الرئيسية تقارير وتحقيقات
تاريخ النشر: 21/10/2022 06:19 م

عاطوف وأم الكبيش.. ماذا بعد الإخطارات؟

أرشيف (وفا)
أرشيف (وفا)

 

طوباس 21-10-2022 وفا- إسراء غوراني

خلال الأيام الماضية، أخطرت سلطات الاحتلال عددا من المزارعين من منطقتي عاطوف وأم الكبيش جنوب شرق طوباس باقتلاع أشجار زيتون من أراضيهم، فيما شمل أحد الإخطارات آلاف الأشجار الحرجية في قرية عاطوف.

ويتخوف مراقبون ومختصون أن تكون هذه الإخطارات خطوة تمهيدية لإخلاء المناطق المخطرة ومنحها لاحقا للمستوطنين، خاصة أن هذه الإخطارات تتزامن مع اقتحامات متواصلة من المستوطنين وخاصة لمنطقة أم الكبيش.

فيصل بني عودة أحد المزارعين الذين شملتهم هذه الإخطارات، حيث أخطرته سلطات الاحتلال باقتلاع 70 شجرة زيتون يمتلكها، ويتذرع الاحتلال في إخطاراته بأنها مزروعة ضمن ما يسمى "أراضي دولة".

يقول بني عودة في حديثه لـ"وفا"، إن هذه الأرض يمتلكها أبا عن جد، لكن الاحتلال يحاول خلق ذرائع لإخراجهم منها والاستيلاء عليها بأية طريقة.

من الملاحظ مؤخرا، أن غالبية المزارعين يعثرون على الإخطارات بالصدفة خلال تفقدهم لأراضيهم، فسلطات الاحتلال تنتهج وضع الإخطارات في الأراضي دون تسليمها بشكل مباشر لأصحابها، وهذا ما حدث مع كافة المزارعين المخطرين مؤخرا.

وتسيطر حالة من القلق على المزارعين في المنطقة، والذين يتوقعون أن تشرع سلطات الاحتلال خلال الفترة المقبلة باقتلاع هذه الأشجار، ويرون أن هذه الإخطارات مقدمة لمرحلة صعبة، قد تعني حرمانهم من أراضيهم نهائيا.

بدوره، يوضح رئيس مجلس قروي عاطوف عبد الله بشارات، أن أحد هذه الإخطارات موجه لمنطقة حرجية ورعوية في عاطوف تبلغ مساحتها 1600 دونم، حيث يخطر الاحتلال بإزالة 30 ألف شجرة حرجية منها، وهذا الإخطار يعني أن الاحتلال يخطط للاستيلاء الكامل على هذه المنطقة.

وفقا لبشارات، هذه الأراضي آخر ما تبقى من مساحات رعوية للمزارعين في عاطوف بعد استيلاء الاحتلال على غالبية المساحات الرعوية في مناطق الأغوار الشمالية، وبالتالي الاستيلاء على هذه الأراضي ينتج عنه مشكلة حقيقية لمربي الثروة الحيوانية في المنطقة.

في هذا السياق، يؤكد الباحث في مركز أبحاث الأراضي رائد موقدي أن سلطات الاحتلال صعدت خلال السنوات القليلة الماضية من وتيرة استهداف المزارعين ومقومات صمودهم في مختلف مناطق الأغوار الشمالية ومحيطها.

ويشير إلى أن استهداف المزارعين يتخذ أشكالا عديدة، أهمها الاستيلاء على الجرارات والمعدات الزراعية، إضافة إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، ويتمثل ذلك باتلاف خطوط نقل المياه، وهدم برك وآبار تجميع المياه، ومنع شق الطرق الزراعية، ويضاف لذلك اقتلاع وتدمير الأشجار والمحاصيل الزراعية.

ويمكن تفسير الإخطارات الأخيرة في منطقتي عاطوف وأم الكبيش، وفقا لموقدي، على أنها استهداف مباشر للمنطقة بهدف إخلائها من المزارعين لتسهيل الاستيلاء الاستيطاني عليها، علما أن اقتصاد ودخل المواطنين في هذه المنطقة قائم على الزراعة بشقيها النباتي والحيواني.

