غزة 1-8-2025 وفا- حسين نظير السنوار
امتزجت رائحة الطحين والدم والغبار على ملابس وأجساد المواطنين الذين ينتظرون دخول المساعدات لقطاع غزة بعد أن فرقتهم آلة الحرب ورصاص وقذائف الاحتلال، بين شهيد وجريح ومفقود.
قرب مراكز توسع المساعدات "مصائد الموت"، تجمع مئات المواطنين رغم المخاطر العالية، إذ يكاد الرصاص لا يهدأ، ورغم ذلك تواصل الحشود التقدم من أجل الحصول على كيس طحين أو أقل من ذلك بكثير، فالبعض منهم عندما يفقد الأمل يجمع الطحين المخلوط بالرمل من الأكياس التي تمزقت بفعل التدافع من أجل الحصول على طحين.
ويقول المواطن يوسف زعرب: أجبرتني حالة العوز والمجاعة التي تعيشها عائلتي المكونة من تسعة أفراد على المجازفة مرات كثيرة للذهاب لمراكز المساعدات على أمل الحصول على بعض المساعدات سواءً الموجودة في منطقة شارع الطينة أو الشاكوش والعلم، ولكن من هول ما رأيت اليوم من دماء وشهداء وأشلاء أقسمت ألا أعود لهناك حفاظا على نفسي ومراعاة لظروف عائلية المجوعة أن تفقدتني.
ويتابع: هناك القوي وصاحب النية الجسدية السليمة هو من يتمكن من الحصول على المساعدات وهم قلة في ظل المجاعة وازدياد حالة الهزل لدى المواطنين، أما باقي المواطنين فلا يستطيعون الحصول على أي شيء من شدة الازدحام وقلة المواد الغذائية المتوفرة في تلك المراكز ولخطورة الأوضاع والموت الذي يحف المواطنين هناك من كل جانب.
بينما قال المواطن تيسير راضي: أصبحت لقمة العيش صعبة المنال في ظل حالة المجاعة والنزوح والتشرد التي يعيشها شعبنا، والذي يجبرنا على الذهاب لهذه المناطق والمراكز لحاجتنا الملحة لرغيف الخبز الذي نفتقره بشدة في هذه الظروف.
ويشير راضي إلى أنه يأتي لمناطق المساعدات ليحصل على بعض الطحين والمواد الغذائية الأخرى، وفي حال عدم حصوله عليها بالمجان يقوم بشرائها من تلك المناطق لأن سعرها أرخص من السوق لعدم وجود تكلفة نقل ومواصلات مضافة إلى تلك السلع، آملا أن تنتهي هذه الطريقة في توزيع المساعدات التي وصفها بالمذلة للمواطنين المجوعين الذين يريدون سد جوعهم وجوع أطفالهم بأي ثمن.
أما المواطنة خديجة يونس قالت: بعد أن سمحت قوات الاحتلال للنساء بالذهاب لمراكز التوزيع أصبحت أذهب لهناك عليّ أتمكن من الحصول على الطعام رغم معرفتي ويقيني المسبق بأن الذهاب لهناك يعني الذهاب للموت، غير ان الحاجة والعوز يجبران المواطنين للذهاب للحصول على الطعام من بين فكي الموت وتحت القصف والرصاص.
فيما يقول المواطن محمود قديح إن قوات الاحتلال في مراكز الموت تتعمد إحداث فوضى وقتل وإصابات مباشرة في صفوف المواطنين، خاصة خلال تجمهر المواطنين في ساحات الانتظار الخارجية لتلك المراكز حيث يطلقون النار بكثافة مما يؤدي إلى استشهاد وإصابة أعداد كبيرة من المواطنين.
وأشار إلى أن إطلاق النار من الممكن أن يتواصل لساعات طويلة ومتواصلة دون أي أسباب تذكر سوى قتل المواطنين وإيقاع أكبر عدد منهم بين شهيد وجريح.
وأضاف: حاولت عدة مرات الحصول على المساعدات بشكل مجاني لكنني لم أتمكن من الحصول على أي لقمة، واجتهد بشراء بعض المواد الغذائية والطحين من هناك ولكن في غالب الأحيان لا استطيع لقلة العرض وزيادة الطلب في المكان خاصة وأن غالبية المواطنين لا يستطيعون الحصول على المساعدات بشكل مجاني فيتوجهوا لشرائها ممن استطاع الحصول عليها وبأسعار غالية جدا لا يقوى عليها المواطنين المحاصرين والمجوعين والمنهكين من ويلات الحرب.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، فإن الأرقام تؤكد أن غزة تواجه خطرا بسبب المجاعة، وأن الوقت ينفذ لإطلاق استجابة إنسانية شاملة، وأن واحد من كل ثلاثة أشخاص بغزة يقضي أياما دون طعام و75٪ يواجهون مستويات طارئة من الجوع، وحوالي 25٪ يعانون ظروفا شبيهة بالمجاعة.
بينما يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، محذرةً من أن الإبادة الجماعية ستمتد ولن تقتصر على قطاع غزة.
وقالت المنظمة في بيان لها، الوضع بغزة يستدعي تحركا دوليا لوقف الإبادة الجماعية، وأنه يجب على أوروبا والولايات المتحدة التحرك لوقف الإبادة بغزة، مؤكدة أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يشمل التهجير القسري ومحاولات التطهير العرقي.
أما منظمة العفو الدولية فتقول إن الهدنة التي أعلنتها إسرائيل خلال ساعات النهار في غزة غير كافية في ظل ارتكابها إبادة جماعية بحق الفلسطينيين الذين يواجهون ظروفا كارثية، وأنه يجب إعادة نظام المساعدات الإنسانية بقيادة الأمم المتحدة وتفكيك النموذج الكارثي والقاسي للمساعدات المسلحة التي تفرضها إسرائيل.
وشددت المنظمة في بيان لها أنه يجب وقف إطلاق نار فوري ومستدام وإنهاء الإبادة الجماعية في غزة، وأنه يقع على عاتق المجتمع الدولي التزام أخلاقي وقانوني بالتحرك بحزم ضد قتل وتجويع الفلسطينيين في غزة.
بينما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن قتل إسرائيل للفلسطينيين الباحثين عن الطعام جريمة حرب، وإن الجيش الإسرائيلي المدعوم من أمريكيا والمقاولون وضعوا نظاما عسكريا معيبا لتوزيع المساعدات بغزة.
وأضافت المنظمة في بيان لها أن نظام توزيع المساعدات في غزة تحول إلى حمامات دم منتظمة، وأن الوضع الإنساني المزري نتيجة مباشرة لاستخدام إسرائيل تجويع المدنيين سلاح حرب، مشددة على أن استمرار إسرائيل في حرمان الفلسطينيين بغزة من المساعدات جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية.
يشار إلى أن حصيلة الشهداء من منتظري المساعدات ممن وصلوا إلى المستشفيات وصل إلى 1,239 شهيدا، وأكثر من 8,152 مصابا.
ــ
إ.ر