أهم الاخبار
الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 23/11/2023 05:00 م

مصابو شمال القطاع .. جروح نازفة وإجلاء تحت تهديد النار

غزة 23-11-2023 وفا- حسين السنوار

لم تشفع الإنسانية ولا القوانين الدولية والعالمية للمرضى والجرحى من نزلاء مستشفيات شمال قطاع غزة لتلقي علاجهم على أسرتها، فقد أجبرت آلة البطش والعدوان الإسرائيلية على إجلائهم جنوبًا كما فعلت بالأصحاء الأحياء.

وكان مجمع ناصر الطبي ومستشفى غزة الأوروبي في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، على موعد مع استقبال نزلاء جدد، لم يأخذ المستشفيان في حسبانهما أن يكونوا ممن يتلقون العلاج على أسرّتهما، بعد أن اكتظت غرفهما وممراتهما بالمصابين والجرحى والنازحين من سكان محافظتي خان يونس ورفح نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر شهر ونصف، فكيف سيكون الحال مع زيادة عدد المصابين والجرحى ومرافقيهم والنازحين في تلك المستشفيات التي قد امتلأت أصلًا عن ذي قبل.

أما الإندونيسي والعودة المستشفيان الواقعان في محافظة شمال قطاع غزة، فقد أجبرت قوات الاحتلال بعد استهدافهما بالصواريخ، في ساحاتهما تارة وبالقصف المدفعي الذي لا يكاد يتوقف تارة أخرى، الطواقم الطبية على إجلاء المرضى والمصابين فيهما لمستشفيات جنوب القطاع، التي تعج أصلا بالمرضى والجرحى والنازحين من كافة محافظات القطاع.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إن قوات الاحتلال المتواجدة على حاجز نصبته خلال عدوانها على القطاع جنوب محافظة غزة، تعيق دخول سيارات الإسعاف والحافلات والمركبات التي تقل المصابين من مستشفيات شمال القطاع إلى جنوبه، وتقوم بتفتيشها بدقة كبيرة، الأمر الذي يعرض حياة الجرحى والمرضى للخطر خاصة وأن ذلك يأخذ وقتًا كبيرًا يقدر بأكثر من خمس ساعات.

وذكرت مصادر طبية أن قوات الاحتلال المتواجدة على ذلك الحاجز، اعتقلت عددًا من الجرحى وبعض العاملين والكوادر الطبية، بينهم مدير مجمع الشفاء الطبي الدكتور محمد أبو سلمية.

وقالت وزيرة الصحة مي الكيلة إن هذا الاعتداء يضاف إلى سلسلة جرائم قوات الاحتلال، وعدوانها على ‏المنظومة الصحية والإنسانية بقطاع غزة، التي قصفت واقتحمت العديد من المستشفيات، وقتلت وأصابت ‏المئات من الأطباء والممرضين والكوادر الصحية والإسعافية والمرضى النازحين.‎

وطالبت، الجمعية العامة للأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر ‏والهيئات الأممية كافة بالضغط على سلطات الاحتلال من أجل وقف عدوانها على قطاع غزة والضفة ‏الغربية.‏

وأشارت المصادر الطبية إلى إنه تم إجلاء 450 مصابا ومريضا من المستشفى الأندونيسي شمال قطاع غزة إلى مستشفى مجمع ناصر الطبي جنوب القطاع، لافتة إلى أن الاحتلال تحاصر المستشفى وأنهم يخشون أن يكرر ما فعله بمجمع الشفاء الطبي في غزة، وأن عملية الإجلاء تمت بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووزارة الصحة، وهو شرط وضعه الأطباء بعدما قصفت إسرائيل سيارة إسعاف في شمال غزة.

وأضافت المصادر أنه لا يزال هناك 200 مريض مع عدد من أفراد الطواقم الطبية في المستشفى، وأن العمل جار مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإجلائهم لمستشفيات جنوب القطاع، مشيرا إلى وجود نحو ألفي نازح داخل المستشفى وفي محيطه.

وقالت إن "الاحتلال أجبرنا على تكديس 260 مريضًا في 14 سيارة إسعاف"، وأن "الاحتلال نبش مقبرة حفرت في حرم مجمع الشفاء الطبي واعتدى على رفات 200 شهيد دفنوا فيها".

يشار إلى أن مجمع الشفاء الطبي هو أكبر تجمع طبي في قطاع غزة، قامت قوات الاحتلال باقتحامه بالدبابات والجرافات العسكرية ومئات الجنود وانتهكت حرمته الإنسانية والقانونية، وأجبرت الطواقم الطبية على إجلاء آلاف الجرحى والمرضى، بينهم 39 طفلاً من الخدج، علاوة على إجلاء مرضى الغسيل الكلوي وجرحى مبتوري الأطراف بسبب العدوان الإسرائيلي وقامت بتدمير أجزاء منه ولا تزال تتمركز فيه.