ويضيف: تتخذ سلطات الاحتلال مبررات وتصنيفات كثيرة لمنع الزراعة وتطورها في المنطقة، ومن بين هذه المبررات أراضي الدولة، والمحميات الطبيعية، وغيرها من المبررات التي تخدم نفس الهدف وهو إخلاء هذه المناطق وتسهيل الاستيطان فيها، كما يسن الاحتلال قوانين ويحدث قوانين أخرى بما يخدم مصالح الاحتلال والاستيطان.

وفقا لمعطيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة بتسيلم: "تمنع إسرائيل الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة الأغوار وشمال البحر الميت وتستغلّ هذه المساحة لاحتياجاتها، إنّها تمنعهم من المكوث في تلك الأراضي والبناء فيها ورعي أغنامهم وفلاحة أراضيهم الزراعية".

"تستند إسرائيل في ممارساتها هذه إلى ذرائع قانونية مختلفة"، حسب "بتسيلم"، منها ما يسمى "أراضي الدولة"، ومناطق إطلاق النار، والمحميات الطبيعية، إضافة إلى الأراضي التي خصصت للمستوطنات التي أقيمت بعد احتلال الأغوار بوقت قصير.

وعن أهمية المناطق التي يخطر الاحتلال بإزالة الأشجار منها مؤخرا، أوضح موقدي أن هذه المناطق ذات طابع حيوي زراعي.

كما أن المنطقة ذات بعد استراتيجي، فأم الكبيش منطقة مرتفعة تطل بشكل مباشر على معظم أراضي طمون وسهل البقيعة، ومنطقة عاطوف تعد امتدادا زراعيا لهذا السهل.

يؤكد موقدي أن القضاء على الزراعة واقتلاع الأشجار ومنع المزارعين من هذه المنطقة يعني أنها ستصبح بشكل أو بآخر تحت سيطرة المستوطنين، خاصة أن هذه الإخطارات تتزامن مع زيارات استفزازية ينفذها المستوطنون وتحديدا في منطقة أم الكبيش، فهذه الزيارات تتخذ طابع السياحة في ظاهرها ولكن الهدف الأساسي منها هو استطلاع المنطقة للسيطرة عليها، وبهذا يتكامل دور المستوطنين مع دور سلطات الاحتلال.

وثق مركز أبحاث الأراضي خلال العام 2021، نحو 17,755 اعتداء على الشجر للاحتلال والمستوطنين في محافظات الضفة الغربية والقدس، منها 9965 شجرة زيتون، كما وبلغ عدد الأشجار التي أعدمت بالكامل 13,845 شجرة، و3910 تضررت بشكل جزئي، و483 شجرة تم إخطارها بالقلع.

في محافظة طوباس وحدها، وثق المركز 747 شجرة تعرضت للاقتلاع كليا خلالةالعام 2021.

بدوره، يوضح الناشط الحقوقي عارف دراغمة أن منطقة أم الكبيش تعرضت لحملة واسعة قبل ثلاثة أعوام، تم خلالها اقتلاع أشجار زيتون وأشجار حرجية، بالإضافة لتدمير خزانات مياه.

ويشير إلى أن هناك أطماعا استيطانية في المنطقة منذ سنوات طويلة، خاصة من مستوطني "بقعوت"، وهي أقرب المستوطنات إلى المنطقة، وهناك تخوفات من احتمالية إقامة بؤرة استيطانية فيها.

ينوه  دراغمة إلى أن الذرائع التي يسوقها الاحتلال عند تقديم الإخطارات سواء بالهدم أو بإزالة الأشجار هي مجرد ذرائع لتبرير الاستيلاء على الأراضي ومنحها لاحقا للمستوطنين، وفي مناطق الأغوار الشمالية هناك العديد من الدلائل على ذلك، فخلال العام 1985 أغلقت سلطات الاحتلال حوالي 50 ألف دونم أمام الفلسطينيين في منطقة المزوكح بذريعة أنها "محميات طبيعية"، لاحقا أصبحت هذه الأراضي تضم معسكرين للجيش.

ـــــــــ

إ.غ/ م.ع

مواضيع ذات صلة

اقرأ أيضا