أهم الاخبار
الرئيسية من العالم
تاريخ النشر: 09/05/2023 12:57 م

الجفاف يدفع القرويين العراقيين للنزوح للمدن

كربلاء (العراق) 9-5-2023 وفا- كان حيدر محمد يزرع القمح والشعير في أرضه جنوب العراق، كما كان يفعل والده من قبله، لكنه اليوم يكسب قوته كعامل بناء، بعدما أرغمه الجفاف على هجر أرضه والنزوح إلى المدينة في محافظة أخرى.

ويقول الرجل الأربعيني الذي يقطن منذ العام 2017 في كربلاء، التي تضمّ مراقد دينية هامّة وتعدّ مركزاً للسياحة الدينية، إن "الانتقال كان صعبا، فنحن غير معتادين على المدينة".

في الحيّ العشوائي الذي بنى فيه محمد منزله، تصطف على طول الشوارع الضيقة مبانٍ رمادية اللون. على مدخل الحيّ الذي تمدّه البلدية مجاناً بالمياه والكهرباء، ترعى بضعة أبقار من الأرض التي تنتشر فيها القمامة، وتمرّ فوقها أسلاك كهربائية متشابكة.

يقول محمد، الذي نزح من قرية آل خنيجر في محافظة الديوانية، "لا عمل في منطقتنا التي تعتمد على الزراعة وتربية الحيوانات. الزراعة و الحيوانات انتهت، ورأينا أن لا لقمة عيش لنا إلا في كربلاء".

ويضيف "نحن نريد أن نأكل الخبز، كل شخص يريد أن يكدّ لعائلته، عندي أربعة أولاد بالمدارس، يحتاجون إلى مصروف ومال للنقل والثياب".

ومحمد الآن عامل مياومة حينما يجد فرصة في مواقع بناء. ولكي يتمكن من جني 15 دولاراً في اليوم، يعمل كذلك سائق سيارة أجرة.

ويضيف الرجل، صاحب الشاربين المشذبين والذي ارتدى عباءة سوداء أنيقة، "إن لم تعمل، لن تأكل".

في قريته، كان حجم محاصيل السنوات الخيّرة يصل إلى 40 و50 طناً، لكن "شحّ المياه أثّر على الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية"، كما يقول.

وتصنّف الأمم المتحدة العراق من بين الدول الخمس الأكثر تأثراً بالتغيّر المناخي، في حين يندّد العراق بالسدود التي تبنيها دول مجاورة، والتي تسبّبت بنقص ملحوظ بمنسوب الأنهار الوافدة إلى أراضيه.

مع تراجع الأمطار، استفحل الجفاف بقوّة في السنوات الأربع الأخيرة، ما دفع السلطات إلى الحدّ بشكل كبير من مساحات الأراضي المزروعة، بما يتناسب مع كميات المياه المتوفرة.

حتى منتصف آذار/ مارس، كانت هناك 12 ألفاً و212 عائلة (73 ألفاً و272 شخصاً) نازحةً بسبب الجفاف في عشر محافظات عراقية وسط وجنوب العراق، بحسب تقرير نشرته مؤخراً منظمة الهجرة الدولية.

ومن بين المحافظات الأكثر تأثراً، ذي قار وميسان والديوانية، وفق المنظمة، مشيرةً إلى أن 76% من العائلات النازحة تذهب إلى مناطق حضرية.

بالنسبة لمحافظ الديوانية ميثم الشهد، قد يعزّز هذا النزوح مشكلة "البطالة لعدم وجود فرص عمل تكفي الأعداد الكبيرة التي هاجرت إلى المدينة".

وحذّر من أن "هجرة السكان من الأرياف للمدينة تسبّب اكتظاظاً في عدد السكان، وبالتالي قد لا تلبّي الخدمات احتياجات هذه الأعداد"، علما أن البنى التحتية في المدن متهالكة بفعل سنوات من الحروب والفساد وسوء الإدارة.

وبسبب الجفاف، باتت "آلاف الدونمات الزراعية" في الديوانية مهجورة، وفق المحافظ، بعضها منذ خمس سنوات. وتعيش 120 قريةً في المحافظة من دون ماء للشرب والاستعمال اليومي، مقابل 75 في 2022. ومنها قريتا آل خنيجر وآل بو زياد حيث قناة الري الرئيسية جافة بالكامل.

في آل بو زياد، لا تزال هناك 170 عائلةً في القرية، وفق مختارها منذ 12 عاماً ماجد رحام. وخلال عامين، هجرت مئة عائلة القرية نحو كربلاء أو نحو مدينة صغيرة أخرى تبعد نحو ساعة.

عند مدخل آل بو زياد، بيوت من الطين تركها سكانها، وأخرى من الآجر قيد الإعمار، تُركت كما هي. بعضها يعود لعائلة المختار،  الذي ترك خمسة من أولاد أعمامه القرية.

ويقول المختار بحرقة "لم يحصل هذا هنا من قبل، وُلد أجدادنا هنا وعشنا هنا منذ عمر... الناس يعيشون هنا منذ مئة سنة، لم تحصل هجرة مماثلة من قبل".

ويعيش الناس في القرية على المياه الموزعة من صهاريج تابعة للبلدية لا تكفي حاجتهم.

كما يحصلون على إعانات من الدولة، بينما يقطع بعض أفراد العائلات كل يوم مسافات شاسعة ليعملوا في مدينة مجاورة، كما يروي المختار.


مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا