الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 16/11/2023 01:21 م

مستعمرو الضفة على خطا العصابات الصهيونية الأولى

 

طوباس 16-11-2023 وفا- إسراء غوراني

على وقع العدوان المتصاعد على قطاع غزة وما يرافقه من جرائم إبادة جماعية بحق شعبنا تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، كثّف مستعمرو الضفة الغربية اعتداءاتهم كما ونوعا، وباتت تشكل خطرا حقيقيا على حياة المواطنين ووجودهم في أراضيهم، خاصة في التجمعات والمضارب البدوية المنتشرة من شمال الضفة إلى جنوبها، إضافة إلى العديد من القرى التي تقام على أراضيها المستعمرات.

تصاعد اعتداءات المستعمرين غير المسبوق خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، تزامن مع قيام حكومة الاحتلال بإشراف ما يسمى بوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير بمنح آلاف رخص حمل السلاح لمستعمرين جدد وتسليحهم، بالإضافة إلى نية استكمال تسليح ما تبقّى منهم، والعمل على تأسيس مليشيات جديدة من المستعمرين تحت مسميات "الأمن والدفاع عن النفس".

هذه المعطيات جميعها تشير إلى أن المستعمرين في الضفة الغربية يسيرون على خطا العصابات الصهيونية التي نفذت المجازر وعمليات التطهير العرقي وجرائم الإبادة الجماعية في القرى الفلسطينية إبان النكبة عام 1948، كعصابات "الهجاناة، وشتيرن، والأرغون".

ومما يعزز هذه التخوفات استشهاد تسعة مواطنين من الضفة منذ السابع من أكتوبر الماضي برصاص المستعمرين وحدهم، فضلا عن ارتفاع عدد الشهداء الذين ارتقوا برصاص الاحتلال في الفترة نفسها بشكل كبير، إضافة إلى تهجير 100 عائلة من عدة مناطق بدوية بالضفة تحت تهديد المستعمرين لهم بالقتل وارتكاب المذابح.

تقارير التوثيق الصادرة عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تؤكد أن اعتداءات المستعمرين وقوات الاحتلال في تصاعد خلال الأشهر الأخيرة، لكن الشهر المنصرم شكل تصاعدا كبيرا وغير مسبوق.

وأكدت الهيئة في تقرير نشرته مطلع الشهر الحالي، أن قوات الاحتلال والمستعمرين نفذوا خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 2074 اعتداءً، منها 390 اعتداءً نفذها المستعمرون وحدهم، وعند مقارنة هذا الرقم بما وثقته الهيئة في شهر أيلول، تلاحظ نسبة الارتفاع الكبيرة في الاعتداءات، ففي شهر أيلول نفذت سلطات الاحتلال والمستعمرون 923 اعتداءً، منها 123 اعتداءً نفذها المستعمرون وحدهم.

وتعد الأغوار من أكثر المناطق التي تشهد عذابات مستمرة مع سلطات الاحتلال والمستعمرين واعتداءاتهم على مدار سنوات طويلة، أدت إلى حرمانهم من أغلبية أراضيهم ومراعيهم ومياههم، ومن إقامة المنازل والبنى التحتية، لكن الملاحظ أن الاعتداءات في المنطقة منذ السابع من الشهر الماضي أصبحت مكثفة وأكثر خطورة.

يقول المواطن أحمد أبو محسن من منطقة الفارسية في الأغوار الشمالية، إنهم بالرغم من معاناتهم من اعتداءات مستمرة من المستعمرين على مدار سنوات طويلة، إلا أن الاعتداءات الأخيرة كانت الأشد والأخطر.

ويضيف في حديثه لـ"وفا" أن الاعتداءات الأخيرة بدأت بالاستيلاء على أراضيهم بالقوة، حيث قامت مجموعة من المستعمرين بحراثة الأراضي والاستيلاء عليها تحت حماية قوات الاحتلال، بالإضافة إلى ذلك نفذ المستعمرون سلسلة هجمات على خيامهم وخيام العديد من المواطنين في تجمعات أخرى من الأغوار تخللها التهديد بالقتل.

ولكن الحادثة الأكثر خطورة، كما يقول أبو محسن، كانت محاولة المستعمرين اختطاف ابنة شقيقته البالغة من العمر عامين من يد والدتها في وضح النهار، مشيرا إلى أن كل ذلك حوّل الحياة اليومية للمواطنين إلى جحيم، وهم الآن يعيشون في حالة خوف متواصل من قيام المستعمرين بارتكاب جرائم بحق العائلات.