من ناحيتها، أعربت منظمة الصحة العالمية في بيان لها، عن شعورها بالفزع إزاء الهجوم الذي استهدف المواطنين الآمنين داخل المستشفى الإندونيسي في شمال القطاع.

وذكر البيان أن المستشفى الإندونيسي تعرض لأضرار بسبب الاستهداف الإسرائيلي، وأن الهجوم الأخير أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 12 مواطنًا بينهم مرضى ومرافقوهم.

وأضاف أن " المستشفى لا يزال محاصرًا، ولم يسمح لأحد بالدخول أو الخروج منه، كما وردت تقارير عن إطلاق نار باتجاه أولئك الذين حاولوا المغادرة، ولكن لم تقع إصابات أو وفيات حتى الآن".

وتجدر الإشارة إلى أن سيارات الإسعاف والحافلات والسيارات التي تقل الجرحى والمصابين، والتي احتجزت على حاجز للاحتلال، وصلت لمجمع ناصر الطبي بعد ساعات من رحلة التنقل بسبب الإجراءات الإسرائيلية أولًا، والأضرار الكبيرة التي لحقت بالطرقات من الشمال للجنوب من ناحية ثانية، من أجل استكمال علاجهم ورعايتهم الطبية، فيما لا يزال المئات عالقون داخل المستشفى ولم يتمكنوا من المغادرة بسبب ضراوة القصف وإطلاق النار تجاه المستشفى وفي محيطه.

وذكرت المصادر الطبية أن إجلاء الجرحى والمصابين متواصل، لكن لا يزال العشرات داخل المستشفى، وهم بحاجة ماسة إلى رعاية طبية كاملة، مضيفةً أنه تم إجلاء 111 شهيدًا من المستشفى الإندونيسي إلى مشرحة ومغسلة الموتى في مجمع ناصر الطبي، ثم للمقبرة التركية غرب خان يونس وتم دفنهم في مقابر جماعية بعد الصلاة عليهم من قبل بعض المواطنين والطواقم الطبية، كونهم مجهولو الهوية ومنهم نساء وأطفال، وتم دفنهم دون حضور عائلاتهم أو أحد من الأقارب والمعارف بسبب هوياتهم المجهولة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها دفن شهداء في مقابر جماعية خلال هذا العدوان، حيث تم دفن العشرات من مجهولي الهوية في مقبرة في ساحة ملعب قريب من المستشفى الإندونيسي، وأخرى في ساحة مجمع الشفاء الطبي.

الجريحة روان عبد الله من سكان منطقة الصفطاوي شمال مدينة غزة، فقدت ثلاثة من أطفالها وزوجها في قصف عمارة التاج وسط مدينة غزة، ونجت هي وابنتها بعد إصابتها إصابة بليغة في قدمها أدت لبترها، وبعد ذلك ذهبت ابنتها الناجية الوحيدة إلى بيت جدها في مخيم جباليا شمال القطاع، ليقصف البيت وتستشهد ابنتها الرابعة برفقة جدها و24 فردًا من العائلة.

وقالت عبد الله إنه تم نقلها لحظة إصابتها لمجمع الشفاء الطبي، ونظرًا لاكتظاظ المكان ووجود عدد كبير من الجرحى، تم تحويلها إلى مستشفى أصدقاء المريض، ثم إلى المستشفى الإندونيسي، ليتم إخراجها عنوة لمستشفيات جنوب القطاع في رحلة متعبة مرهقة بسبب ممارسات الاحتلال وكثافة إطلاق النار والقذائف والقصف الصاروخي على طول شارع صلاح الدين.

أما المصاب محمود المصري من بيت حانون شمال القطاع، فقال إنه أصيب بجروح وكسور في مختلف أنحاء جسده، وكان يتلقى علاجه في أقرب مستشفى لمكان سكناه، إلا أن كثافة النار والقذائف والقصف الصاروخي العشوائي في محيط المستشفى الاندونيسي، وبعد تهديد قوات الاحتلال لقصف واقتحام المستشفى، تم اجلاؤه لمستشفيات خان يونس.

وأشار إلى أنه وخلال رحلة نقله من الشمال للجنوب والتي وصفها برحلة الموت، تعرض هو وجميع المصابين والطواقم الطبية لتفتيش دقيق من قبل قوات الاحتلال التي نصبت حاجزًا ووضعت كاميرات مراقبة عليه، وأن عملية التفتيش والتدقيق زادت من معاناته ووجعه خاصة، وأن احتجازهم استمر في تلك المنطقة لأكثر من خمس ساعات متواصلة.

يشار إلى أن العدوان الإسرائيلي الشرس متواصل ضد قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي مخلفا أكثر من 14000 شهيد وآلاف الجرحى والمصابين، علاوة على تدمير آلاف المنزل وتهجير قرابة المليون مواطن من منازلهم في محافظتي غزة وشمال القطاع، إضافة لتدمير البنية التحتية والمستشفيات وقطع الاتصالات والانترنت.

___

ح.س/ي.ط

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا