أهم الاخبار
الرئيسية من العالم
تاريخ النشر: 22/05/2023 04:14 م

فنان عراقي ينشط للحفاظ على قارب تراثي

بغداد  22-5-2023 وفا- تجوب نهر دجلة في بغداد، مراكب "مشحوف" خشبية يقودها شبان عراقيون في مقتبل العمر، دعماً لجهود فنّان يسعى للحفاظ على هذه القوارب التقليدية التي تعود إلى أيام السومريين.

ويؤكد الرسام والنحات رشاد سليم، مؤسس جمعية "سفينة"، ضرورة إنقاذ "هذه الملامح الأساسية من حضارتنا التي لا تزال موجودة منذ أربعة أو خمسة آلاف سنة، من الانقراض".

والمشحوف هو مركب مصنوع من الخشب يتخذ شكل هلال رفيع ذي مقدمة ضيّقة تعلو عن سطح المياه، وحافظ على تصميمه منذ عهد السومريين، الذين حكموا جنوب بلاد ما بين النهرين منذ آلاف السنين.

منذ العام 2018، بدأ الفنان البالغ 62 عاماً، رحلة البحث على آخر صانعي المشحوف في العراق، قادته الى قرية الهوير في جنوب البلاد على مقربة من الأهوار، المسطحات المائية المدرجة على قائمة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي.

ولينتشل من غياهب النسيان هذا القارب المهدّد منذ عقود جراء انتشار المراكب التي تعمل بمحركات، دفع سليم نحو إعادة صناعة المشحوف، عبر التعاون مع أندية للألعاب المائية أو تأسيس فرق للشباب تعنى بالابحار على متن المشاحيف.

التواصل مع البيئة

عند عصر يوم ربيعي في بغداد، تجمّع شباب في العشرينيات من العمر، لقيادة 18 من هذه القوارب خلال عرض أقيم كجزء من مهرجان ثقافي.

ضرب الشبان بمجاذيفهم يمنة ويسرةً للحفاظ على توازن المراكب لدى عبورها مياه نهر دجلة. بالنسبة لكثيرين، هذه الرحلة هي جزء من تجربة لا تزال ناشئة، ومنهم عمر يوسف (21 عاماً) الذي بدأ قبل شهر بقيادة "المشحوف" بعدما راكم خبرة على مدى خمسة أعوام في ركوب الأمواج الشراعية.

يقارن يوسف بين رياضة يتقنها تعتمد على الهواء ويجب الحفاظ فيها على توازن الجسم، ورياضة يتعلّمها تحفّز على تحريك الكتفين والذراعين.

لكن الأهم بالنسبة إليه هو أن المشحوف جزء "من تاريخ البلاد وحضارتها".

توجد حاليا سبعة أندية مائية، لكل منها ثمانية مراكب، تتوزع بين بغداد ومحافظة بابل (وسط) ومحافظات أخرى في جنوب العراق، أنشئت بفضل تمويل بريطاني أو من التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع.

وتسمح هذه المبادرة للشباب في أن "يتواصلوا مع البيئة"، وفق سليم الذي يبدي خشيته من الوضع "المرعب" للأنهار لجهة "ملوحة المياه والتلوث" في بلد يعاني من التغير المناخي والجفاف.

إحياء التراث

في العام 2013، شارك سليم على متن قوارب تقليدية، في حملة نظمتها منظمة "طبيعة العراق" غير الحكومية، حيث قطع 1200 كيلومتر في دجلة، من جنوب تركيا وحتى أقصى جنوب العراق.

ولم تكن تلك المغامرة الأولى التي يخوضها. في العام 1977، برعاية النروجي ثور هيردال، كان سليم أصغر أعضاء طاقم سفينة "دجلة" سناً، وهي سفينة ضخمة صنعت من القصب وقطعت 6800 كيلومتر في البحر، خلال 143 يوماً.

انطلقت تلك السفينة من جنوب العراق، وعبرت الخليج وبحر العرب، مروراً بالمياه المقابلة لباكستان، وصولاً إلى جيبوتي، مستعيدة التواصل عبر البحار بين حضارات بلاد ما النهرين ومصر ووادي السند القديمة.

إضافة الى المشحوف، يرغب سليم في إحياء مركب "القفّة" الدائري المصنوع من القصب، ويمكن لقطره أن يتجاوز المترين.

لكن التحدي الأهم بالنسبة إليه حالياً هو إيجاد حلول مالية مستدامة أو خطة عمل للحفاظ على مشروعه وضمان "عمل للناس".

على بعد 400 كلم في جنوب العراق، يستذكر الأربعيني زهير ريسان كيف كان طفلاً يساعد والده وأشقاءه الأكبر سناً في تصنيع المشاحيف التي يتراوح طولها بين 5 إلى 11 متراً.

ويقول "لقد توقفنا منذ 30 عاماً"، لكنّ العمل عاد تدريجياً منذ نحو أربعة أعوام.

داخل مضيف تقليدي مبني من القصب، يقوم ريسان بنشر الألواح ويساعد ابن عمه في تثبيتها على قارب يقومان بتصنيعه. مع ذلك، لم يترك عمله كسائق شاحنة، فصناعة المراكب وحدها لا تكفي.

ويقول ريسان، وهو أب لثمانية أطفال، "لا أستطيع أن أغطي مصاريف البيت"، مضيفاً "الطلب غير كافٍ".

ويتابع: "دول تأتي بحثاً عن هذا التراث ولتشجيع إحيائه. لماذا لا نقوم نحن أنفسنا بذلك؟".

 


مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا