة إلى تخوفي الكبير من عدم امكانية تسويق القطع، خاصة بعد أن أدركت أن هناك أولويات في ظل هذه الظروف لدى الأشخاص".
وتابعت: اليوم أحاول التعايش مع هذا الوضع والتفاؤل بما هو قادم وخلق الوقت حتى لو كان ساعة باليوم، والخروج بأفكار جديدة.
وتضيف: "المرأة الفلسطينية تستطيع صنع كل ما هو جميل، لأنها تعمل بشغف كبير، آمل أن تصل أعمالي إلى العالمية وأمثل دولة فلسطين وأبرز التطريز الفلاحي الفلسطيني والخط العربي بطريقة مختلفة".
وتطمح سليم لإنشاء ورشة عمل في مكان واسع وأن يكون لها ساحة واضاءة وهواء مناسبين، حتى تستطيع تطبيق ما يدور بخاطرها من أفكار على الواقع بطريقة أكثر احترافية، والمشاركة في معارض خارجية على مستوى العالم.
ــ
ع.م/ م.ع