أهم الاخبار
الرئيسية آراء
تاريخ النشر: 05/07/2023 09:50 ص

حين تنتصر الإرادة على آلة الدمار

 

الكاتب خالد جمعة/ محرر الشؤون الثقافية في وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"

لسنا مؤهلين، بعدُ، لنناقش عملا عسكريا، سواء من قبل الشبان الفلسطينيين، أو من قبل الاحتلال الذي يصر على أن القوة التي لا تأتي بأهدافها، تحتاج إلى مزيد من القوة، ولا حل آخر لديهم، أمس واليوم وغدا.

تنسى إسرائيل، في كل مرة، أن موضوع مقاومة الاحتلال لا علاقة له بامتلاك الأسلحة، ولا علاقة له بالقدرة على تصنيع العبوات أو الصواريخ، وتتصور دائما أن اجتياحاً غاشما لمنطقة مثل جنين أو غزة أو نابلس، والتخلص من مجموعة من المقاومين، كفيل بأن ينهي الأمر على ذوقها.

 إن المحرض الكبير والأساسي على كل ما يحدث هو الاحتلال الإسرائيلي، فحين ينشأ جيل يرى أمامه بيوتا تهدم، وأصدقاء يتم إعدامهم في الشارع، أو يلقون في السجون في أحسن الأحوال، وأراضي تصادَر، ومستوطنات تُنشأ بحدائق وطرقات ومنشآت على طراز أوروبي فوق أرض أجداده، بل وربما كان يزرعها هو نفسه قبل موسم واحد، ولم تعطه إسرائيل لا الوقت ولا المساحة كي يعيش، فما الذي يمكن ان ينشأ في ذهنه؟

لن تنتصر الآلة على الإرادة، لسبب بسيط، هو أن الصراع ليس مباشراً بين آلة حربية وشخص أو مجموعة أشخاص، بل بين فكرتين، واحدة لديها العتاد، والأخرى لديها الإيمان، فمن قال إن هدم مسجد مثلا يمنع أي شخص من الصلاة؟ حتى لو صلى في العراء، وهذا هو لبّ الفكرة من الأساس.

تستطيع إسرائيل بالقوة التي تمتلكها أن تمسح مخيما مثل مخيم جنين بسكانه عن وجه الأرض، وقد فعل شارون ذلك قبل عقدين، ولكن، لأن مخيم جنين ليس هو المسألة بحد ذاته، فإن مسحه لن يحل الأمر على الشاكلة التي ترغب فيها إسرائيل، لأن الفكرة لا تسكن في الجدران وخطوط المياه وأسلاك الهاتف، بل في القلوب، وفي الوجدانات التي تسلّمُ أنماطها من جيل إلى جيل، ليس لأن الفلسطيني يعلم أولاده ذلك، بل لأن ما تفعله إسرائيل يجعل المشكلة حاضرة دائماً، حتى لذلك الجيل الذي ولد بعد كل المآسي التي عاشها الفلسطينيون.

فأنت لست بحاجة أن تكون قد عشت النكبة، فهناك مجزرة جنين الأولى حاضرة، ولست بحاجة أن تكون قد عشت النكسة، فالعدوان على غزة حاضر، ولست بحاجة لتكون قد عاصرت اغتيال أبو جهاد، فمحمد أبو خضير قريب العهد، وهكذا، وهذا كله مربوط بخيط اسمه الاحتلال يجمع كل ذلك القهر والألم في كيس واحد، يحمله كل فلسطيني على ظهره مثل خُرّاج عليه التخلص منه.

ليس هناك من داع للسؤال عن الانتصار والهزيمة بعد ما حدث في جنين، فبمجرد أن قال نتنياهو إن هذه العملية لن تكون الأخيرة، فقد استبان بوضوح أن عمليته لم تحقق أي هدف من أهدافها، اللهم إلا إذا كان هدفها السري تدمير البنى التحتية للمخيم، وقطع مياهه وشبكات هاتفه وكهربائه، فهنا يمكن القول إن إسرائيل انتصرت، أما على أي مستوى آخر، فلا يوجد ما يمكن لإسرائيل الحديث عنه.

ـــ

/م.ج

 

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا