رام الله 23-9-2025 وفا- صدرت حديثًا عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان وبيروت الرواية الجديدة لأستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، وليد الشرفا، بعنوان "أن يأتي الليل دونك"، لتكون الإصدار الخامس في مسيرته الأدبية بعد رباعيته اللافتة "رباعية الشواهد"، التي وثّقت النكبة والنكسة والخيبة وتحولات الكينونة الفلسطينية بأسلوب سردي مغاير.
في روايته الجديدة، يواصل الشرفا تجديد أدوات السرد، حيث يجعل من الحب المحرك الأساسي للحكاية والمعنى، بلغة تراجيدية تتقاطع فيها الأسطورة مع الواقع. تدور الأحداث في مدينة نابلس خلال مرحلة ما بعد الانقسام الفلسطيني، وتكشف الرواية ارتباك الحالة النضالية بين السلطة والثورة، والانقسام والفساد، وتشظي الهوية الوطنية، في لوحات سردية تفضح حجم الخراب الداخلي الذي أصاب الواقع الفلسطيني بعيدًا عن أي يقين أيديولوجي أو حتمية تاريخية.
تبدأ الرواية من أحلام الحب والدفء حول موقد يطل على نابلس، وصولًا إلى مشاهد الاغتيال والاشتباك والتحولات النضالية، حيث ينقلب الحلم إلى صقيع في ثلاجة الموتى بعد احتجاز جثمان عماد، الشخصية المركزية في العمل. وتبرز الشخصيات النسائية في الواجهة، خصوصًا لماء، خطيبة عماد، التي تحفظ العهد وتقاوم الانكسار.
الرواية، وهي الثالثة التي تتخذ من نابلس مكانًا رئيسًا بعد "وارث الشواهد" و"ليتني كنت أعمى"، تعكس حميمية عالية في العلاقة مع المكان، وتُهيمن عليها لغة شعرية مكثفة تحاكي الأحلام والكوابيس والوصايا، وتنسج مزيجًا من الهواجس والأساطير. وفي الوقت ذاته، تكشف الرواية عن وطن يتفكك وثورة تتعفن، وتجعل من الحب مرآة تحاكم الواقع السياسي والاجتماعي.
ويشكّل مشهد النهاية ذروة العمل، حيث يتواجه الجندي الذي يقرر هدم بيت عماد مع ذاكرة الموت والولادة، في حوار يفتح على محاكمة القوة والأسطورة والهزيمة والنصر، ليؤكد أن القوة ليست دائمًا الحكم الفصل.
يواصل وليد الشرفا بهذا العمل مشروعه السردي المتفرّد، حيث تتداخل الأغاني واللوحات والهواجس والاستدراكات لتولّد معاني مركبة تنبع من حساسيته الفنية ومعرفته الأكاديمية، ما يجعل من الرواية إضافة نوعية في مسار السردية الفلسطينية الحديثة، وانعطافة جديدة في تجربته التي لا تكرر أحدًا ولا تنقطع عن إرثه السابق.
ــــــ
ف.ع