في هذا السياق، يوضح مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات لـ"وفا"، أن اعتداءات المستعمرين في الأغوار خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ارتفعت وتيرتها ما يزيد على الضعف عند مقارنتها بالفترات السابقة.

ويتزامن ذلك، وفقا لبشارات، مع إجراءات تنفذها سلطات الاحتلال في الأغوار من شأنها تسهيل الاعتداءات، إذ حدثت الكثير منها في ظل تواجد قوات الجيش وتحت حمايته، بالإضافة إلى الإغلاقات اليومية والمتكررة للحواجز المؤدية إلى الأغوار، ما يؤدي إلى عزل المنطقة وإعاقة سير الحياة اليومية فيها بشكل اعتيادي.

كما أشار إلى التخوفات من عمليات التسليح الكبيرة للمستعمرين والتي بدأت بها حكومة الاحتلال مؤخرا، مؤكدا أن ذلك قد يكون مقدمة لجرائم إبادة جماعية على غرار تلك التي نفذتها العصابات الصهيونية خلال النكبة، موضحا أن مناطق الأغوار ومناطق المضارب والسفوح الشرقية في الضفة هي الأكثر عرضة لهذه المخاطر، كونها ذات مساحات واسعة وتجمعات سكانية قليلة، ويضاف إلى ذلك أنها تواجه منذ سنوات مخططات لتهجيرها والاستيلاء الكامل عليها.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية قد أشارت في تقرير نشرته في الخامس من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي إلى أن الحكومة الإسرائيلية طلبت من الولايات المتحدة الحصول على 24 ألف بندقية هجومية.

 

ووفقا للصحيفة، فإن هذا الطلب يثير مخاوف لدى نواب ومسؤولين أميركيين من احتمال وصول هذه الأسلحة إلى أيدي المستعمرين والمليشيات التي تحاول إجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، وخاصة أن هذا الطلب يتزامن مع توزيع الوزير اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بنادق على المستعمرين بالضفة، وقيامه بتشكيل مليشيات خاصة تحمل اسم "فرق أمنية".

من جهته، يوضح صلاح الخواجا من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن المستعمرين كانوا يُعِدون العدة منذ وقت للوصول إلى هذه المرحلة، من خلال المجموعات التي تنشط في تنفيذ الاعتداءات في الضفة تحت مسميات مختلفة ومنها: "شبيبة التلال، ومجموعات تدفيع الثمن" وغيرها، وهذه الجماعات أصبحت تتلقى دعما ملحوظا من الحكومة الإسرائيلية الأخيرة وخاصة من الوزيرين سموتريتش وبن غفير.

ويضيف: "كان الاحتلال يهيئ الظروف منذ مدة لوجود مليشيات منظمة من المستعمرين، كما أن الحكومة الإسرائيلية الحالية خصصت جزءا من ميزانيتها لدعم هذه المليشيات، ولكن تزامنا مع العدوان الإسرائيلي على غزة، لاحظنا تسريع الخطوات في بنائها ودعمها تحت مسميات أمنية".

ويردف: "ما يؤكد ازدياد خطورة هجمات المستعمرين مؤخرا واتخاذها شكل المليشيات التي تنفذ جرائم منظمة، هو ازدياد عدد الشهداء خلال اعتداءات المستعمرين"، فوفقا لمعطيات الهيئة، استُشهد 19 فلسطينياً على يد المستعمرين خلال اعتداءاتهم منذ بداية العام الحالي، 9 منهم خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ما يشكل ارتفاعا خطيرا عن الأعوام السابقة.

كما تؤدي هذه الجماعات الاستعمارية دورا كبيرا في تهجير التجمعات البدوية في العديد من مناطق الضفة تحت وطأة الاعتداءات والإرهاب والتهديد، وكان أبرزها تهجير تجمع وادي السيق الواقع شرق رام الله بالكامل في الأيام الأولى من بدء العدوان على غزة، وفقا للخواجا، علما أن هذا التجمع وغيره من التجمعات البدوية كانت مستهدفةً منذ فترة طويلة من سلطات الاحتلال.

وتشير التقارير الرسمية لدى هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أن هجمات المستعمرين في شهر تشرين الأول/ أكتوبر أدت إلى تهجير 9 تجمعات فلسطينية بدوية من مناطق السفوح الشرقية للضفة (قرب رام الله والقدس وبيت لحم) تتكون من 100 عائلة، وتشمل 810 أفراد.

ــــ

/م.ب

 

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا