جنين 4-6-2024 وفا- فاطمة ابراهيم
قبل عامين فقط أنهى أنس أبو الرب بناء منزل أحلامه في قرية جلبون شرق مدينة جنين، الذي كان يستعد فيه للاستقرار، وتأسيس عائلة، قبل أن تحوله جرافات الاحتلال الإسرائيلي إلى كومة حجارة.
ففي العام 2022، وصل أبو الرب إخطار بضرورة وقف البناء في منزله الواقع في الحارة الجنوبية من القرية، رغم أنه كان جاهزا للسكن، وذلك بحجة وقوعه ضمن المناطق المصنفة "C".
وعلى الرغم من تصنيف معظم أراضي قرية جلبون ضمن المناطق "C"، إلا أن اخطارات وقف البناء لا تتوقف على البيوت والبركسات، فإلى جانب أبو الرب وصلت 6 إخطارات أخرى في العام ذاته، وجميعها لوقف بناء منازل في القرية.
" حين وصلني الإخطار كنت قد أنهيت بناء المنزل، وتوجهت في ذلك الوقت مع الأهالي الذين تلقوا ذات الأخطار برفقة المجلس إلى محام، وإلى هيئة مكافحة الجدار، ورفعنا قضية للاعتراض على الاخطارات، لكن للأسف تم رفضها، ثم قدمنا استئنافا، ولم يصلنا الرد حتى اللحظة"، يقول أبو الرب.
وحينما كان ينتظر هو وبقية العائلات المخطرة حكم محكمة الاستئناف، أقدمت جرافات الاحتلال، صباح يوم أمس، الثالث من حزيران، على هدم منزل احلامه، بالإضافة إلى منزلين آخرين في القرية.
ويصف أبو الرب وهو معلم مدرسة، ما حدث معه، قائلا" عند الثامنة والنصف من صباح يوم أمس تفاجأت بجرافات الاحتلال أمام منزلي، أخبروني أنهم سيهدمونه، ورغم ابلاغهم بأنه لم يتلق اخطارا بذلك، الا أنهم أصروا على المضي قدما بالهدم، وأمهلوني نصف ساعة- بعد الحاح كثير مني- لإخراج الأثاث، الذي كان جميعه جديدا، فقد أنقفت جميع ما أملك لبناء المنزل، بمساعدة عائلتي".
وفي وقت قصير جدا، خاض أقارب وجيران أبو الرب سباقا مع الزمن لإفراغ ما يستطيعون من المنزل قبل انتهاء المهلة، وبعد ساعة واحدة بات المنزل المكون من طابقين بمساحة 240 مترا مربعا، إضافة لحديقة خارجية أثرا بعد عين، ليعود أبو الرب أدراجه إلى منزل ذويه، وسط خيبة أمل كبيرة".
في الشارع الخلفي لمنزل أبو الرب، هدمت جرافات الاحتلال منزلين آخرين، لذات الذريعة، أحدهما لعائلة رشيد نافع أبو الرب، والذي تبلغ مساحته 300 متر مربع، ومشيد قبل حوالي 40 عاما"، كما قال نمر نافع شقيق صاحب المنزل، إلا أن الاحتلال قرر هدمه، وتشريد 8 أفراد يعيشون فيه.
يقول نمر شقيق صاحب المنزل "أخي رشيد يعيش في الولايات المتحدة، وفضل أن يبنى منزلا له في مسقط رأسه، ليسكن فيه كلما جاء للزيارة، فأولاده الثمانية يعيشون فيه، ولكن الاحتلال شردهم، ومنعهم من جمع ممتلكاتهم، وحاولنا جمع ما نستطيع، لكن هذا عمر وذكريات فكيف سنجمعها؟".
ويضيف" الآن أولاد أخي الثمانية يعيشون عندي في المنزل، وأصبح عددنا 12 شخصا، بمساحة صغيرة، والمشكلة أن كل أراضي القرية ممنوع البناء فيها، أين نذهب؟ كيف نبنى بيوتا، ومصيرها معروف، وهو الهدم".
ويتابع: الاحتلال يمنع أهالي القرية من إقامة أي نشاط عمراني، في حدود الـ3000 دونم القريبة من الجدار، حيث تعرض عدد من منازل القرية للهدم في تلك المنطقة، كما أُخطر عدد آخر بوقف البناء، والعمران فيها".
ويحيط بجلبون ثلاث مستعمرات وهي: "معالي جلبوع، وميراف، والملك يشوع"، وكلها أقيمت بعد عام 1976، كما أقيم جدار الفصل والتوسع العنصري على أراضيها عام 2004، بعد الاستيلاء على قرابة 1500 دونم، من أراضي المواطنين لبناء الجدار، الذي حرم غالبية أهالي القرية من أراضيهم.
ويبلغ عدد سكان جلبون 3500 نسمة، فيما بلغت مساحتها التاريخية 34 ألف دونم حتى عام 1948، وتم الاستيلاء على الجزء الأكبر من أراضيها، لتصبح مساحتها بعد بناء جدار الفصل والتوسع العنصري عام 2004، حوالي 8 آلاف دونم فقط
ونفذت سلطات الاحتلال خلال شهر أيار/ مايو المنصرم 47 عملية هدم في الضفة، طالت 66 منشأة، منها 35 مسكنا مأهولا، و5 غير مأهولة، و15 منشأة زراعية، وغيرها، بحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
ـــــــــــ
س.ك